البسط مونتسكيو:ترجمة إدريس كثير
من ريكا إلى أوزبيك
اعتقدت أنك تريد قضاء ما تبقى من حياتك في
البادية . لم أفتقدك في البداية إلا يوما أو يومين و الآن مرت خمسة عشر يوما و لم
أراك . صحيح أنت الآن في منزل فاره ،
وعثرت فيه على رفقة تلائمك ، حيث تفكر بعقلك
هنيئا مريئا : لا حاجة لك في المزيد وإلا نسيت العالم برمته .
أما أنا فأعيش تقريبا نفس الحياة التي عهدتني
أحياها : أنغمس في العالم و أبحث عن معرفته . بدأ عقلي لا شعوريا في فقدان كل ما
هو آسيوي ، و في الميل دون مجهود يذكر إلى العادات الأوربية . لم أعد أفاجأ برؤية
خمس أو ست نساء برفقة نفس العدد من الرجال ، وأجد في الأمر خيالا جميلا .
يمكنني القول بأني لا أعرف هؤلاء النساء إلا
منذ تواجدي هنا ومع ذلك لقد تعلمت في شهر ما لم أتعلمه منذ ثلاثين سنة في الحريم .
طبائعنا رتيبة متطابقة ، لأنها مكرهة مسيرة
ولا نرى الناس على ما هم عليه و إنما على ما أكرهناهم أن يكونوا عليه . في هذه
العبودية للعقل و القلب لا نسمع سوى صوت الخوف الصوت الواحد و الوحيد ولا نسمع صوت
الطبيعة التي تعبر عن ذاتها بطرق مختلفة و تظهر بأشكال شتى .
الإخفاء ، هذا الفن المنتشر و الضروري لدينا
غير معروف هنا : الكل يتحدث و الكل يسمع وكل شيء يمكن رؤيته ، والقلب يفصح عن ذاته
كالوجه في العادات و التقاليد ، في الفضيلة و حتى في الابتلاء . هكذا نشاهد دائما
الجانب الساذج فيهم .
لا بد ، لإثارة إعجاب النساء ن من موهبة
مختلفة عما يعجبهن عادة ، موهبة فيها ضرب من البسط يثير مرحهن ويعدهن بما لا يتحقق
إلا في مراحل بعيدة .
هذا البسط الذي وجد بشكل طبيعي لأجل الزينة
..بدا كما لو أنه أصبح ميزة عامة تمتاز بها الأمة كاملة : بسط في الاجتماعات
الرسمية و في قمة مجالس الجيش و في ردهات السفارات ..إن الوظائف لا تبدو مقرفة إلا
بالقدر الذي تظهر فيه أكثر جدية . الطبيب لن يكون مقرفا لو كانت ملابسه أقل حزنا و
كان يقتل الناس بنوع من البسط .
1714
الرسائل الفارسية ص
160_161