الــقيامة :مليكة العاصمي
خاص
وحدكَ الآن
شبَحا صِرتْ
دون ماضٍ ولا حاضرٍ أو غدٍ
طَوَّحتْكَ العفاريتُ في القفرْ
لا سَكَنٌ أو وِطاءٌ تُريحُ به جُرحَكَ المتفَغِّرَ
ينهشُهُ النسرْ
واقفٌ تتآكلُ ساقاكْ
ستَخِرُّ إلى اللاَّمكانْ
لا عمَدٌ يُسنِد ذاتَكَ
لا كفٌّ يلقُطُ بعضَ الإرَبِ المَنثورةِ من حُلمِكَ
شبحًا صرتْ
هَلْ مرَّ الزلزالُ هُنا
هَلِ الأرضُ مادتْ
والأبراجُ
وهذي المدائنُ
هلْ طُمِرَتْ
والصحائفُ
واللَّوْحُ
والقلَمُ الرَّطْبُ
هلْ جرَفَ السَّيْلُ حِبْرَهُ
هل حَلَّ وقتُ القِيامةِ مِن قبلِ مَوعدِهِ
فَطَوَى العُمْرَ
عَفَّى على أَثَرِ العَابرينَ
وعَرَّجَ نحو السماءِ فَطافَ على الحُلمِ
أَم هلْ تَخَطَّفَهُ في الخيالِ العميقِ البعيدِ
مع الصُّوَرِ الفاتنةْ
والكنوزِ الخبيئاتِ في غرفِ الذاكرةْ.
كان هذا الغريبُ يَصيدُ الأَوابِدَ
يَكْنِزها في خَوابِي سليمانْ
أو يُبَعْثِرُها عادةً في الفضاءِ ليَقنِصَها العابرونَ
ويسرِقَها المارقونْ.
مَنْ لِتلْكَ الخَوابي وقد دَهَمَ الحَدَثَانِ
ودارَ الزمانُ على الحُلمْ.
عالِجِ الموتْ
أيُّهذا الغريبْ
جُرعةً، جُرعةً، تَتَحجَّرُ في الحلقْ,
حَجَراً، حَجَراً.
لا عليكْ
أيُّهذا الغريبْ
لِتَدَعْ خلْفَ ظهرِكَ ما يَقْضِمُ الزمنُ الوَحشُ
عُدْ للقيامةْ
هناكَ بقاياَ الدَّمارِ
الْتقِطْها
وَرَمِّمْ بها ما تبَقَّى منَ النّكبَةِ الدارسةْ
وأَخرِجْ بقاياكْ
لستَ سِوَى الرُّخِّ من قبلُ والآنْ
إجْمعْ شظاياكْ
اسْتَقِمْ واقِفاً
وَاتَّئِدْ
وتَهيَّأْ لِمَكْرِ الزمانِ الجديدْ