احتفلت مؤسسة سلطان العويس بفائزي جائزتها الثقافية في دورتها الخامسة عشرة 2016 ـ 2017، شوقي بزيع، وهدى بركات، وعبدالخالق الركابي، ود.حمادي صمّود، ود. جورج قرم وجامعة الإمارات المتحدة.
وأكد رئيس مجلس أمناء المؤسسة د. أنور محمد قرقاش وزير خارجية إمارة أبوظبي، أن المؤسسة أوشكت أن تستكمل عقدها الرابع، وما زالت تحتضن الإبداع العربي في الحقول الأدبية المختلفة، جيلاً بعد جيل، وبمختلف التوجهات والمشارب الفكرية، فهي لا تتوقف عند حدود معينة من التجربة الإبداعية العربية الثرية.
وقال في كلمته أمام نخبة من المثقفين الإماراتيين والعرب "كسبت المؤسسة عبر مسيرتها ثقة المبدعين العرب، لاعتبارات عديدة، منها حيادية الجائزة، وعدم تكريسها لأي اتجاه، فليس أمام المحكمين ـ ومعنا نخبة منهم اليوم ـ إلا سلطة واحدة فقط هي سلطة النص، ومن خلال هذا المبدأ الأساسي في تعاملنا مع الإبداع، يلتف المبدعون حول جائزة العويس الثقافية، حيث فاز بالجائزة كوكبة من المبدعين العرب، ويمكن لزائر مبنى المؤسسة أن يتجول في متحف الفائزين، للاطلاع على صورهم بريشة نخبة من أبرز الفنانين.
لقد رحل سلطان بن علي العويس يوم الرابع من يناير/كانون الثاني عام 2000، إلا أن مجلس الأمناء مضى في المسيرة، واستطاع أن يُطور المؤسسة بشكل متنامٍ، ليجعلها واحدة من أهم المؤسسات العربية الثقافية، التي تعتمد في مواردها المالية على جهودها الذاتية، فهي اليوم أكثر انفتاحاً على الطيف الثقافي في كل الساحات العربية، على الرغم من كل المتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية اليوم، دون أن تتأثر هذه المؤسسة بما تفرزه هذه المتغيرات من ضغوط، لأنها ظلت تسير وفق استراتيجيتها التي رسمت لها منذ انطلاقتها، بالابتعاد عن كل التكتلات، وأن تنتمي في عملها وتوجهها نحو الإبداع، والإبداع فقط.
وأضاف أن المؤسسة تحاول أن تواكب التطورات التقنية والأدبية، عبر فتح أبوابها للتجارب الشابة في كافة حقولها مشجعة الأجيال الإبداعية العربية على الكتابة، وما زالت تحافظ على أسسها وتنمي ارتباطها من خلال نظامها الأساسي ولوائحها، وتجربتها التي باتت يُحتذى بها في العديد من المؤسسات. وأن أعضاء مجلس الأمناء حريصون على الحفاظ على المكاسب التي حققتها مسيرة المؤسسة والتي تستمد حيويتها وموقعها من تجربة الإمارات الرائدة ونموذجها، وهي الخيمة الأساسية والآمنة التي تترعرع في ظلها مؤسسة العويس الثقافية، بفضل السياسة الحكيمة لهذه القيادة المتمثلة في الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، الذين يتفهمون بعمق أهمية ومسيرة وتطلعات العمل الثقافي.
وقالت الروائية اللبنانية هدى بركاتها في كلمتها عن الفائزين "إنّ جزءا من مفاجأتي، وفرحي أيضا، يعود إلى شجاعة مؤسستكم في عدم استبعاد كاتبة ذهبت في رواياتها إلى كسر عدد لا بأس به من التابوهات، ومن محظورات لائحة ترهيب المتشدّدين إيّاهم. كذلك فعلت ـ وتفعل ـ مؤسّسة العويس بالنسبة للفائزين الموجودين إلى جانبي، متميّزة بمصداقيّتها العالية عن كلّ ما يشوب عالم الجوائز، عربيّة كانت أم غير عربيّة.
في وجودنا ها هنا بينكم، ومن أيّ أرض جئنا تلبية لدعوتكم الكريمة، ومهما كنّا حاملين من أوسمة أو علامات تقدير، في وجودنا بينكم شيء يشبه الاقتراب من البيت ومن الأهل. فأنشطتنا، على اختلافها، هي فعل الوحدة، وأحيانا الوحشة، يرافقها شعور بالغربة إلى حدّ كبير، إذ لسنا من أصحاب الإنتفاخ والتفاخر بتصفيق الجماهير أو (التسلطن) بخُطب الزعماء الصغار. بل على العكس، فقد يكون كلّ منجز نقدّمه إيغالا في المنافي، فيما تبتعد الأوطان ـ مجمل أوطاننا ـ إلى أفق ملبّد بغيوم المجهول والخشية من اليوم التالي".
وأشارت بركات "نحن، المكرّمون ها هنا، بما نحاول متابعة العمل به في مجالات شتّى، صرنا نصرف من طاقاتنا جزءا لا يستهان به لدفع العوائق المتعاظمة في وجه حريّتنا. فإن كنّا مقيمين، أو مهاجرين أو منفيين، لم يعد بإمكاننا الهرب من الحصار. إذ في مجمل بلداننا العربيّة صار لوكلائنا في التديّن، أي عند من أوكل لنفسه تربيتنا على سلوك صراط لا يستند إلاّ إلى الترهيب والغوغائيّة، صار لهم من السلطة والتسلّط ما يشكّل رقابة رهيبة تقيم الحدّ بين المقبول والمرفوض، الجائز والمستنكر، الشرعي والمجدّف. وخطر هؤلاء لا ينحصر في تطبيق قياسات في غير موضعها بادّعاء ما تمليه الأخلاق على المجتمعات والشعوب، القاصرة إذن حكما، بل أصبح خطرهم يتلخّص ببدء تسرّب هذه الرقابة إلى ذوات المبدعين والمثقّفين، بحيث تنزاح لتصبح رقابة ذاتيّة، تُريح في أقلّ تعديل صاحبها من عبث المناكفات والإثارة غير المجدية، تلك التي تثير الغبار وتُخفي عن الأعين قيمة المنجز بذاته".