يتضمن حفل افتتاح الدورة 12 لمهرجان سينما الشعوب بإيموزار كندر تكريمين ، الأول لأحد رواد السينما الأمازيغية بالجزائر المخرج والسيناريست شريف عقون ،
والثاني لروح الممثل المغربي الشعبي الكبير الراحل محمد بصطاوي .
ولعل جديد دورة 2015 يتمثل في عرض آخر أفلام الراحل بصطاوي ، وهو فيلم سويسري روائي قصير (15 د) من إخراج ماريا نيكوليي سنة 2014 . تدور أحداث قصته ، في قالب لا يخلو من مسحة كوميدية ، حول الثري المغربي حسن (من تشخيص الراحل محمد بصطاوي) الذي يخطط لبناء ضريح بقرية فالانجان ، مسقط رأس زوجته السويسرية المتوفية ، حفظا لذكراها ، إلا أنه بذلك يجرح مشاعر أخت زوجته التي تعارض الأمر . ومع ذلك فرماد البركان جدد الأحزان المشتركة .
من مفارقات هذا الفيلم ، الذي عرض لأول مرة بالمغرب بحضور الممثل الشاب أسامة بصطاوي ، نجل الراحل ، في افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان طنجة الدولي للفيلم يوم الأربعاء 20 أكتوبر 2015 وفاز بجائزة الإخراج في نفس المهرجان ، أن خروجه إلى القاعات بسويسرا تزامن مع وفاة بطله الممثل المغربي القدير محمد بصطاوي في دجنبر 2014 .
فيما يلي ورقة تعرف بالمسار الفني لبطل هذا الفيلم :
المرحوم بصطاوي من مواليد سنة 1954 بقرية مريزيك غرب مدينة خريبكة ، تابع دراسته الإبتدائية والثانوية بعاصمة الفوسفاط المغربية قبل أن يغادرها أولا إلى منطقة الحسيمة ، حيث اشتغل من 1973 إلى 1976 بإحدى القواعد العسكرية التابعة للبحرية الملكية ، وثانيا إلى أوروبا (فرنسا وهولاندا) وخاصة إيطاليا التي استقر بها لمدة خمس سنوات ابتداء من سنة 1980 .
ظهر ميله إلى فن التشخيص منذ مرحلة الدراسة الإبتدائية ، وتعزز هذا الميل بانفتاحه على دور الشباب وفرقها المسرحية الهاوية (فرقة النصر للمسرح والموسيقى نموذجا) وهو يافع وشاب حيث شارك في العديد من المسرحيات ، ك " الكنز " و " أمبراطورية الشحاذين " ، وتعرف على أبجديات العمل المسرحي بخريبكة ، واستمر معه عشق فن التشخيص بالحسيمة وإيطاليا التي استفاد بها من ورشات تكوينية . وعندما عاد من بلاد المهجر قرر أن يدخل عالم الإحتراف المسرحي من بابه الواسع ليمارس عشقه لفن التشخيص ويحقق ذاته عبره .
قبل انضمامه إلى فرقة " مسرح اليوم " سنة 1987 ، التي كانت تشرف على إدارتها الممثلة القديرة ثريا جبران وزوجها الباحث والناقد والمخرج المسرحي الدكتور عبد الواحد عوزري ، اشتغل بصطاوي مع التلفزة المغربية بالرباط في برنامج الأطفال الصباحي " القناة الصغيرة " وذلك كممثل ومؤلف لنصوص مسرحية وأشعار ذات طبيعة تربوية خاصة بالأطفال . ومع فرقة ثريا جبران شارك وتألق ، على امتداد تسع سنوات من 1987 إلى 1995 ، في العديد من المسرحيات الناجحة من قبيل " حكايات بلا حدود " و " بوغابة " و" النمرود في هوليوود " و" نركبو لهبال " و" سويرتي مولانا " و" أيام العز " ... وهذه المشاركة مكنته من تفجير جزء كبير من طاقته في التشخيص وكرسته كممثل قوي الحضور على الخشبة وقادر على تقمص الأدوار المختلفة .
وبعد توقف تجربة " مسرح اليوم " الرائدة انخرط محمد بصطاوي رفقة المؤلف والمبدع يوسف فاضل والمخرج والممثل عبد العاطي لمباركي والسنوغرافي عبد المجيد الهواس والممثل محمد خيي وآخرين في تجربة أخرى بتأسيسهم لفرقة " مسرح الشمس " وذلك بحثا عن أفق إبداعي جديد . وأنتجت هذه الفرقة الجديدة من 1996 إلى 2000 مسرحيات ناجحة جابت بها مختلف مناطق البلاد ، كما كان الأمر مع فرقة ثريا جبران السالفة الذكر ، نذكر منها العناوين التالية : " خبز وحجر " و " فنطازيا " و " العابرا " و " والقايد بوحفنة " ... و " الباب مسدود " التي أنتجت سنة 2013 بعد توقف دام إثنى عشر سنة وشاركت فيها وجوه فنية أخرى كمحمد الشوبي وبنعيسى الجيراري وجليلة التلمسي ...
كان أول وقوف للراحل محمد بصطاوي أمام كاميرا السينما سنة 1997 في فيلمين الأول قصير بعنوان " خليط " من إخراج أمين النقراشي والثاني طويل بعنوان " كنوز الأطلس " من إخراج القيدوم محمد العبازي ، وبعد هذين الفيلمين سيشارك تباعا في الأفلام السينمائية التالية : " باي باي السويرتي " (1998) لداوود أولاد السيد و " عطش " (2000) لسعد الشرايبي و " طيف نزار " (2001) لكمال كمال و " وبعد " (2002) لمحمد إسماعيل و " الدار البيضاء يا الدار البيضاء " (2002) لفريدة بنليزيد و " جوهرة بنت الحبس " (2003) لسعد الشرايبي و " ألف شهر " (2003) لفوزي بن السعيدي و " طرفاية أو باب لبحر " (2004) لداوود أولاد السيد و " حين اهتزت الصورة " (2005) ليوسف عفيفي و " لاسورانس " (2006) لعبد الواحد المثنى و " في انتظار بازوليني " (2007) لداوود أولاد السيد و " طريق العيالات " (2007) لفريدة بورقية و " انتقال " (2008) للمهدي الخودي و" التعيين " (2009) لرضوان وخليل فاضل و " عند الفجر " (2009) للجيلالي فرحاتي و " أولاد البلاد " (2009) لمحمد إسماعيل و " ذاكرة الطين " (2010) لمجيد الرشيش و " تازة " (2010) للمخرج الكندي دانيال جيرفي و " أياد خشنة " (2011) لمحمد عسلي (حصل على جائزة أحسن ممثل عن دوره فيه بالمهرجان الوطني الثالث عشر للفيلم بطنجة سنة 2012) و " الطفل الشيخ " (2011) لحميد بناني و " غضب " (2012) لمحمد زين الدين و " فيها الملحة والسكر أو عمرها ما غد تموت " (2012) للأخوين سهيل وعماد نوري و" باريس بأي ثمن " (2013) للفرنسية ريم كيريسي (من أب تونسي وأم إيطالية) و" الصوت الخفي " (2013) لكمال كمال و" ماء ودم " (2014) لعبد الإله الجوهري و" جوق العميين " (2014) لمحمد مفتكر و" الوشاح الأحمر " (2014) لمحمد اليونسي و " أكادير إكسبريس " (2014) ليوسف فاضل ... هذا بالإضافة إلى دور البطولة الذي قام به في آخر أفلامه القصيرة بعنوان " رماد البركان " (2014) من إخراج السويسرية ماريا نيكوليي وتشخيصه لأدوار متفاوتة القيمة في مجموعة من الأفلام الأجنبية المصورة جزئيا أو كليا بالمغرب ، وبالإضافة أيضا لأعماله التلفزيونية الكثيرة ومن أشهرها مسلسلات " دواير الزمان " و " جنان الكرمة " لفريدة بورقية و " وجع التراب " لشفيق السحيمي ...
توفي محمد بصطاوي بالرباط يوم 17 دجنبر 2014 .
أحمد سيجلماسي