عن شبكة الصحفيين الدوليين
يعيش الصحافي في ليبيا في ظل الوضع الأمني الحالي، داخل حلقة من التهديدات والمخاطر التي تختلف في شكلها من مكالمات هاتفية مجهولة المصدر وعنف جسدي على غرار الإختطاف وتدمير المعدات أو مصادرتها أو الاعتداء على المؤسسة الإعلامية لتصل إلى حد الإغتيال.
وحول تفاصيل الحادثة، أشارت وحدة رصد وتوثيق الإعتداءات في المركز الليبي لحرية الصحافة أن حادثة الإختطاف شملت اثنين من العاملين براديو "بلدة الجميل" وذلك عند عودتهم من العمل حاملين معدات وأجهزة إعلامية وهم عبد الله حصو وصالح بلقاسم والصحفي بجريدة "الشباب والرياضة" جمال منصور، بعد إختطافه بنقطة أمنية في منطقة ورشفانة غرب العاصمة طرابلس.
تزايد عمليات الإختطاف
أكد مدير المركز الليبي لحرية الصحافة محمد نجم في حديثه معنا أن خلال بداية هذا العام وحتى هذا الشهر تم تسجيل 27 حالة خطف وهي نسبة تتزايد من فترة الى أخرى بسبب التوتر الحاصل في مختلف المناطق اللّّيبية. دور المركز يتمثل في المساعدة الطارئة ومناصرة الصحفيين ضد هذه الإعتداءات من أجل الحد من هذه الظاهرة المقيّدة لحرية الصحافيين والصحافة.
وتحت عنوان "حٌرية الإعلام و التعبير خطوتين إلي الخلف" أشار المركز الليبي لحرية الصحافة في تقريره السنوي لسنة 2015 أن ما يعيشه الصحافي في ليبيا اليوم من اعتداءات شبه يومية والتي يعمل المركز على توثيقها، هي على ازدياد في ظل موجة النزاع المٌسلح والإرهاب الذي يضرب البلاد، وتتقلص في المقابل فٌرص تحقيق الحُريات.
وبلغت حالات الإختطاف والتعذيب 5 حالات موزعة على مناطق مختلفة من ليبيا وهي تحديداً البيضاء وطرابلس وبنغازي والعزيزية أما حالات الإعتقال التعسفي والإختفاء القصري فقد سجلت 7 حالات موزعة على بنغازي وطرابلس ومصراتة، وفق ذات المصدر.
"الصحفي لا ينقل الواقع كما هو بسبب التهديدات خوفاً من الخطف". هكذا قال لنا المصور الصحفي نسيم القراضي في تشخيصه لوضع الصحفي في ليبيا الآن معتبراً أن الصحفي سواء بقلمه أو بجهاز الكاميرا أو بصوته رهين توفير الأمن والأمان وضمانات تجعل عمله يصل بكل شفافية ومصداقية. ودون ذلك لا يمكن الحديث عن حرية صحافة وعمل صحفي لا يخضع لضغوطات.
هذا وقد سجلت في ليبيا حوادث إختطاف وتعذيب بنسبة 19% من إجمالي الحالات، و 21% من حوادث الإعتقال التعسفي والإخفاء القسري فيما سجلت 13% حوادث الإعتداء بالضرب والمنع من العمل، وفق تقرير المركز الليبي لحرية الصحافة.
كما أوضحت منسقة بوحدة الرصد والتوثيق ريم عبد الـسـلام، "أن الربع الرابـع من 2016 كان مليئاً بالمخاطر الصعبـة التي واجهت الصحفيين؛ ولعل أبرزها حوادث الشـروع في القتـل إضافةً إلى شبح الاعتقالات والاختطاف"، وهو ما يتطلب تضافر الجهود لأجل مناصرة حقوق الصحفيين والدفاع عنهم بكل الطرق القانونية والاجتماعية، إضافةً إلى إثارة قضاياهم في الرأي العام.
الإطار التنظيمي والتشريعي لحماية الصحفي
لتنظيم القطاع وتحسين وضعية الصحفيين أكد رئيس المركز الليبي لحرية الصحافة أن العديد من الأفكار والقوانين طرحت خلال هذه الفترة لمناقشتها داخل هيئة الستين لصياغة الدستور خلال شهر أيار/ مايو الفائت، وذلك لبلورة إطار تنظيمي ودستوري لحماية الصحفي من مختلف الإنتهاكات.
وعن حماية الصحفيين، أوضح رئيس تحرير صحيفة برنيق الصحفي الليبي معتز المجبري أن "الحكومات في ليبيا تعاني من ضعف كبير وعدم القدرة على السيطرة على من يملك السلاح على الارض بالتالي الدور الحكومي في ليبيا لحماية الصحفيين معدوم تماماً".
وأضاف المجبري أن "حالات الخطف جلّها ناتجة عن انحياز الصحفيين مع أحد أطراف النزاع ومهاجمة الطرف الآخر بالإضافة الى حالات خطف من قبل أعداء الكلمة بشكلٍ عام. كذلك ما يتعرض له الصحفيين في ليبيا من أذية يمكن تقسيمه بحسب الجغرافيا المكانية إلى ثلاث أماكن شرق البلاد وغربها وجنوبها.
بشكل عام ليبيا حديثة العهد بالصحافة بالتالي المجتمع الليبي بكافة أطيافه غير مدرك لحرية الصحافة وأهمية الإعلام و واجباته؛ بل على العكس هم يصنّفون أي قلم معارض لأي سياسة ما على أنّه قلم خائن للوطن، بالتالي تصبح حريته وحياته في خطر كبير".
الصحفي أحمد العيساوي، يرى أن العمل الإعلامي في ليبيا تغيب عنه القوانين التي تضبطه وحالات الإختطاف المتكررة من قبل جماعات مسلحة أغلبها مجهولة لغايات مادية أو قبلية.
"في ليبيا تغيب حرية الصحافة" هكذا وصف العيساوي وضع الصحافة في ليبيا منّوهاً الى أن الصحافة تتطلّب مناخاً من الحرية والقوانين الضابطة للحديث عن سلطة رابطة وما يمكن أن نجده في ليبيا هو "تكميم للأفواه من قبل بعض الأطراف المتنازعة".
وعن دور الجهات المسؤولة، قال الصحفي والناشط المدني أحمد العيساوي أن هيئة الاعلام الليبية في الوقت الحالي في خضمّ هذه النزاعات السياسية "لا تستطيع أن تفعل شيئاً" وإن وضعت قوانين لتنظيم المجال الإعلامي ستختلف عليها وجهات النظر.
في إنتظار الخروج بالبلاد من الأزمة الحالية وبعد أكثر من 5 سنوات من ثورة 17 شباط/ فبراير، يجد الصحافي نفسه ملاحق بشبح الإختطاف والتهديد بسبب امتهان الصحافة، التي تظل رهينة الوضع السياسي والأمني الهش في ليبيا. ذلك أن الحديث عن سلطة رابعة قائمة وفعّالة لا يكون إلاّ بوجود السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.
الصورة من المركز الليبي لحرية الصحافة.