-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

جودت هوشيار : ورش قتل المواهب


انتشرت في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة ظاهرة إقامة الورش ( الإبداعية ) لتعليم فن الكتابة السردية لمن يطمح أن يكون كاتباً قصصياً أو روائياً . والحق أن فكرة إقامة مثل هذا النوع من الورش تعود الى البلاشفة الروس الذين أرادوا –في السنوات التي تلت ثورة اكتوبر 1917  - تعليم العمال والفلاحين الشباب ، من خريجي المدارس الإعدادية تقنيات الكتابة الأدبية وخاصة النثر الفني ، ليحلوا محل الأدباء (البورجوازيين ) حسب زعمهم .ولكن هذه التجربة فشلت فشلاً ذريعاً ولم تخلق أي روائي أو قصصي مبدع حقيقي ، الا من كان في الأصل صاحب ( موهبة ) أدبية .
الموهبة –فطرة مطبوعة تظهر في سنوات الشباب المبكرة  وتصقل مع اكتساب الخبرة ، وقد تتحول بإدمان المزاولة وطول العلاج الى مهارة لا يمكن لمعظم الناس الوصول إليها ، وهي تسمح لصاحبها تحقيق أكبر قدر من النجاح في مجال تجليها. قد يكون الشخص موهوبا في عدة مجالات من النشاط الأنساني ، ولكن الموهبة غالباً ما تقتصر على مجال أو نشاط واحد .
واصل كلمة موهبة ( تالينت ) في اللغتين الأنجليزية والفرنسية و( تالانت ) في اللغة الروسية ، يرجع الى اسم عملة فضية يونانية قديمة (حوالي 400 سنة ق.م) .  وفي العهد الجديد ( الجزء الثاني من الكتاب المقدس لدى المسيحيين ) مثال عن العبيد الثلاثة الذين أعطاهم مالكهم عددًا من (المواهب الفضية ) قبل سفره ، وطلب منهم التصرف بها خلال فترة غيابه . دفن أحد العبيد موهبته في الأرض ، وتمكن الثاني والثالث – من استثمارها في زيادة رؤوس أموالهما. وبعد عودة المالك ، سأل عبيده الثلاثة عما فعلوا بمواهبهم . استخرج العبد الأول موهبتة الوحيدة من تحت الأرض ،فعاقبه المالك بإستعادة الموهبة منه وأعطاها لعبد آخر ، كان قادرا على مضاعفة مواهبه أكثر من أي شخص آخر.. وقدم العبدان الآخران موهبتهما مع أرباحهما ، فأشاد بهما المالك ووعد بتكليفهما بمهمة الإشراف على الكثير من ممتلكاته لكونهما مخلصين. وفي العصور الحديثة انتشرت كلمة "الموهبة" بالمعنى المجازي: كهبة ربانية، او فرصة ينبغي عدم اهمالها ، بل السعي للأستفادة منها في سبيل خلق  شيء جديد.
الورش ( الإبداعية ) لا طائل فيه لمن لا يجد الموهبة في فطرته . وهي لا تصنع كاتباً مبدعاً، لأن الإبداع يعني التفرد والخلق . وقد يتعلّم البعض تقنيات الكتابة النمطية الى هذا الحد أو ذاك في مثل هذه الورش ، ولكن الكتابة النمطية هي عجز عن الإبداع الحقيقي ، ان لم تكن قتلاً للموهبة عن طريق توجيهها الى كتابة نمطية لا قيمة لها . فالإبداع هو أن تخلق عالمك الإفتراضي الخاص الذي لا يشبه أي عالم آخر . وأسلوبك المتميز الذي لا يمكن تقليده . وكما يقول ( بيفون ) الأسلوب هو الإنسان ..
ذات مرة كان الكاتب سنكلير لويس يحاضر عن المهارات الأدبية في احدى الورش (الأبداعية) ووجه سؤالاً الى الطلبة المتدربين :
- هل أنتم جادون في أن تصبحوا كتاباً ؟
فأجابوا بصوت واحد : أجل
فرد عليهم سنكلير قائلاً: اذن لماذا أنتم هنا ولستم في بيوتكم لتكتبوا !


عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا