تم للتو التصويت على مشروع مراجعة الدستور في الجزائر ، الذي ينص للمرة الأولى على حرية الصحافة وضمانها دون أي شكل من أشكال الرقابة المسبقة. وإذ ترحب
مراسلون بلا حدود بهذا الإصلاح، فإنها تدعو إلى تطبيقه على أرض الواقع ومواءمة القوانين المعمول بها حالياً مع أحكام الدستور الجديد، بما يحترم مضامين الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر.
في يوم 7 فبراير\شباط 2016، صوت المجلس الشعبي الوطني على مشروع التعديل الدستوري، الذي ينص في مادته 41 مكرر على ضمان حرية الصحافة بينما يلغي بشكل كامل عقوبة السجن ضد الصحفيين وذلك “في إطار القانون واحترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية”. ومن جهتها، تكفل المادة 41 مكرر3 الحق في نقل المعلومات والحصول عليها، شريطة ألا “تمس ممارسة هذا الحق بحياة الغير الخاصة وبحقوقهم وبالمصالح المشروعة للمقاولات وبمقتضيات الأمن الوطني”.
وفي هذا الصدد، قالت ياسمين كاشا، مديرة مكتب شمال أفريقيا في منظمة مراسلون بلا حدود، “إن هذه الضمانات الدستورية تشكل تقدماً هاماً بالنسبة للحق في الإعلام وحرية الصحافة في الجزائر، بيد أن هذه الأحكام لا يمكن أن تبلغ قيمتها الحقيقية إذا كانت التشريعات الوطنية الحالية، بما في ذلك قانون العقوبات، لا تتماشى مع الدستور الجديد والالتزامات الدولية للجزائر في مجال حرية الإعلام والصحافة“.
وتُذكِّر مراسلون بلا حدود أن القيود القانونية، مثل الإساءة إلى رئيس الدولة أو المس بالأمن الوطني أو القيم الأخلاقية للأمة، تشكل مصدر قلق كبير بسبب عدم دقة هذه المفاهيم. فمن وجهة نظر القانون الدولي، فإن لجنة حقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 تؤكد أن المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجزائر عام 1989، لا تسمح بمعاقبة مؤسسة إعلامية لمجرد انتقادها لنظام سياسي أو اجتماعي معين.
وعلاوة على ذلك، فإن مفهوم “المصالح المشروعة للمقاولات”، المشار إليه في الدستور الجديد، لم يرد في أي من القيود التي يجيز القانون الدولي فرضها على حرية التعبير في بعض الحالات، كما يشكل هذا المفهوم خطراً حقيقياً على الحق في الإعلام بشأن المسائل ذات الطابع الاقتصادي.
وأخيراً، إذا كانت المعايير الدولية تعتبر “مقتضيات الأمن الوطني” ضمن القيود المشروعة، فإن لجنة حقوق الإنسان تُذكِّر في الوقت ذاته بواجب تطبيقها وفقاً لأحكام المادة 19 من العهد الدولي، أي أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية ومتناسبة مع الهدف المشروع المنشود.
يُذكر أن الجزائر تقبع حالياً في المركز 119 على التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود خلال العام الماضي.