اسمحوا لي أن أبدأ أمر العلمانية بموضوع الشريعة والحكم بما أنزل الله
فليس معنى أن ديننا يشمل كل قواعد الأخلاق والمعاملات أنه بذلك الدين الوحيد الذي يحوي هذا
بل والأديان الأرضية عند عباد البقر والشمس تدعو للفضائل
لأن الفضائل مجبولة في النفس البشرية كما جبلت فيها النقائص [ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها] لذلك لا تختص الشريعة الإسلامية وحدها بالفضائل الأخلاقية
كما لا تختص وحدها أيضا بنظم الحكم الرشيد
ولأضرب على ذلك المثل بمبدأ الشورى فهو عند الكافرين قبل الإسلام بآلآف السنين، لكن النرجسية الإسلامية تتلمظ للديموقراطية وآلياتها وتعتبرها كفرا وابتعادا عن شريعة الله
أليس نظام الاستفتاء والانتخاب من الشورى فلماذا يعتبره المتشددين نظاما كفريا
ولقد سبق القول مني بأن الشورى عند الكافرين فهل هناك شورى كافرة وشورى مسلمة
ولنراجع قول بلقيس ملكة سبأ التي كانت تسجد للشمس من دون الله والتي قالت {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ }النمل32
وكان ذلك قبل الإسلام بآلآف السنين
وحتى ألفرعون أشد الكافرين كفرا كان ديموقراطيا فاستشار السحرة في أمر ما أشاروا به عليه ونفذ مشورتهم بقتل مواليد بنو إسرائيل من الذكور
وكذلك نزل على مشورة بلاطه الملكي وأقام مسابقة بين سيدنا موسى والسحرة بعد أن كان يريد قتله
والملك في عهد نبي الله يوسف استفتى الناس في أمر رؤياه، ونزل على رأي يوسف في تخزين القمح
المشكلة فيمن يطلقون عليهم بالإسلاميين أنهم لا يفهمون إلا النصوص من القرءان والسنة وفي حدود مقيدة بلا إبداع
فهم لا يفهمون بأن قانون المرور من الشريعة
ولا يفهمون بأن قانون الري من الشريعة
ولا يفهمون بأن السياحة واستقبال السائحين من الشريعة…وهكذا
لأنه أينما تكون المصلحة فثم الشريعة بلا ارتكاب للمحرمات، لكن المهم ماذا تعني الشريعة بالنسبة لك
والعلمانية ليست كفرا ولا شرا مستطيرا إنما هي نظام يدعو إلى ما يدعو إليه ولا يمنعك من الصلاة والصوم
فهل عاينت من يدعو للعلمانية بدول الشرق يدعو لترك الصلاة أو يعيب على المصلين صلاتهم
إن العلمانية بمفهوم الكفر هو منهج بعض المتطرفين الذين يحصرون الهداية في منهاجهم ويقومون بتكفير من سواهم وهذا عين الخبل والبعد عن شريعة الله
