-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

خطاب الكرامة وحقوق الإنسان

صدر مؤخرًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات للكاتب رجا بهلول "خطاب الكرامة وحقوق الإنسان".
الكتاب مؤلّف من سبعة فصول. يقول الكاتب بهلول في الفصل الأول، وعنوانه سؤال الكرامة وحقوق الإنسان، إن هدفه الرئيس في بحثه هذا بيان الفرق ثم المفاضلة بين نظريتين أو نوعين من النظريات المتنافسة في مجال تأسيس مفاهيم الكرامة والحقوق فلسفيًا: "تقول الأولى إن كرامة الإنسان، بما تشمله من حقوق وبما تقتضيه من واجبات، تؤسَّس على أساس عقلاني، بمعنى أن العقل يملي علينا، بطرائق معينة، الاعتقاد بحقوق الإنسان وبتميزه الأخلاقي الذي هو أساس كرامته؛ أما النظرية الثانية (أو النوع الآخر من النظريات) فتقول إن محاولات تأسيس الكرامة والحقوق على أسس عقلانية لا تصمد أمام الامتحان، وأن ليس للكرامة الإنسانية والحقوق أساس عقلاني". في الفصل الثاني، الإنسانية والكرامة والحقوق من منظور تاريخي، يتساءل بهلول عن ماهية الكرامة، والارتباط بين الكرامة والإنسانية، ثم علاقة الكرامة بالحقوق والأخلاق. يقول إن الإنسان المعياري يتحصل على الكرامة لأنه يتصف بصفات ومعايير وقيم أخلاقية مميزة لحياة المجموعة البشرية، و"لا شك في أن حيازته الكرامة ترتبط بسلسلة من الحقوق والواجبات. فكرامته تعني أنه لا يُؤكل ولا يُستعبد، ويُستمع إليه، ويُعتد برأيه، وهو سيد في نطاق ما تسمح به أعراف المجموعة وقيمها، ويؤدي واجبات لا تطلب ممن هو ليس إنسانًا بالمعنى المعياري". 
يقول بهلول في الفصل الثالث، وعنوانه التأسيس العقلاني للأخلاق، إن الأديان عندما تتحدث عن خلق الله الإنسان فهي لا تستخدم الإنسان باعتباره مفهومًا معياريًا، "بل القصد هو الحديث عن تلك المخلوقات التي تمشي على قدمين ولا يكسوها ريش". ويضيف أن أساس الأخلاق نزعة العقل إلى الاتساق والتناسق، "وهي نزعة تظهر بشكل يكاد يكون فطريًا من خلال رفض الإنسان الأفكار المتناقضة، في الأقل عندما يبدو التناقض بينًا. كما تظهر أيضًا في عدم الارتياح إلى التطبيق الاعتباطي للأحكام، كما يحدث عندما يقبل الإنسان لنفسه شيئًا لا يرضى أن يقوم به الآخرون". وبرأيه، لم نصل إلى مرحلة نعلن فيها عن استقالة العقل في مسألة التأسيس. 
في رابع فصول الكتاب، التعاطف، يقول الباحث إن تعاطف أحد منا مع إنسان أو إشفاقه عليه وبالتالي امتناعه عن الاعتداء عليه أو مسارعته إلى مساعدته شيء، والقول إن عليه واجبًا أخلاقيًا يقضي بامتناعه عن السلب أو الاعتداء فهذا شيء آخر بمعزل عن الدور الجوهري الذي يؤديه القانون والتربية والحياة الاجتماعية عمومًا في تهذيب المشاعر. وبحسبه، يبقى للتعاطف الدور المركزي في تأسيس الأخلاق؛ "أما الإصرار على النأي بالأخلاق كليًا عن طبيعتنا التعاطفية، وإناطتها بالعقل الموضوعي، فربما لا يعدو كونه تعبيرًا عن الخوف وغياب الثقة في المستقبل الذي ينتظرنا إذا فعلنا ذلك". 
في الفصل الخامس، الاحترام، يفرّق بهلول بين أداء فعل ما (أو الامتناع عن أدائه) نتيجة الشعور بالتعاطف، وأداء الفعل نفسه (أو الامتناع عنه) نتيجة الاحترام. يقول: "يتناولك الفعل الذي يتم نتيجة التعاطف باعتبارك موضوعًا مثيرًا للشفقة أو الحزن. فأنت في وضع سيئ، والمتعاطف ينظر إليك مدركًا أنه في وضع أقوى مما أنت فيه، فهو يرغب في مساعدتك، أما الفعل الذي يتم نتيجة الاحترام فهو ليس كذلك بتاتًا. فالشخص الذي يفعل شيئًا نتيجة الاحترام لا ينظر إلى الشخص الذي يقف أمامه نظرة الأقوى إلى الأضعف، مع أن الشخص الذي نحترمه ربما يكون فقيرًا ونحن الأغنى، أو ضعيفًا ونحن الأقوى". 
قيم الحياة والقيم الأخلاقية هو عنوان الفصل السادس الذي يطرح فيه المؤلف تساؤلات عدة: هل يمكن أن نفهم حقوق الآخر من دون الإشارة إلى طبيعته وحاجاته البشرية، خيراته ومنافعه، وأهدافه الخاصة؟ لماذا نُدرج الحياة والحرية والأمن والغذاء والتعليم ضمن حقوق هذا الآخر، ولا ندرج الاستماع إلى بيتهوفن، ولا تناول الكافيار، ولا ارتداء ربطة العنق في كل صباح؟ في الفصل السابع والأخير، مصالحة العقل والوجدان، لا يريد المؤلف المباعدة بين التأسيس الوجداني والعوامل الإدراكية إلى درجة القطيعة، "فعلى الرغم من أن الأخلاق تبدأ أول ما تبدأ عندما تتوسع دائرة تعاطفنا، وعندما نبدأ في تعليم الآخرين درس احترام كياناتنا الفردية، فهناك دور مهم للقدرات الإدراكية على مستوى الأخلاق. وتعظم أهمية هذا الدور بقدر ما يتميز الإنسان من سائر الكائنات الطبيعة التي يقف على قمه هرمها التطوري، من دون أن يكون الإنسان خلقًا آخر، ومن دون أن يكون كائنًا مفارقًا للطبيعة". ويرى بهلول أن العقل يؤدي دورًا في الحياة الأخلاقية، فلا يقدم إلينا جوابًا عن سؤال: لماذا يجب أن نلتزم الأخلاق ونحترم حقوق الإنسان؟ فهذا سؤال لا جواب عنه، وربما يكون الوقت حان لتجاوزه. 


عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا