أكد الممثل السوري العضو في لجنة تحكيم برنامج تحدي القراءة العربي، جمال سليمان، أنه يرى مبادرة تحدي القراءة العربي «أهم ما حصل بالعالم العربي في
السنوات الأخيرة، من أجل تشجيع الشباب العربي على العودة إلى القراءة»، مشيراً في حديث مع «الإمارات اليوم» إلى أنه تعرّف إلى حجم المبادرة بعد مشاركته في البرنامج، «خصوصاً أن رقم المشاركين في التحدي كبير ولافت للنظر، إلى جانب الجوائز التشجيعية التي تمنح للمتفوقين، ما يعزز مفهوم القراءة الذي نحتاج إليه للحفاظ على هويتنا وكذلك للتنمية البشرية لأجيال مقبلة».
وعن وجوده في لجنة تحكيم البرنامج، قال سليمان: «تلقيت اتصالاً من المبادرة، وقد وافقت فوراً لأنني أرى أنها مسألة تهمنا جميعاً، وسعيد لأن أوجد في هذا العمل الذي يخدم القراءة»، أما لجهة توظيف الخبرة التمثيلية والمسرحية في البرنامج، فنوه بأنه عمل سنوات طويلة في المسرح والتلفزيون، وفي مجال التدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ما جعل للغة مكانة مهمة في حياته العملية واليومية، مشيراً أنه قدم مسلسلات كثيرة ترتبط باللغة العربية، منها «طرفة بن العبد»، و«صقر قريش» و«ربيع قرطبة» و«ملوك الطوائف»، وهي مسلسلات فيها إتقان للغة على مستوى عالٍ، من حيث القواعد والتشكيل واللفظ. وأوضح سليمان أن اللغة على الدوام كانت أداة من أدوات تعبيره كممثل، و«هذا خلق علاقة محبة وعشق بيني وبين اللغة العربية فهي لغة جميلة جداً»، موضحاً أن «الممثل غير المتمكن من اللغة العربية ينقصه الكثير، ويكتشف ذلك في محاولة التعبير عن نفسه، وكذلك حين يعرض عليه التمثيل باللغة الفصحى، لأن اللغة ليست قواعد فقط بل شكل جمالي، ومن لم يقرأ أهم الكتب الأدبية يصعب عليه التعبير عن نفسه».
واعتبر سليمان «وجود برنامج خاص لتحدي القراءة يخدم الترويج للقراءة، فالعلاقة بين الإنسان والكتاب تتراجع منذ 30 سنة بشكل لافت للنظر، وهذا محزن»، لافتاً إلى أن «المبادرة تحاول أن تعيد العلاقة الجيدة بين الشباب والكتاب»، ومشدداً على أهمية الترويج لها وتقديم نماذج عبر وسائل الإعلام لأوسع طيف للشباب والأهالي، الذين يتمنون أن يكون أولادهم جزءاً من التنافس. وأكد الفنان السوري أنه «رغم ابتعاد الكثيرين عن القراءة، فهناك جوانب مشرقة في العالم العربي، وقد تم تسليط الضوء على النماذج الإيجابية من خلال البرنامج»، وتوقع سليمان «وجود نوع من العدوى، وستكون ملهمة للكثير من الأطفال والآباء والأمهات، وتدفعهم للقراءة».
سليمان أشار إلى وجود «الكثير من البرامج الترفيهية المهمة التي قدمت مواهب رائعة على امتداد الوطن العربي، لكن لابد من إلقاء الضوء على الجانب المعرفي، والاحتفاء بالشباب والأطفال الذين حققوا تقدماً في مسابقات المعرفة، لأن تغيير سلوك المجتمع نحو الأفضل يتطلب تقديم النموذج الملهم، وأن أهمية ربط المبادرة مع وسائل الإعلام، وعلى محطة مهمة، خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، فلا نستطيع الترويج لكل الأفكار الجيدة ما لم نستخدم وسائل الإعلام بطريقة تفاعلية لافتة ومغرية»، وأكد عضو لجنة تحكيم برنامج تحدي القراءة العربي أن «البرامج الترفيهية لها جماهيرية تفوق البرامج الثقافية، لكن هذا لا يعني أن الأخيرة ليس لها جمهور، ويمكن توسيع شريحة هذا الجمهور، ومع الوقت نستدعي المزيد من الناس، فالمسألة تتوقف على تقديم المحتوى المعرفي والثقافي بطريقة جاذبة لجهة خدمته عن طريق الإعلان، فهذا يروج بشكل كبير للبرامج التعليمية»، وأضاف سليمان أن «الإعلام يحمل مسؤوليات وطنية، والمسألة لا تحسب دائماً بطريقة نفعية وسطحية ترتبط بعدد المشاهدين، مشيداً بمسابقات المعرفة في الغرب، التي تحظى بجمهور واسع ويتابعها الملايين وجوائزها كبيرة، لأنها تعتمد على إتقان صناعتها والترويج الجيد».
واعتبر سليمان أن من واجب لجنة التحكيم إيجاد التحدي أمام المتسابق لدفعه لتقديم أفضل ما لديه، و«هذا باستخدام أسلوب التحريض على تقديم الأفضل، مرة بالتشجيع ومرة بالتحدي، لأنه يجب أن يعرف المتسابقون أن المعرفة والثقافة شيء لا نهاية له، ويجب أن يتابعه الإنسان مهما كان مستواه»، ولفت إلى أنه أحياناً كان يستخدم اللطف والتشجيع وأحياناً يوجد لهم التحدي لاستفزازهم، ولكن في المقابل كانت لديه سعادة كبيرة ببعض المتسابقين، لما لديهم من ثقافة متنوعة وواسعة ومدهشة، وتنوع الكتب التي يقرأونها، فيما البعض لديه ثقافة لكنها غير متنوعة، وشدد على أنه لفت نظره أن «العنصر الأنثوي أنشط من العنصر الذكوري، فالفتيات كان عددهن أكبر وسعة اطلاعهن وحماستهن أوسع»، ممازحاً بأنه «يبدو أن المستقبل عند الفتيات».
وأشار إلى وجود جانب معقد في التحكيم حول ما يمتلك الشاب من ثقافة، وثانياً طريقة تعبيره عن ذلك، فأحياناً امتلاك القدرة على التعبير هي التي تجعل الطالب يربح، فطريقة التسويق للأفكار والتعبير عنها مهمة، لأننا نتثقف للتفاعل مع المجتمع في ثقافتنا، بطريقة تثير اهتمام الآخرين.
أما النصيحة الأساسية التي وجهها للطلاب، فتكمن في «إدراك تميزهم بعد وصولهم لهذه المرحلة بين ملايين الأطفال والشباب، وأن يتحملوا مسؤولية أكبر تجاه أنفسهم، وهذا يجعلهم شخصيات تمارس دوراً أساسياً في المجتمع، فالمسابقة ليست نهاية المطاف بل بداية رحلة طويلة».
علاقة بالقراءة
بدأت علاقة الممثل، جمال سليمان، بالكتب منذ صغره، وكان عمره 10 سنوات، ويتذكر في هذا السياق: «كان والدي حريصاً على امتلاك الثقافة، وهناك الكثير من الكتب التي تركت أثراً في حياتي بسبب طبيعة مهنتي، كما تطور اهتمامي بالتاريخ، خصوصاً تاريخ الفن كظاهرة اجتماعية، وكيف وجد الفن، وتطور من مدرسة لمدرسة بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى أن دراسة المسرح، وعملي ممثلاً دفعاني إلى قراءة كمية كبيرة جداً من المسرحيات». وعن الكتّاب الذين أثروا فيه، لفت سليمان إلى أنه تأثر بويليام شكسبير، فهو كاتب عظيم ومؤثر في النظرة للحياة، وبرواية «الجريمة والعقاب» لدويستوفسكي، والأدب الأندلسي الواقعي، ونجيب محفوظ وكيف عكس التباينات الاجتماعية في المجتمع العربي، إلى جانب الأدب اللاتيني، أما الشعراء فلديه علاقة متينة مع المتنبي وأمل دنقل ومحمود درويش، وبابلو نيرودا ولوركا وغيرهم.