كل الحياد الشاحبوبكل برود الصمت
ما زال ذلك العصفور الخشبي
يحدق منذ عقود
في لوحة على الجدار ...
يقف على طرف الرف كعادته
في غرفة تطل على الحديقة
في البيت المنسي المهجور ..
في اللوحة ثمة أشجار .. ونهر
وغيمة وبعض سماء
وسرب عصافير مهاجرة
وعلى اطار اللوحة .. غبار
وخيوط عناكب منسية ..
بكل رماد الصمت
يمتد ظل العصفور الخشبي
كل مساء
حين تطل الشمس بصمت من زجاج النافذة
يكاد ظله الشاحب يلمس إطار اللوحة
ثم يخبو فجأة .. كأنه لم يكن الا
ظلا من سراب
بكل الصمت كان العصفور الخشبي
يدير ظهره للنافذة المغلقة
غير عابئ بشغب الاغصان وهي تداعب
زجاجها البارد ..
ولم يلتفت ولو مرة لدقات الريح
وهي تمسح عن الزجاج
بعض ما تراكم من غبار ..
وفي مساءات الشتاء
حين تقفر النافذة
من شغب العصافير والأغصان
وحين تنام الشمس في كهف الغيوم هناك
خلف جدار الأفق البعيد
كان العصفور الخشبي كعادته
يواصل تحديقه البارد
في اللوحة المغبرة على الجدار
في ذلك الصباح
حين اطلت الشمس من زجاج النافذة
بعد ليلة طويلة أثقلها المطر..
لم ينتبه أحد لغياب العصفور الخشبي
لم يكن يقف كعادته على الرف
محدّقا بكل الصمت
في لوحة على الجدار
ولم ينتبه أحد .. أن اللوحة مختلفة هذا الصباح
في اللوحة كان ثمة نهر
وأشجار وبعض سماء
وكان هناك طائر يشبه عصفورا خشبيا
يُحلّق منتشياً
.. يتبع من بعيد
سرب عصافير مهاجرة