-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

«نبضات عنكبوتية»… حياة امرأة غير عادية على الإنترنت

القاهرة ـ «القدس العربي» ـ كمال القاضي: تمثل وسائل التواصل الاجتماعي نوافذ حرة للكتابة والتعبير وأوجه النقد المختلفة، وقد خلقت تيارات من الوعي غايرت في
مضمونها السائد والسابق من الأفكار والفلسفات والأطروحات. فمن خلال صفحات «الفيسبوك» استطاع الجمهور أن يكون شريكا بالفعل في الحراك الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي إذا رغب في الكتابة، كل حسب ميوله وتوجهاته، وليس هذا فحسب وإنما نشأت عن الحرية المتاحة أشكال إبداعية أخرى تخلقت بالضرورة كإفراز طبيعي للجو العام الذي سمح لفئات كثيرة أن تتنفس حريتها وتكتب ما تشاء.
«نبضات عنكبوتية.. حياتي على الإنترنت» كتاب صدر حديثا للصحافية ولاء أبو ستيت سجلت فيه ما احتفظت به ذاكرة الكمبيوتر من خواطر إنسانية وحوارات داخلية أقامتها مؤلفة الكتاب عبر سنوات من التواصل مع الشبكة العنكبوتية التي تراها فتحا مبينا على الثقافة العربية والعالمية ونشاطا آليا لذاكرة العقل الجمعي وطفرة معلوماتية على مستويات عامة كثيرة لم يكن بإمكان الإنسان الانفتاح عليها أو تحصيلها قبل اندلاع ثورة الاتصال الحديثة وتحول الكرة الأرضية إلى لعبة في يد مستخدم الإنترنت. تقدم ولاء أبو ستيت تجربة جديدة ومبتكرة من كتابات نوعية مزجتها وضفرتها وفق ترتيب متجانس عملت فيه على تجاور النصوص في منظومة أقرب إلى الإبداع منها إلى السرد، وسمحت لشخصيتها وأبطالها أن يكونوا محورا لأحداث ومواقف ومحت الخطوط الهمايونية الفاصلة بينها فلم تفرق بين مصري وعربي الكل أمام الإبداع سواء، أمل دنقل مثل وديع فلسطين مثل إدوارد سعيد مثل سوزان طه حسين لا فرق بين نموذج وآخر إلا بما صنع وأبدع.
فها هي تكتب على لسان وديع فلسطين ما يبوح به عن حبه للمراسلة عبر البريد التقليدي «البوستة» في أزمة فائتة ومراحل ثرية من عمره وكيف أن الخطاب الورقي المرسل من صندوق البريد كان يحل محل صاحبه في أوقات كثيرة ويستحضر روحه ووجدانه فيلقي به على سطح الورقة البيضاء في لقاء حار مليء بالشوق والصدق.
وفق سياق آخر تقول عن الراحل إدوارد سعيد أنها كثيرا ما ادخرت بعض ما كتبته عنه واستعصي عليها نشره في الصحف السيارة إلى صفحتها على الفيسبوك مترجما ومنفتحا كالملف الذي أعدته عنه في ذكراه الثامنة وطرحت فيه رؤيته حول بعض القضايا السياسية والثقافية ونظرته الكلية الشاملة للواقع الفلسطيني وفلسفة التعامل مع إسرائيل محور الأزمة. 
وعن زوجة الشاعر عبد الوهاب محمد تحكي الكاتبة عن اللقاء وتفيض في وصف ما وجدته من آيات الحب الكبير للسيدة خديجة النصيري وارتباطها بزوجها الراحل وتدلل بكلام الزوجة المخلصة على آثار الثقافة والفن في توطيد العلاقات العاطفية والإنسانية بين طرفين أحبا الغناء والشعر وامتلأ كل منهما بمشاعر فياضة رقيقة تجاه الآخر وهو اتساق الموهبة مع نفسها حين تترك كل هذا الأثر الإيجابي بعد رحيلها وتنسب المعاني التي ضمنتها ولاء في كتابتها على كافة الشخصيات الأخرى التي تنتمي للإبداع والفن والثقافة وكانت جميلة في عمقها وذاتها فرأت الوجود جميلا.
ولم يفت الكاتبة أن تذكر بعض مآسيها مع الصحافة التي عاشتها في بلاط صاحبة الجلالة سنوات طويلة تبحث عن مرفأ أمان وتنشد التميز والنجاح في عالم مثير يجمع بين الأضداد فكم من صور إنسانية نراها في كتابتها توردها مع مواقف أخرى مأساوية محبطة كانت كفيلة بتوقف مسيرتها الصحافية لكنها آثرت أن تستمر في ممارسة المهنة التي ارتضتها لنفسها غير مبالية بما تدفعه من ثمن وما تتحمله من مشاق نفسية وعصبية. لقد أدركت ولاء أبو ستيت أن هذا هو سر المهنة ولكنها لم تسلم بقانون التعذيب والتنكيل وهربت لتنجو بنفسها وتحلق في فضاء أكثر اتساعا ورحابة فضاء العالم الافتراضي الإنترنت لتجد ضالتها فيه وتنعم بحريتها دون قلق أو مساومة.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا