-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

فاطمة السنوسي رائدة القصة القصيرة في السودان

«1»
تخاصمنا مرة..
فنزعت خاتمي من يدي
وكان عليه حرفه الأول..
ثم أتبعته بأقراطي.. قلادتي.. وسواري..
وكان عليها جميعاً ذات الحرف..
تركتها بالبيت.. وخرجت لحياتي اليومية..
لكن إحساسي بالحرف ظل يلازمني..
حيرني الأمر.. ثم تذكرت
كنت نقشت الحرف على قلبي
نزعت الأشياء ولم أنزع قلبي.
 «2»
 الحتجت لبعض عقلي
فأتخذت قراراً بألا أذكرك
إلا علي رأس كل ساعة..
لكني ألفيت نفسي أقضي العمر
انتظاراً لرؤوس الساعات..
فعدلت عن القرار
«3»
في وسط السوق..
شاهدت منظرا أدمى قلبي..
فرأيت حماية لقلبي أن أضعك
على عيوني.. وأنظر الدنيا من خلالك..
ما أن فعلت ذلك..
حتى رأيت شحاذاً يعترض المارة
يعطيهم ولا يأخذ منهم
 «4»
  على الطريق العام
كنت أسير ذات يوم وأفكاري معك..
عاكسني أحد المارة ممتدحاً جمالي..
أدركت في الحال
أن الحب الذي يملؤني..
قد فاض على وجهي..
كتب إليها وكان على فراش المرض
«لن أموت حتى لا تبكي فتحمر عيناك الجميلتان»
لكنها حين قرأت الرسالة
بكت.. فأحمرت عيناها الجميلتان
 «5»
 في بلاد بعيدة..
نظر الطبيب صورة لقلبي
بالأشعة السينية
قال بانزعاج:
«هناك تشوهات بالقلب»
قلت بغير انزعاج:
«ليس تشوها ولكن قلبي في الغربة دائماً
يتشكل بخارطة الوطن
استمع الطبيب إلى مندهشاً
وعكف على الخارطة يدرسها بإمعان
 «6»
 طفلي الرائع يحبني
يغفر أخطائي
عند الشهيق أغضبته
عند الزفير سامحني
 «7»
تحاببنا بصدق
توحدنا..
سألني صورتي..
فأعطيته المرآة..
«8»
 خلعت ثوب عافيتي
لأنشره عليك..
ما وجدتك..
صار في الدنيا مريضان
«9»
 عبر منفذ صغير
اقتحمت حياته..
دخلت عالمه الرحب..
استغرقتني كنوزه..
ضاعت مني بوابة الخروج
«10»
اقتادوه إلى مركز الشرطة
لأنه حين يذكرها
ينبض قلبه بعنف
مسبباً الازعاج العام.
«11»
 التقت الفتاة بصديق قديم..
حكى لها عن فكرة طريفة يتبناها
ومشى فيها خطوات..
تتمثل الفكرة في تكوين ناد للقلوب الخالية
ودعاها للانضمام للنادي..
التقيا مرة أخرى لمناقشة أبعاد الفكرة
كان اللقاء طويلاً
والحديث حلوا
وشجيا
قبل ختام اللقاء.. أيقن كلاهما
أنهما فقدا شرط العضوية الوحيد..
«12»
 قرأت مرة بالصحف إعلاناً
من دائرة الشرطة برصد مكافأة
لمن يدلهم علي رجل يملك إمتاع
العقل والروح والعين والفؤاد
في لحظة واحدة..
خنت حبيبي..
أرشدتهم إلى مكانه وقبضت المكافأة
«13»
 في قلب سحابة بعيدة
حفرا مخبأ لحبهما
امطرت السحابة
انسكب الحب على المدينة
«14»
في مطار ناء فخم وأنيق
رأى حقيبة متهالكة
فبكى وضج في اعماقه الحنين
لم يعرف الحقيبة لكنه
عرف ذرات التراب التي على الحقيبة
 «15»
 سال دمه فجرى
إختلط الدمع بالدم ..
صار لون الدم باهتاً ..
تغيرت ملامحه ..
تعلمت ألا أبكي في ساحة النضال
«16»
في بلاد بعيدة نظر الطبيب صورة لقلبي بالأشعة السينية
هتف بإنزعاج : هناك تشوهات بالقلب ،
قلت بغير إنزعاج ، ليس تشوهاً ،
لكن قلبي في الغربة دائماً يتشكل بخارطة الوطن
نظر الطبيب إلي مندهشاً
وعكف على الخارطة يدرسها بإمعان
 «17»
طفلي الرائع يحبني
يغفر أخطائي
عند الشهيق أغضبته
عند الزفير سامحني
 «18»
 وضعت قلبي على لساني
لأكون صادقة القول
ولأنك ملء القلب
تلونت بك كلماتي
فأصبحت إمرأة عذبة الحديث
«19»
اخذت حبل وصلك المقطوع
حاجزاً من شك وعقدة من خوف
ونصبت مشنقة لحبك
كان الحب كبيراً ما طوقته المشنقة
فشنقت اوهامى
وحررت شهادة بقاء ابدي للحب الكبير
«20»
 خلعت ثوب عافيتي لانشره عليك
ماوجدتك ، صار في الدنيا مريضان
 «21»
كان رجلاً أعزباً ، هادئاً ، ومسالماً ..
قرأ طالعه بصحيفة ذلك اليوم وكان يقول :
شجار يقود إلى علاقة زواج
تهللت أساريره فقد وجد مفتاح الحل
وعندما أوى إلى فراشه ليلاً كانت مشكلته ألأساسية ألإختيار
فقد تشاجر في ذلك اليوم مع أبنة عمه وصديقتها
وثلاث من زميلاته في العمل وبنت الجيران
«22»
شاعت روحه الحلوة فعمت مكان الإحتفال
رأيت الشمعات تضحك حتى سالت دموعها
إحتفلنا دون ان نطفيء شمعة
حتى لا نخرس ضحكة من الأعماق
«23»
 يضحكنى حبيبى
فهو قصير القامة جدا
مستدير الوجه جدا
صغير الوجه جدا
يفشل فى تقبيلى لاننى عندما انظر اليه
انفجر بالضحك
احببته معنى..همت به حقيقة
اعطيته الحياة.. اطال لي حياتى
نادانى.. ياماما
ناديته ..يارجل
فقد بلغ من العمر .. ثلاث سنوات
«24»
كان رجل لايأبه لبيته
كثيرا .. ولا قليلا
احتسى خمرا وغفا
سمع ضجة واصواتا متداخلة
صرخ مناديا زوجته لتعيد للبيت هدوءه
ونام
استيقظ متأخرا ليجد ان عدد اطفاله قد زاد واحدا
«25»
في قاعة الدرس تجاورنا
اخذ قلمي مرة
ولم يرده..
اخذت عقله ولم ارده
على هذا الحال تخرجنا
مر الزمن.. ونسيت قلمي
غير انه ما زال يبحث عني
عله يسترد لبه المفقود
«26»
 سألها عن مدى حبها له
فأجابت بأنفاسك احيا
فكتم انفاسه مداعبا فماتت
**
فاطمة السنوسي تعتبر من رائدات القصة القصيرة جدا في السودان ، وقد كان لها ولنصوصها التي نشرتها بالصحف بانتظام في بداية الثمانينات فضل كبير في اجتذاب الكثيرين الي عالم القصة القصيرة جدا، لغتها المتميزة ورحيق التجارب والقدرة علي الايجاز والابهار جعلا من نصوصها نصوصا نموذجية لحرفية كتابة القصة القصيرة جدا، فهي لم تستسهل الكتابة ولم تخرج بها من حرفية كتابة القصة الي لغة المقال الصحفي او العمود او النثر ، بل حافظت علي تكنيك كتابة القصة في مجمل ما نشرته بادراك عميق لطبيعة النوع الادبي الذي تكتبه وهي بذلك مارست دور الناقد في علاقتها مع نصوصها فخرجت تلك النصوص محملة بقيمها القصصية الرفيعة وممثلة نموذجا نقديا صارما في كيفية كتابة هذا النوع من القصة، هي كاتبة لم تقع في فخ الاستسهال للكتابة ولم تغويها اللغة الغنية لديها لتقع في فخ التهويم الشعري والنثري بل ظلت علي الدوام مبقية جل اهتمامها للقصة من حيث هي قصة.ورغم اهميتها الكبيرة في تاريخ القصة والاقصوصة السودانية عانت فاطمة السنوسي من غياب النقد المنصف فلم تتوافر دراسات كافية عن ادبها وعن مشاربها الفكريةوالادبية ونظرتها ولم تحظ باهتمام كاف يستنطقها عن تجربتها وتلك صفحات بيضاء تنتظر جهدا من الباحثين. 
صلاح الدين سر الختم علي

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا