من الملأ العلوي من عالم الخلدِ | أهل عليكم بالتحيات والحمد |
تقحمتُ حُجب الغيب حتى أتيتكم | لأجزيكم عن بعض إحسانكم عندي |
قطعتُ حدود (الأين) في متطاولٍ | من اللوح يفنى البعد فيه من البعد |
كأن الفضاء اللانهائي سائرٌ | على كرةٍ لا حد فيها سوى حدي |
إذا ما ركضت السير في فلواته | تشابه ما قبلي عليّ وما بعدي |
إلى أن تجاوزت النجوم جواذباً | إليهن عطفي غير أن لسن من قصدي |
يناشدني - والنور ثمّ - لسانها | لأنشدها شعري وأصفيها ودي |
ولو لم تكن (مصرٌ) و(جلّق) الهوى | و(بغداد) لم أبخل عليها بما عندي |
معانٍ قضى فيها الشباب مآربي | وسلّت بها كبرى العزائم إفرندي |
وأمليتُ فيها الدهر غرّ قصائدي | فغنى بها الأجيال في السهل والنجد |
****** | ****** |
قطعتُ حدود (الأين) حتى أتيتكم | فمن (لمتى) ما بيننا قام كالسد |
أجل، ألف عامٍ حال بيني وبينكم | فلولا سبقتم أو تأخر بي عهدي |
سعدتُ بلقياكم وفزتم برؤيتي | لو أن يد المقدار ألغته في العدّ |
ألا فتزحزح يا زمان لشاعرٍ | يريد فلا تقوى الجبال على صدي |
أغرّك أنّ الأرض قد شربت دمي؟ | وأنّ عيون الشهب قد شهدت لحدي؟ |
رويدك قد خلدتُ في الشعر محضه | ولم يبق منه للتراب سوى الدُردي |
فها هو في الأجيال ينساب صافياً | إلى ابنٍ .. إلى ابنٍ .. من أبيه .. من الجد |
يزيد على الأيام كالخمر سورةً | لو أن حُميا الخمر تهدي كما يهدي |
أنا الخالد الساري بأعصاب شعبه | وما شعبه بالنزر أو ضرِع الخدّ |
****** | ****** |
بني مصر أنفاس الخلود عليكم | ونشر الخزامى والرياحين والورد |
سبقتم إلى تكريم ذكراي غيركم | وقدماً سبقتم للمكارم والمجد |
رأيت (بلاد الضاد) عقداً منظماً | ولكن (مصراً) فيه واسطة العقد |
قضيت لمصر بالإمامة بينها | وهل لقضاء شئته أنا من ردّ؟ |
ومن غيركم أهدى إلى (الضاد) شاعراً | كشوقي ومنطيقاً كجباركم سعدِ؟ |
أحبهما لا بل أقدس فيهما | مشابه من عزمي وأصداء من وجدي |
أعدتم إلى (الفصحى) الحياة فزحزحت | بأيديكم كابوس تُبّت والصُغدِ |
هي الضاد لن يذوي على الدهر عودها | وقد خصها (الذكر) المقدسُ بالخلدِ |
ستبدأ من حيث انتهت سائر اللغى | خطاها إلى حدّ يجل عن الحدّ |
ولا تعتبوها فهي بعد صغيرةٌ | ولم يتنفس صدرها بعد عن نهدِ |
علىأنها بالرغم من صغر سنها | لناعسة الجفنين مياسة القدِ |
يكاد يصيح الحب بين شفاهها | "أنا الحب ما أخفيه فوق الذي أبدي" |
****** | ****** |
تمنٍ يلذ المستهام بمثله" | " وإن كان لا يغني فتيلاً ولا يجدي |
وغيظٌ على الأيام كالنار في الحشا" | " ولكنه غيظ الأسير على القِدّ |
فلو عشتُ في هذا الزمان وأهله | لغيرت من نهجي وضاعفتُ من جهدي |
وكنتُ تنكبتُ الملوك ومدحها | فليسوا بأكفائي وإن نالهم حمدي |
وأتعس خلق الله من زاد همه" | " وقصّر عما تشتهي النفس في الوُجدِ |
****** | ****** |
يقول أناسٌ إنني قد هجوتكم | فإما أرادوا الشرّ أو جهلوا قصدي |
ولم أهجُ إلا حالةً غاظني بها | وقوف بني الأحرار بين يدي عبدِ |
ولستُ أبالي مادحاً لي وهاجياً | فقد رويت نفسي من الصيت والمجدِ |
ولي منهما ما لم ينله مملكٌ | ولا شاعرٌ قبلي ولا شاعرٌ بعدي |
ولكنني أصبحتُ رمزاً لمجدكم | يضمكم روضي ويجمعكم وِردي |
فمن نالني بالسوء نالكم به | لذاك، ويعوي ضدكم من عوى ضدي |
أبى الله إلا أن مجدي مجدكم | وإن رغم الشاني ومجدكم مجدي |
(أبوكم أبي يوم التنفاخر (يعربٌ | وجدكم (فرعون) اضحى بكم جدي |
تألّه و(التاريخ) طفلٌ وملكه | تبسّمُ ذاك الطفل نوغي في المهد |
تكلل بالريحان هامات ضيفه | وتنضح أبهاء الندام بما وردِ |
وقد أعلنت فيها المجامر وجدها | فصعّدن أنفاساً من العود والندّ |
تقوم عليهم في شفوفٍ رقيقةٍ | جوارٍ كمثل اللولوء النثر والنضدِ |
يطفن عليهم بابنة الكرم حرّةٍ | وبالنُقلِ بعد اللحم والزُبد والشهدِ |
فلا غرو في دعوى النبّوةِ مثلُه | وليس له فوق البسيطة من ندّ |
ويعجبني الجبار إذ هو قوةٌ | يهيم بها قلبي وأعبدها جُهدي |
كذا فلتكن فتيان يعرب إن ترد | حياةً لها ما بين أعدائها اللُدّ |
حرام عليكم أن يقوموا وتقعدوا | وأن تهزلوا والقوم ماضون في الجدّ |
كثيرٌ عليهم بعدُ أن تقفوهم | بني اللؤمِ منكم موقف الندّ للندّ |
فكيف بأن يعلوا عليكم ويضربوا | على العُرب دون العزّ سداً على سدّ |
****** | ******* |
رفعتم شباب النيل أمس لواءها | فنفستمُ كربي وبرّدتمُ وجدي |
وثرتم على الحامي العتيد وصحتمُ | "نعيش كراماً أو نُغيّب في اللحدِ" |
بنفسي دماءٌ أهرقت في جهادكم | ( تحن إلى أسلافها قبل في (أحد |
جريرتها أن كلفت حمل قيدها | وما خلقت إلا قضاء على القيدِ |
أضاء سناها (بالشآم) فروّعت | عِداها وردتها إلى خطةٍ قصدِ |
أرى الحق في الدنيا يُردّ لقاهرٍ | ولم أره يوماً يُردّ لمستجدِ |
فإن لم تُنلكم نَصف قومٍ مودةً" | "أنال القنا والخوف خيرٌ من الودّ |
ولن تبلغ الأعداءُ من مصر مطمعاً | وقد زأرت فيها اللبوءُ مع الأسدِ |
****** | ****** |
تناهت سلالاتٌ الجبابرة الألى | بنو هيكل الدنيا إلى هيكل الفردِ |
تقوم عليه أمةٌ عربيةٌ | رسالتها هدي الشعوب إلى الرشدِ |
على كاهل الدنيا استقلت بموطنٍ | من (المغرب الأقصى) إلى (الشطّ) ممتدِ |
إذا هتفت (مصر) بلحن جهادها | (تعالى صداه في (العراق) وفي (نجد |
وخفّ له في (حضرموتَ) مهللٌ | وجلجل في آفاق (تونس) كالرّعدِ |
رأيتُ (بلاد الضادِ) عقداً منظماً | ولكنّ (مصراً) فيه واسطة العقدِ |
قضيتُ (لمصر) بالإمامة بينها | و ما لقضاءٍ شئتُه أنا من ردّ
|