تلقينا في اتحاد كتاب المغرب، بأسى وحزن بالغين، نبأ وفاة الكاتب الإسباني العالمي الكبير، خوان غويتيصولو، صباح اليوم الأحد ببيته، بمدينة مراكش، عن عمر يناهز 86 سنة.
وبوفاة خوان غويتيصولو اليوم، يكون العالم الثقافي والإبداعي والإنساني، قد فقد رمزا كبيرا من رموز الثقافة والفكر والإبداع والنضال وحقوق الإنسان في العالم، وصوتا من الأصوات الكونية المدافعة عن حوار وتلاقح الحضارات والثقافات بين ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط، وبين الضفتين الإيبيرية والأمريكية.
لقد ظل كاتبنا الراحل، رحمه الله، وفيا للمبادئ وللقيم التي آمن بها، بمثل ما ظل مدافعا عنها إلى أن وافته المنية، رافضا كل أشكال الإغراء أو الاستيلاب وعلى مستويات رسمية كبرى، محافظا بذلك على استقلاله الفكري والثقافي، ومساهما بقوة في تجديد الإبداع الإسباني واللغة الإسبانية.
كما ظل كاتبنا الفقيد منتصرا للقضايا الإنسانية الكونية العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مدافعا عن أفقها الإنساني والتريخي المشروع، بمثل ما بقي وفيا، رحمه الله، لبلده الثاني، المغرب، هذا الذي ارتضاه مكانا للإقامة والعيش، إلى درجة أصبح فيها اسمه مرتبطا بمدينة مراكش، المدينة التي أحبها خوان، كما أحب ناسها وتراثها وأمكنتها، واختارها مكانا للعيش فيه منذ العام 1996، فاحتلت المدينة بذلك مكانا لافتا في كتاباته وإبداعاته الروائية والسيرذاتية، وفي مقالاته ودراساته، إلى أن وافته المنية فيها، إذ ظل كاتبنا يبادل المدينة المحبة بالمحبة، والمودة بالمودة، مدافعا عن تراثها وعن ساحتها الشهيرة "جامع الفنا"، وإليه يعود الفضل في اعتراف اليونسكو بالساحة، باعتبارها تراثا شفاهيا إنسانيا، هو الذي كرس جزءا من اهتماماته، رحمه الله، لهذه الساحة الشهيرة، ولتراثها الشفاهي والحكائي ولذاكرتها الشعبية، بمثل عشقه الكبير وتعاطفه الاستثنائي مع الحضارة والثقافة العربية الإسلامية .
وقد سبق لاتحاد كتاب المغرب، أن رحب بهذا الكاتب العالمي، وبانتمائه الجديد إلى أفقنا الإنساني والثقافي والإبداعي، فمنحه الاتحاد العضوية الشرفية فيه، اعترافا بحضوره الإنساني والإبداعي الكبير، وبانخراطه الإنساني والوجداني والفكري والإبداعي في مشهدنا العام.
سيظل الكاتب العالمي غويتيصولو، صوتا إبداعيا متفردا، بكتاباته الإبداعية العالمية الشهيرة، بما أثارته من جدل واسع، لجرأتها ولخصوصيتها، ولإشكالية الإبداع فيها، بمثل ما سيظل واحدا من قمم وروائع الأدب الإسباني والعالمي، وأحد أكبر المدافعين عن التعدد الثقافي والتنوع الفكري، مستهجنا كل انغلاق في الحوار وفي الثقافات .
وبهذه المناسبة الأليمة، يتقدم اتحاد كتاب المغرب، وهو يؤبن فقيد الإبداع العالمي الكبير، بتعازيه ومواساته، إلى أفراد عائلته، وإلى كل المثقفين والمبدعين والمناضلين في إسبانيا والمغرب وبقية العالم، راجيا من العلي القدير أن يشمل الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم عائلته وأصدقاءه وقراءه جميل الصبر وحسن العزاء.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
المكتب التنفيذي