عندما يفكر المرء في مستقبل اللغة الأمازيغية بالمغرب فهو يستحضر تلقائيا الملايين المملينة من المغاربة الناطقين بها في مختلف المدن والقرى والمناطق المغربية طولا وعرضا وسهولا وجبالا.
ولكن تلك الصورة خادعة لأنها تعبر عن الناطقين شفويا بالأمازيغية دون الأخذ بعين الاعتبار كونهم متعلمين أو شبه أميين أو أميين، أي دون الأخذ بعين الاعتبار كونهم قادرين على كتابة الأمازيغية أو لا.
من المؤكد أن 1000 شخص متعلم ينتجون وينشرون المعرفة سيكونون أقوى تأثيرا في مجال الإعلام والعلوم والإدارة من عشرة ملايين أمي. وسيكون ذلك الألف شخص بمثابة قاطرة صغيرة تقود قطارا ضخما. ولكن إذا رفضت القاطرة أن تتحرك فلن يتحرك القطار.
في قاع المجتمع المغربي يوجد الأميون الحَرْفيون، ثم فوقهم ضعيفو التعليم وهم شبه أميين (مستوى المسيد أو الابتدائي)، ثم فوقهم متوسطو التعليم الذين بالكاد يستطيعون فك رموز فاتورة الكهرباء، ثم فوقهم المتعلمون تعليما متوسطا الذين يقرأون الجرائد والمواقع بالعربية أو بقليل من الفرنسية، ثم فوقهم المتعلمون جامعيا ومنهم الأساتذة والموظفون، ثم فوقهم المثقفون والمفكرون الناشطون في إنتاج الأفكار.
وهذا يشكل هرما قاعدته واسعة بشكل مفرط (بسبب كثرة الأميين وأشباه الأميين بالمغرب) وقمته ضيقة بشكل حاد وتكاد لا ترى من فرط ضيقها (بسبب قلة المتعلمين جيدا وندرة المثقفين).
أما في البلدان المتقدمة معدومة الأميين ذات الشعوب المتعلمة جيدا فلا نجد ذلك "الهرم المعرفي" بقمته الضيقة، وإنما النخبة المتعلمة المثقفة هناك واسعة جدا قد تبلغ نصف تعداد المجتمع أو أغلبيته! فالجميع تقريبا يتقن القراءة والكتابة على الورق والإنترنيت بلغة البيت والشارع الشعبية في تلك المجتمعات.