-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

باحث جزائري يرصد أهم المعالم التي مرت بها الشعرية المغربية

يحاول الناقد الجزائري د. عبدالقادر رابحي أن يرصد أهم المعالم التي مرت بها الشعرية المغربية المعاصرة، من خلال تتبع خطوات تطورها في المرحلة التاريخية
التي أعقبت ميلاد الدولة الوطنية في دول المغرب العربي عامة، وفي الجزائر خاصة.
ويتساءل - في بحثه المنشور في التقرير الأول لحالة الشعر العربي 2019 الصادر عن أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف السعودية – ما الذي حققته الشعرية المغاربية المعاصرة من إنجازات بعد دخولها في الألفية الثالثة بالنظر إلى ما يثيره الواقع الاجتماعي المغاربي من تساؤلات وجودية مرتبطة أساسا بما أنتجه من حراك ثقافي وفكري وسياسي؟ وما هو موقفها من واقع ما أفرزته الثورة التكنولوجية من ممكنات إبداعية كبيرة؟
ويجيب الباحث الجزائري: إن المتتبع للحركة الشعرية المغاربية، ولمراحل تطورها سوف يلاحظ مدى ارتباطها بمسارات التجديد الشعري في المشرق العربي أولا، وبما حمله خطاب الثقافة المعاصر من أفكار جديدة أدت إلى مواكبة الشعراء المغاربة لما كان يطرأ على الشعر العربي من تغييرات على مستوى البنيات الشكلية، وعلى مستوى الموضوعات، وعلى مستوى صياغاتها الفنية والجمالية، وصولا إلى راهن ما يطرحه الواقع التواصلي المعاصر من أطر جديدة للممارسة الشعرية، كالأدب الإلكتروني، والكتابة الرقمية، والنشر الافتراضي، ومدى تأثير كل هذه المستجدات على الأنساق المضمرة التي تسكن واقع الممارسة الشعرية المغاربية، ومدى إيقاظه لبعض صورها التقليدية ومناداته لعودتها إلى واقع الممارسة الشعرية.
ويوضح د. عبدالقادر رابحي في بحثه - الذي جاء في أكثر من ثلاثين صفحة  من صفحات التقرير البالغة 900 صفحة – أن الشعر المغاربي المعاصر مر بمراحل تاريخية صعبة، ارتبطت أساسا بنظرات الإنسان المغاربي المستمرة، من أجل الخروج من الأسر الكولونيالي الذي غيّب الثقافة العربية عن واقعها من جهة، والخروج من التصورات الثابتة التي حملتها المشاريع الثقافية الوطنية كبديل عن الواقع الكولونيالي. 
ويبدأ في الحديث عن أول تلك المراحل وهي "إرث التجديد وعوائق التجاوز" مؤكدا أن ما ينطبق على التجربة الشعرية الجزائرية ينطبق كذلك على التجربة التونسية والمغربية مع نوع من الاختلاف، موضحا أن المتابع لمجريات الشعر الجزائري خاصة لا يخفى عليه مدى حيلولة الشرط الاستعماري دون انفتاح جيل السبعينيات على التجربة الشعرية المغربية، مثلما كان الحال عند الشعراء الجزائريين الذين أتيحت لهم فرصة تعلم اللغة الفرنسية وموهبة الكتابة بها.

ويرى أن الحالة التونسية تختلف عن الحالة الجزائرية من حيث مواجهة النخب التونسية لصرامة الشرط الكولونيالي الذي عانت منه النخب المثقفة في الجزائر من جهة، ومن حيث اختلاف نوع الاستعمار الذي شهده البلدان، واختلاف مستويات التضييق التي عانى منها الشعبان التونسي والجزائري.
أما في "معركة الأشكال وتحيين الآليات الإبداعية" يرى الباحث أن أحد  أهم التحديات الكبرى التي لا زالت تعوق مسيرة تجديد الأنساق الشعرية في المغرب العربي، تكمن في قدرة الأجيال المتعاقبة من الشعراء والنقاد على تمثل مفاهيم الذات والآخر، واستيعاب جدلية التفرد والتعدد، وتصور رؤى تجديدية لطرائق الإلقاء والكتابة والتفريق بين قول الشعر والتفكير بالشعر من خلاله.
ويعتقد الباحث رابحي أن الشعراء الجزائريين حققوا السبق في نقل شعر التفعيلة إلى المغرب العربي من خلال قصيدة "طريقي" التي كتبها الشاعر أبوالقاسم سعد الله في سنة 1955 أي بعد سبع سنوات من قصيدة "الكوليرا" لنازك الملائكة، على الرغم من عثرات التجربة الأولى مع جيل السبعينيات في الجزائر، واستواء عود التجارب التجديدية الأولى في تونس والمغرب.
وعن "ضرورة الاندراج في تحديات العصر" يرى الباحث أن راهن الممارسات الشعرية في المغرب العربي يدل على أن هناك محاولات، كما في كل التجارب التجديدية، تحاول أن تخرج عن سلطة النمط الجامد، ومسارات التكريس الموقفة، وخطية الإحداثيات المرسومة سلفا، والمحبوسة بفعل يكاد يكون لا إراديا داخل التصور "الطللي" لقصيدة التفعيلة أو التصور"الحداثي المغلق" للكتابة. وبالفعل استطاع جيل السبعينيات وما بعده أن يجدوا في الأسلوب الرمزي الحكائي أو القصصي، وفي تقمص الشخصية التاريخية، أسلوبهم المفضل للتعبير عن معاناة القهر والحرمان، وفي استيعاب المحددات الفنية والجمالية، التي طالما ألحت عليها نازك الملائكة، كتوفر الوحدة العضوية والتمكن من أساليب التكرار وتوظيف الرمز، واستعمال القناع، والعودة إلى الأساطير القديمة، والتعبير عن التحولات المشوبة بالضيم عن طريق توكيد دور "النبي" في قصيدة التفعيلة.
ويبدو أن فترة الثمانينيات ستشهد قفزة شعرية مغربية نوعية على مختلف الأصعدة الفنية والجمالية والشكلية، ومرتبطة جذريا بما أنجزه المتن الشعري من أبعاد جمالية داخل البنيات النصية، بالنظر إلى ما كانت تعانيه الذات الشعرية من حالات كبت سياسي واجتماعي وثقافي متعلقة أساسا بمرتجعات المرحلة الاستعمارية وصعوبة الانطلاق في تأسيس المشاريع الثقافية للدولة الوطنية.
و"من ثورة الشكل إلى عالم التشكيل" ومحاولة الدخول إلى موجة "الكاليغرافيا" (أو ما سمي بالقصيدة البصرية) التي أسسها محمد بنيس من خلال العودة إلى روح الخط المغربي بوصفه بصمة مميزة للروح المغاربية، في محاولة للتميز عن التجربة المشرقية، وربما التخفيف من تأثيرها الكبير على التجربة المغاربية، ولكن الباحث يرى أن الإغراق في التعامل مع النصوص الشعرية بوصفها مادة للرسم كان سببا في سقوطها المدوي في مغلقات التشكيل البصري وإيغالها في الغموض السيميائي.
وعن "الحداثة بوصفها عائقا تحديثيا" يرى الباحث أن المقترح الجمالي الذي قدمته نازك الملائكة تحول مع الوقت إلى عائق معرفي يقف في وجه الآفاق التخييلية المفتوحة أمام التجريب الشعري، وإلى جدار نفسي مانع لتسرب الأيقونات التحديثية التي تزرعها موجات التجريب الشعري في حقول المدونة الشعرية العربية، وهو ما أدى إلى وجود خيارين أمام الشعراء؛ أن يختار الشاعر الانفراد بالحداثة الغربية فيقدم نصوصا منزوعة الروح، أو يكون عائقا لتطور النصوص خلال معانقتها لمفاهيم الحداثة الشعرية الغربية.
ويشير الباحث إلى أن شعراء المغرب العربي كانوا سباقين إلى قصيدة التفعيلة، ومؤسسين لموجة الكاليغرافيا، كما لم يتأخروا عن الدخول في تجريب قصيدة النثر، وتوطينها في المدونة الشعرية المغاربية، بوعي أكثر عمقا، مما كانت عليه في بدايات ظهور قصيدة النثر. كما انفتحوا على الكتابة الجديدة في الغرب، ونقلوا عن الثقافة الغربية تجربة الهايكو اليابانية على سبيل المثال.  

عن ميدل إيست أون لاين


عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا