-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

هج الضوء في التشكيل الحروفي للجزائري عبد الجبار مومني: محمد البندوري


 يبدو أن المجال الفني للفنان عبد الجبار مومني يرتبط بالفن الحروفي، ويقوم على اللون والتشكيل الحروفي، وعلى الرمزية والإشارة. وبذلك يشكل المبدع نسيجا حروفيا فنيا رائقا، حين يجعل مجموعة من الحروفيات تلتئم باللون وفق طبقات، ويجعل المفردات الفنية الخفيفة تتداخل بشكل تجريدي، سواء عبر اللون أو الحروف أو مقاطع خطية أو علامات أو رموز، ليشكل بها الفضاء.

وتظل المقاربة مغمورة بكل سياقات المادة الحروفية التي تنصهر في اللون بكل طبقاته التي يتسلل إليها الضوء بجمالياته، وهي تتسم بوجود توليف بين التشكيل والمضامين، وبذلك، فإن المادة الحروفية التي ينجزها المبدع بتقنيات عالية يجلي في مظهريتها بعض المضامين والدلالات. وهي ترتبط بالتدرجات اللونية التي تعضدها الخطابات الحروفية، التي تظل رهينة التأويلات المختلفة والقراءات المتعددة الناتجة عن تلاحم اللون والخط، في بؤر تشكيلية ذات معان فنية، وقيم جمالية؛ لأن البناء التشكيلي المدجج بالحروفيات عموما يعتمد في جوهره على المادة المتصلة بالتركيب والشكل، وهو ما ينجزه المبدع في الفضاء، وفق خاصيات تشكيلية ذات إضافات فنية يلعب فيها اللون والشكل والتقنية والمقاس أدوارا محورية لبعث الجمال، وإضفاء التعبير بأسلوب حروفي مبهج، إذ يسخر المسلك التشكيلي بما يحمله من ألوان تتدرج وفق طبقات، لخدمة الحروفيات بألوانها التي تتمظهر هي الأخرى وفق طبقات وبعلامات ضوئية متوهجة، وأشكال وطرق تعبيرية غاية في الجمال، تتوقف على مناح متعددة القراءات.

إن أعمال الفنان الحروفي عبد الجبار مومني تتبدى فيها لمسات من التشكيل المختلط بالحروفيات، فماهية العمل الفني الحروفي الممزوج بعلامات وتشكيلات مختلفة، يُنتج بعض الجماليات التي تقترن باللون، وبعضها الآخر الذي يرتبط بالحروفية العربية، أو الذي يرتبط بالتجريد، وهو ما تفصح عنه درجات من القدرات الفنية للتعبير بهذه المقاربة. كما أن البناء التشكيلي يبدو مدججا بالضربات اللونية أحيانا، والطلاء المشع بالضوء أحيانا أخرى، موازاة مع الشكل والخطوط التلقائية المعبرة، باكتساح قوي للمساحات، وهو ما ينم عن عملية الأخذ من مجال تشكيلي ومجال حروفي باجتهادات تُفضي إلى بزوغ أعمال مثقلة بالإيحاءات والرمزية. إن هذا التوافر بسياقاته المتنوعة يجعل من لوحات المبدع إطارا تعبيريا مختلفا.

وتعد الحركة من بين المفردات الفنية التي تسري أطيافها في شرايين أعماله، ما يجعل منها أعمالا تفاعلية بأبعاد حقيقية ملموسة من الحروفية. وهذا ليس بالأمر اليسير، فعملية بناء الفضاء الحروفي على أنقاض التشكيل بشكل مختلف يجعل المبدع يُبرز المادة الحروفية في شكل فني رائق، يُشرك العنصر البصري للقارئ. وإن كان هذا العمل يتطلب الكثير من المهارة؛ فإن المبدع يتوفر على تقنيات هائلة ومؤهلات كبيرة لتحقيق هذا المنجز. فهو يروم التقنيات المتنوعة والتوظيفات الفنية والجمالية، التي يعتمد من خلالها توزيع المساحة وتركيب اللون وفق طبقات، وإرسال الضوء، ونسج العلامات اللونية والضوئية، وبسط الكتل وفق مقاربات فنية، وتشبيك الحروفيات باللون، وتدقيق التركيب الخطي، ثم تحريك الفضاء على نهج الترجيع الموسيقي. ما يجعل من هذا المنجز أُسّاً فنيا لصناعة جماليات حروفية، يقوي بها الصفات الظاهرية لعالم الشكل داخل الفضاء، وينتج عددا من الدلالات، ويشكل مساحة حروفية جمالية تكسب لوحاته حيوية ورشاقة.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا