حسنا فعل أعضاء مكتب فرع شفشاون لاتحاد كتاب المغرب وهو ينتقون العنوان الرئيس للندوة التي نظموها مساء يوم الجمعة 15 ماي الجاري بقاعة المحاضرات بمركب محمد السادس للثقافة والفنون والرياضة. لقد كسروا السنة غير الحميدة المتمثلة في اختيار عناوين الندوات عبر إثبات مجال موضوعها أولا (سواء تعلق الأمر بالقصيدة المغربية الحديثة، الكتابة الروائية، الحركة التشكيلية، زراعة الطماطم أو استهلاك الكيف، وهلم جرا...)، لتتلوه نقطتا التفسير متبوعتين بالعبارة المسكوكة الصالحة لكل شيء وفي كل زمان: "الواقع والآفاق".
وبالفعل، فقد اختار الفرع عنوان "تأملات في راهن الإعلام الثقافي بالمغرب" كمدخل للندوة تلك، مشرعين بذلك باب الحوار الصريح وغير المتحفظ أمام المساهمين في الندوة (الزميلان سعيدة شريف وسعيد عاهد) ومداخل النقاش الجريء مع جمهور اللقاء الوازن.
كاتب فرع اتحاد الكتاب بشفشاون، الشاعر عبد الجواد الخنيفي، الذي أدار أشغال الندوة بأناقة وانفتاح على جميع الآراء، أوضح أن "تناول هذا الراهن مجددا (راهن الإعلام الثقافي بالمغرب) يأتي في سياق الصراع بين الثقافات اليوم حول عالم الإعلام وثورته المعلوماتية وانفتاحه على المجتمعات وكيفية توظيفه لهذا الراهن في أفقه الكوني..."، داعيا إلى إلزامية التأمل في "كيفية تحقيق تواصل مُخصب للإعلام الثقافي مع قرائه، رغم تراكم العديد من الإكراهات المتسارعة الإيقاع والمترادفة الدلالات.. وبالتالي تتوخى الندوة رصد الملاحظات عن راهنية الإعلام الثقافي بالمغرب وإعادة النظر في صياغة أسئلته وتقييم إنتاجه، والإجابة عن إشكالاته...".
الزميلة سعيدة شريف، التي خبرت الأقسام الثقافية للعديد من المنابر المغربية والعربية، عنونت مداخلتها بـ "أي إعلام ثقافي ولأي راهن متحول؟"، مستهلة حديثها بتأثر الإعلام، كغيره من القطاعات، بالربيع العربي وبالتحولات والتوترات التي تعرفها المنطقة العربية، متوقفة أيضا عند استفادته من الثورة التكنولوجية حيث إنه وظفها بشكل كبير.
ووفق رئيسة تحرير مجلة "ذوات" الثقافية الإلكترونية الصادرة عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، فإن التحولات العربية عرت الإعلام العربي غير المؤسس والمهيكل، أما مغربيا، فالإعلام الثقافي لا يحيد عن المشهد الثقافي العام الذي عرف تراجعا بفعل تراجع المثقف عن لعب دوره في المجتمع. وكشفت الزميلة سعيدة شريف أن أغلب الفاعلين في الإعلام الثقافي هم كتاب ومثقفون ومبدعون، وأن شعبة الإعلام الثقافي غائبة من معاهد التكوين العمومية والخاصة، ما جعل منه مهنة يمارسها الجميع (الأستاذ، المعلم، الأكاديمي، العاطل والتقني,,,). وقد ناشدت، في هذا الصدد، بعض رجال التعليم ليتركوا الإعلام الثقافي والإشراف عليه للصحفيين المهنيين.
لقد جعلت الثورة الرقمية، تضيف المتدخلة، الكل يكتب ويعبر ويخلق نافذة له لمخاطبة العالم، ولكنها ثورة أشاعت الكثير من الفوضى حيث أصبح الجميع يعتقد أنه من السهل القيام بعمل الإعلامي بشكل عام، والإعلامي الثقافي بشكل خاص. إن الثقافة مشروع مؤجل في المغرب، وفي الإعلام المغربي، فإطلالة واحدة على الصفحات الثقافية والملاحق بالجرائد والمجلات، تكشف عن المكانة التي تحتلها الثقافة في هذا الإعلام، وفي المقابل تعرف دول الخليج قفزة نوعية في الإعلام الثقافي، وهي بدأت تستقطب الكتاب والإعلاميين المغاربة، تؤكد الصحفية.كما أن الإعلام بشكل عام، والثقافي منه بشكل خاص في المغرب، يعيش إكراهات التحديث، وتحولات ما بعد الحداثة، وهو ما جعله إعلاما هجينا، لا هو إعلام تقليد بمعنى الكلمة، ولا هو إعلام متطور يساير العصر، خاصة إذا ما انتبهنا إلى أن الإعلام الرقمي لدينا يعيد نشر ما تنتجه الصحف الورقية...
واعتبرت سعيدة شريف أن وضع الإعلام الثقافي بالمغرب يعكس وضع المشهد الثقافي بالبلد، وهو الوضع الذي يعرف الكثير من الاختلالات والمفارقات والظواهر المخلة بوظيفة الثقافة والمثقف ودورهما في المجتمع، داعية في الختام إلى ضرورة التكوين لممتهني الإعلام الثقافي، لأنه من دونه لا يمكن للإعلامي في هذا المجال أن يتطور ويجدد رؤاه.
من جهته، بسط الزميل سعيد عاهد تأملاته حول راهن الإعلام الثقافي بالمغرب عبر بوابة الصحافة والمجلات الورقية، موضحا أنه اختصرها في إحدى عشرة ملاحظة لما هذا العدد من دلالة ميثولوجية على العنف، ذلك أن الإعلام الثقافي يعيش مغربيا تحت وطأة عنف رمزي كاسح.
ومن بين الملاحظات التي توقف عندها مؤلف "ذاكرة متشظية" و"قصة حب دكالية" هيمنة الأدب، نقدا وإبداعا، على الصفحات والملاحق الثقافية، وتغييب المكونات الأخرى للثقافة من دائرة اهتمامها، وكيف لا والكتاب الفكري نادر في بلدنا؟ كما سجل تراجع الأسانيد الورقية عن طرح الأسئلة المجتمعية المؤثرة في عمق المجتمع والمستشرفة لتحولاته، خلافا لما كان عليه الوضع في السابق، تلك الأسئلة التي كان الحقل الثقافي سباقا لتداولها والتأمل فيها قبل انتباه الفاعلين السياسيين وأصحاب القرار إليها.
وعقب التنبيه إلى الغياب الراهن للمجلات الثقافية الوازنة، وعدم توفر الحالية منها، ورقية كانت أو رقمية، على هيئات تحرير مهنية، عرج على عدم انتظامها في الصدور، متوقفا عند انعدام تملك اليوميات والأسبوعيات الورقية لإستراتيجية ثقافية واضحة المعالم ومؤثرة في النقاش العمومي. ولتبرير حكمه هذا، راهن الصحفي العامل بجريدة الاتحاد الاشتراكي الحضور بكبش على أن هذه المنابر ستتناول في القادم من الوقت مواضيع من قبيل: هل هناك دخول ثقافي في المغرب وما انتظارات الكتاب منه (شتنبر وأكتوبر المقبلين)؟ ما الذي ينتظره الكاتب من معرض الدار البيضاء للكتاب والنشر، وما تمظهرات أزمة النشر والقراءة (شهر فبراير القادم)؟
وفي مداخلته، أشار الزميل سعيد عاهد أيضا إلى أن التهميش الذي يطال الخبر الثقافي في المنابر الورقية الوطنية، معللا ذلك بموقف الناشرين الذين يعتبرونه غير جذاب للقراء، ما يؤدي إلى كون الصفحات الثقافية تحجب كلما كانت المواد الأخرى وفيرة، منها على وجه الخصوص الإشهار والمواد المرتبطة بالحملات الانتخابية. ولم المتدخل إبداء أسفه من تغييب الخبر الثقافي من الصفحات الأولى للجرائد، إلا في حالات استثنائية منها على سبيل المثال وفاة كاتب أو مثقف بعينه أو، كما حدث مؤخرا، صدور آخر مؤلفات المفكر عبد الله العروي.
الصحافة الإلكترونية بمعاييرها الفارضة للاقتضاب واستقطاب الخليج للأقلام المغربية خطران يهددان جودة المنتوج الإعلامي الثقافي المغربي، ومعهما الاستقالة النسبية للمثقفين من مجال الخوض في الشأن العام، يؤكد المتدخل. ومن جهة أخرى، فمقاومة التراجع المسجل في دور وقيمة المكتوب الصفي في الحقل الثقافي تستلزم التكوين والتكوين المستمر للصحفيين المهنيين العاملين في إطاره، وانتظامهم في هيكل تنظيمي يشكل رافعة لهذا التكوين وإطارا للدفاع عن مصالحهم المعنوية، دون نسيان ضرورة خلق جوائز تحفيزية خاصة بالإعلام الثقافي.
http://www.alittihad.press.ma/ail.asp?codelangue=29&id_info=214222
وبالفعل، فقد اختار الفرع عنوان "تأملات في راهن الإعلام الثقافي بالمغرب" كمدخل للندوة تلك، مشرعين بذلك باب الحوار الصريح وغير المتحفظ أمام المساهمين في الندوة (الزميلان سعيدة شريف وسعيد عاهد) ومداخل النقاش الجريء مع جمهور اللقاء الوازن.
كاتب فرع اتحاد الكتاب بشفشاون، الشاعر عبد الجواد الخنيفي، الذي أدار أشغال الندوة بأناقة وانفتاح على جميع الآراء، أوضح أن "تناول هذا الراهن مجددا (راهن الإعلام الثقافي بالمغرب) يأتي في سياق الصراع بين الثقافات اليوم حول عالم الإعلام وثورته المعلوماتية وانفتاحه على المجتمعات وكيفية توظيفه لهذا الراهن في أفقه الكوني..."، داعيا إلى إلزامية التأمل في "كيفية تحقيق تواصل مُخصب للإعلام الثقافي مع قرائه، رغم تراكم العديد من الإكراهات المتسارعة الإيقاع والمترادفة الدلالات.. وبالتالي تتوخى الندوة رصد الملاحظات عن راهنية الإعلام الثقافي بالمغرب وإعادة النظر في صياغة أسئلته وتقييم إنتاجه، والإجابة عن إشكالاته...".
الزميلة سعيدة شريف، التي خبرت الأقسام الثقافية للعديد من المنابر المغربية والعربية، عنونت مداخلتها بـ "أي إعلام ثقافي ولأي راهن متحول؟"، مستهلة حديثها بتأثر الإعلام، كغيره من القطاعات، بالربيع العربي وبالتحولات والتوترات التي تعرفها المنطقة العربية، متوقفة أيضا عند استفادته من الثورة التكنولوجية حيث إنه وظفها بشكل كبير.
ووفق رئيسة تحرير مجلة "ذوات" الثقافية الإلكترونية الصادرة عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، فإن التحولات العربية عرت الإعلام العربي غير المؤسس والمهيكل، أما مغربيا، فالإعلام الثقافي لا يحيد عن المشهد الثقافي العام الذي عرف تراجعا بفعل تراجع المثقف عن لعب دوره في المجتمع. وكشفت الزميلة سعيدة شريف أن أغلب الفاعلين في الإعلام الثقافي هم كتاب ومثقفون ومبدعون، وأن شعبة الإعلام الثقافي غائبة من معاهد التكوين العمومية والخاصة، ما جعل منه مهنة يمارسها الجميع (الأستاذ، المعلم، الأكاديمي، العاطل والتقني,,,). وقد ناشدت، في هذا الصدد، بعض رجال التعليم ليتركوا الإعلام الثقافي والإشراف عليه للصحفيين المهنيين.
لقد جعلت الثورة الرقمية، تضيف المتدخلة، الكل يكتب ويعبر ويخلق نافذة له لمخاطبة العالم، ولكنها ثورة أشاعت الكثير من الفوضى حيث أصبح الجميع يعتقد أنه من السهل القيام بعمل الإعلامي بشكل عام، والإعلامي الثقافي بشكل خاص. إن الثقافة مشروع مؤجل في المغرب، وفي الإعلام المغربي، فإطلالة واحدة على الصفحات الثقافية والملاحق بالجرائد والمجلات، تكشف عن المكانة التي تحتلها الثقافة في هذا الإعلام، وفي المقابل تعرف دول الخليج قفزة نوعية في الإعلام الثقافي، وهي بدأت تستقطب الكتاب والإعلاميين المغاربة، تؤكد الصحفية.كما أن الإعلام بشكل عام، والثقافي منه بشكل خاص في المغرب، يعيش إكراهات التحديث، وتحولات ما بعد الحداثة، وهو ما جعله إعلاما هجينا، لا هو إعلام تقليد بمعنى الكلمة، ولا هو إعلام متطور يساير العصر، خاصة إذا ما انتبهنا إلى أن الإعلام الرقمي لدينا يعيد نشر ما تنتجه الصحف الورقية...
واعتبرت سعيدة شريف أن وضع الإعلام الثقافي بالمغرب يعكس وضع المشهد الثقافي بالبلد، وهو الوضع الذي يعرف الكثير من الاختلالات والمفارقات والظواهر المخلة بوظيفة الثقافة والمثقف ودورهما في المجتمع، داعية في الختام إلى ضرورة التكوين لممتهني الإعلام الثقافي، لأنه من دونه لا يمكن للإعلامي في هذا المجال أن يتطور ويجدد رؤاه.
من جهته، بسط الزميل سعيد عاهد تأملاته حول راهن الإعلام الثقافي بالمغرب عبر بوابة الصحافة والمجلات الورقية، موضحا أنه اختصرها في إحدى عشرة ملاحظة لما هذا العدد من دلالة ميثولوجية على العنف، ذلك أن الإعلام الثقافي يعيش مغربيا تحت وطأة عنف رمزي كاسح.
ومن بين الملاحظات التي توقف عندها مؤلف "ذاكرة متشظية" و"قصة حب دكالية" هيمنة الأدب، نقدا وإبداعا، على الصفحات والملاحق الثقافية، وتغييب المكونات الأخرى للثقافة من دائرة اهتمامها، وكيف لا والكتاب الفكري نادر في بلدنا؟ كما سجل تراجع الأسانيد الورقية عن طرح الأسئلة المجتمعية المؤثرة في عمق المجتمع والمستشرفة لتحولاته، خلافا لما كان عليه الوضع في السابق، تلك الأسئلة التي كان الحقل الثقافي سباقا لتداولها والتأمل فيها قبل انتباه الفاعلين السياسيين وأصحاب القرار إليها.
وعقب التنبيه إلى الغياب الراهن للمجلات الثقافية الوازنة، وعدم توفر الحالية منها، ورقية كانت أو رقمية، على هيئات تحرير مهنية، عرج على عدم انتظامها في الصدور، متوقفا عند انعدام تملك اليوميات والأسبوعيات الورقية لإستراتيجية ثقافية واضحة المعالم ومؤثرة في النقاش العمومي. ولتبرير حكمه هذا، راهن الصحفي العامل بجريدة الاتحاد الاشتراكي الحضور بكبش على أن هذه المنابر ستتناول في القادم من الوقت مواضيع من قبيل: هل هناك دخول ثقافي في المغرب وما انتظارات الكتاب منه (شتنبر وأكتوبر المقبلين)؟ ما الذي ينتظره الكاتب من معرض الدار البيضاء للكتاب والنشر، وما تمظهرات أزمة النشر والقراءة (شهر فبراير القادم)؟
وفي مداخلته، أشار الزميل سعيد عاهد أيضا إلى أن التهميش الذي يطال الخبر الثقافي في المنابر الورقية الوطنية، معللا ذلك بموقف الناشرين الذين يعتبرونه غير جذاب للقراء، ما يؤدي إلى كون الصفحات الثقافية تحجب كلما كانت المواد الأخرى وفيرة، منها على وجه الخصوص الإشهار والمواد المرتبطة بالحملات الانتخابية. ولم المتدخل إبداء أسفه من تغييب الخبر الثقافي من الصفحات الأولى للجرائد، إلا في حالات استثنائية منها على سبيل المثال وفاة كاتب أو مثقف بعينه أو، كما حدث مؤخرا، صدور آخر مؤلفات المفكر عبد الله العروي.
الصحافة الإلكترونية بمعاييرها الفارضة للاقتضاب واستقطاب الخليج للأقلام المغربية خطران يهددان جودة المنتوج الإعلامي الثقافي المغربي، ومعهما الاستقالة النسبية للمثقفين من مجال الخوض في الشأن العام، يؤكد المتدخل. ومن جهة أخرى، فمقاومة التراجع المسجل في دور وقيمة المكتوب الصفي في الحقل الثقافي تستلزم التكوين والتكوين المستمر للصحفيين المهنيين العاملين في إطاره، وانتظامهم في هيكل تنظيمي يشكل رافعة لهذا التكوين وإطارا للدفاع عن مصالحهم المعنوية، دون نسيان ضرورة خلق جوائز تحفيزية خاصة بالإعلام الثقافي.
http://www.alittihad.press.ma/ail.asp?codelangue=29&id_info=214222