هذا المساءُ المخْمليّ
يَمُطّ في العتمات
حشْرَجَةَ الزوايا والظلال الباسرةْ..
وتأوّدتْ أوجاعها هيْمى
بآجام الأنينْ..
من صَنْدل الإصْرار
ينشُر في قامةِ الإبحار
نزَق الخرافة واليقينْ..
يسْتشرفُ الشَفقَ المهجّجَ
بالنواطِح والمذابح والعويلْ..
يهْمي كما برَد نحاسيّ
تغربله طيورُ الختْل
يجْترف السنابل والخمائل
كلّما انْهمَر الضياع
على تعاريج التِلاع الذاهلةْ..
وتغور في يمّ الغميس ظلالُ من مَرّوا
زرافات ووحدانا على متْن المراثي
حينما يشْتفّها عطشُ السهول الصاهلةْ..
في ليلة دعْجاءَ يخترق الهزيمُ إهابَها
حتّى الرياحُ تهابُ هذا الليلَ
تمسحُ نابَها الذئبيَّ من زغب الهباء
وتنْحني بتَضرّع
لو صادفتْ سوسنةً تُشيّعها الحقولْ..
لا الدوحُ يرْقأ دمْعها
لا الشيحُ يغسل جرحها النغّارَ
لا الحنّاء تزْهر في إزارٍ
قُدّ من قُبل
ومن دبُرٍ
وأبْلَته الفصولْ..
لا صبح يُرجع دفءَ سقسقةٍ
إلى الوكر الأمينْ..
لا ظِلّ يَنسخ فيْءَ أَحذية الطُغاةِ
وقفْزة القُنّاصِ في لُجّ الفلاةْ..
لا قلب يحضِن نبْض سابلة
تُساق إلى حفير الداجياتْ..
هل من يدٍ يضع المباضع في مواجعها
وتبتُر دُمّل الألم الدفينْ..؟
يا المشتلُ الريفيّ !
قلْ ليَمامة عاجتْ
على جرح التمرّد والتشرّد:
سَنْبلي جمْر الهديل وجبّة الأحزان
وانتبذي زجاج الروح
بين صنوبر النسيان
بيضي سيرة الزمن المحنّط
بالقناعة والوداعة
في مفازات الصروف الكاسرةْ..
فالحبّ كوكبة من الإيثار
تنأى عن مرايا الذات واللذات
بَلوى، عبرة تنثال
فوق بيارق الغِلّ الهصورِْ..
شوقٌ، حنينٌ، جدول من سلسبيل الدفء
ذكرى، غمرة الودّ المريرْ..
والحبّ دالية بحجم الوجد
كأسٌ، رقصةٌ، وجع بلْون الفأس
تَغرس في الحنايا
نبْتةَ الدنَف المكينْ.