-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

حوار مع الكاتب الأمازيغي سعيد بلغربي مع مجلة "روون" الكردية

خاص 
حوار مع الكاتب الأمازيغي سعيد بلغربي مع مجلة "روون" الكردية
وريا باقر: ما الدافع وراء بدءك بالكتابة، لماذا الكتابة؟
سعيد بلغربي: هناك مجموعة من العوامل والإرهاصات الذاتية والنفسية التي ساهمت في تكوين البدايات الأولى لتجربتي  الإبداعية، بحيث كانت تساورني رغبة في القراءة تطورت منذ سن مبكرة إلى فعل الكتابة، جل ما كنت أقرأه من مواضيع كنت أشعر بأنها لا تمت بصلة إلى ذاتي وهويتي وبيئتي، فكرت في أن أكتب بلغتي الأم وبطريقة مختلفة، حاولت أن أعبر عما في داخلي من أفكار ورؤى وتساؤلات، فأمسى فعل الكتابة عبر الوقت جزء كبير من حياتي؛ والفسحة التي من خلالها أستطيع تحقيق نوع من المتعة
في هذا الجانب تتفق العديد من الإشارات على أن الكتابة فعل إنساني عميق الأثر في المجتمع، ولهذا أحاول دائما أن أصنع من خلال كتاباتي علامات تميزها، فكتبت بلغتي الأم، بقيت مجاورا لحيوات الناس البسطاء ووفيا لإنتمائي اللغوي والتاريخي والإنساني، فالكاتب ينبغي أن تكون له قضية كبيرة يجب أن يدافع عنها بشراسة الكلمة في مواجهة تلك الرياح القوية التي تأتي من كل حدب وصوب، إضافة إلى التفاعل مع الفضاء المكاني والزماني الأوسع حتى لا نتقوقع بعيدا عن المؤثرات المحيطة بنا.
ـــ وريا باقر: ان محمد شكري لم يكتب بالأمازيغية بل حتى صدرت روايته الأولى الخبز الحافي بالإنكليزية؟ لماذا تكتب بالأمازيغية؟
سعيد بلغربي: صاحب تحفة "الخبز الحافي" عاش طفولة غبن لغوي كباقي أمازيغ الهامش، لم يجد هذا الكاتب العالمي الذي كان يعيش الحالة الإغترابية عن لغته الأم مناصا من أن يتعلم العربية والإجتهاد بشكل خاص في ممارسة الكتابة بها، لكنه لم ينفصل أبدا عن جذوره الأمازيغية، فشكلت كتاباته صورة لواقع ذاك الأمازيغي المهمش في كل تجلياتها، وهذا ما حقق له نوع من العالمية والإهتمام، فصار كاتبا معروفا، ترجمت كتبه إلى جل اللغات إلاّ الأمازيغية، هذا تقصير أجده ناتج عن تقاعس المهتمين بالشأن الثقافي المغربي بالأساس. ما حصل مع شكري ينسحب على واقع كثيرين من أمثاله من الكتاب الأمازيغ الذين حققوا شهرة واسعة بكتابتهم وكتبهم التي ألفوها بلغات غير الأمازيغية ونذكر منهم على سبيل المثال "محمد خير الدين".
من يتابع الأدب الأمازيغي بشكل عام، يجد أن المبدع الأمازيغي؛ عاش في ظل سياسات الأنظمة الشوفينية المفروضة عليه، في إطار طمس ملامحه وهويته، في هذا المضمار إهتمامي وشغفي المبكر بالثقافة الأمازيغية فرض عليا التعامل الفعلي مع لغتي الأم عبر إكتشاف جمالياتها التي لايمكن أن تتحقق إلاّ بواسطة ممارسة الكتابة الجدية بها. فعرفت أنه من بين أكثر الأمور إمتاعا الكتابة بهذه اللغة وإبراز مكوناتها  الحاضنة لروح حضارة وثقافة وتراث إنساني عمره آلاف السنين.
ـــ وريا باقر: ماهوالحقل الأدبي و الفكري الذي تنتمي إليه وتراها قريبا من قدراتك الكتابية؟ أي هل ترجح الأدب أو كتاباتك الفكرية؟
سعيد بلغربي: ساهم إرتباطي المبكر بالنضال الأمازيغي، وإطلاعي على أدبيات "الحركة الأمازيغية" في تطوير قدراتي المعرفية والحياتية مما ترك أثره على توجهاتي الأدبية، فكنت دائما أحاول أن أكون في علاقة مع صوت المجتمع، والحركة الأمازيغية كانت ومازالت حاوية لهذه النداءات وهذا الصوت الهامشي المقموع، ومن موقعي ككاتب حاولت أن أترجم هذه النداءات إلى نصوص تعبيرية تشكل في الأخير وعاءا لطريقة تفكيري وتعاملي مع المجتمع.
ـــ وريا باقر: رأينا في إحدى مقابلاتك التلفزية، إهتمامك بالطيور والناباتات؛ وإسترخائك عند جلسوك مع الاصدقاء، هل يعني ذلك أن الأدباء و الكتاب المغاربة بعيدون عن صراعات و محاربات الشخصية الذي يوجد في أوساط أدبية و ثقافية تابعة لأوساط أخرى في العالم من تلويث سمعة الكتاب ومحاربتهم بشكل يتجاوز كل المعاير الأخلاقية؟
سعيد بلغربي: الإسترخاء والإهتمام بالطيور لا يدل أبدا على أن المرء يعيش في مدينة فاضلة يشم فيها فقط هواءا نقيا. المجتمعات كيفما كانت طبيعتها تحكمها قيم الخير والشر، ولكنني دائما أحاول أن أكون منعزلا عن هذه الصراعات متجنبا تبعاتها التي لا تزيد الأدب والإبداع إلاّ تأزما وتفككا، أحاول أن أخلق هوايات هامشية تغنيني عن هذا العالم الملوث كما قلت، لكن هذا لا يمنعنا من أن نفتح مع كتاب وشعراء ومهتمين بالشأن الأدبي علاقات ود ومحبة نلتحم كأصدقاء في لقاءات ومناسبات ثقافية وإبداعية، وكما تعلم فإن وسائل التواصل الحديثة ساهمت في خلق حوارات أدبية ونقاشات نحاول من خلالها تبادل المعارف والمعطيات المختلفة.
ـــ وريا باقر: نريد أن نعرف نشاطاتك الثقافية خارج المغرب عندما كنت في كاتالونيا على سبيل المثال؟ وماذا يعني الغربة والإغتراب لك؟
سعيد بلغربي: في الحقيقة عرفت كطالونيا في السنوات الاخيرة طفرة على مستوى إهتمام حكومتها بالثقافة واللغة الأمازيغية، شجعت من خلالها عدة مبادرات ثقافية كان هدفها الأساسي التعريف بالإرث الثقافي والحضاري للشعب الأمازيغي، شخصيا كنت عضوا في جمعية أمازيغية عملنا كجمعية وفي حدود إمكانياتنا المتواضعة على التعريف بالثقافة الأمازيغية، وساهمت الجمعية كذلك في تأسيس (الدار الأمازيغية بكطالونيا)، إلى جانب المساهمة في تعليم أبناء الجالية المبادئ الأولى للغة والثقافة الأمازيغية. ولكنه وللأسف الشديد أثرت الأزمة الإقتصادية الأخيرة بشكل سلبي على مردودية هذه الجمعيات وكما أن المؤسسات الإقتصادية والحكومية بكطالونيا لم تعد قادرة على الإستجابة لتلبية حاجياتها المادية والمعنوية.
في كطالونيا كتبت الجزء الأكبر من إبداعتي القصصية، ربما عامل الغربة وبعدي عن الأجواء الحميمية التي ألفتها في مسقط رأسي كلها ساهمت في خلق ملاذ لي في الكتابة، فالغربة بالنسبة لي كانت تجربة ثرية؛ وجدت فيها العديد من الجوانب السلبية وأخرى إيجابية، ولكنها كانت بالنسبة لي فرصة للكتابة والتأمل.
ـــ وريا باقر: عرفنا من خلال إحدى المواقع الفكرية والثقافية الإيرانية بإسم "كرد بريس" أنك قمت بترجمة سرديات الكاتب والروائي الكردي يوسف عزالدين رؤوف، هل نستطيع أن نعرف المزيد حول صعوبة الترجمة و المدة التي أخذها الترجمة لتتبلور في شكلها النهائي؟ كما أنه لأول مرة حسب علمنا تترجم نصوص كردية إلى اللغة الأمازيغية؟
سعيد بلغربي: عرفت كتابات يوسف عزالدين رؤوف قبل أن أعرف الكاتب نفسه، كانت فرصة للإطلع على جزء من الأدب الكردي في شكل كتابات مترجمة وفرتها الصفحات الأدبية على الإنترنيت لكتاب من قوميات مختلفة، فأجدني منجذبا إلى كتابات يوسف عزالدين رؤوف الكردية المترجمة إلى العربية والتي كان ينشرها في موقع "دروب"؛ أحسست لأول مرة أنني أقرأ قصصا قريبة جدا مني، نصوص مليئة بالميث والأسطورة مؤثثة بالخيال الواسع والرمزية العميقة وبعالم شعرت أنه ليس بغريب عني، ومن هنا لاحظت أن بين الشعبين الكوردي والأمازيغي خيوط رفيعة تشبهنا في كثير من النواحي والمجالات.
فجاءت فكرة ترجمة نصوص سردية لهذا الكاتب. في هذا الجانب؛ لا أنكر أنه ليس من السهل الترجمة من نص سردي له بيئته الخاصة ومفرداته المتميزة إلى جانب بنية وتركيب أسلوبه المختلف عن البنية اللغوية والتركيبية للغة الأمازيغية، وخاصة أن الترجمة تمت عبر لغة وسيطة (العربية) ونعلم جليا أن أي ترجمة كيفما كانت دقتها وأمانتها فإنها من المستحيل أن تفي بنقل ذلك الدفئ الحقيقي للنص الأصلي. وعيي بهذه المسألة جعلني ألج إلى عالم وخيال الكاتب وإستفساره عن مجموعة من القضايا لغاية الإلمام الجيد بخصائص لايمكن أن تحدث إلاّ في البيئة الكردية وما تحمله من خزين من المفردات والأحداث.
وبما أن الترجمة مسؤولية أدبية وأخلاقية قبل أن تكون نقلا من لغة إلى أخرى؛ فإنني حاولت على الرغم من هذه الصعوبات أن أتمكن من وضع ترجمة تطلبت مني حوالي سبع سنوات من التفحص والتنقيح والتدقيق والمراجعة، كما جعلتني أنتهي إلى خلاصة مفادها أن الأدب الكردي عرف نقلة نوعية من خلال مجهودات كتابه الشباب. وللإشارة فقط، فإن الترجمة نشرت مؤخرا بالمغرب عن منشورات "جمعية آيت سعيذ للثقافة والتنمية" تحت عنوان: "أنفرار" يعني النهاية، وهي أول ترجمة من نوعها تترجم فيها قصص كردية إلى اللغة الأمازيغية تاريفيت.
ـــ وريا باقر: كما يقال أن الأكراد أكبر الأقوام عددا في العالم بلا دولة؟ ماذا تعرف المثقف الأمازيغي حول القضية الكردية؟
سعيد بلغربي: كان المثقف الأمازيغي ومازال مؤمنا بمستوى عدالة ومشروعية القضية الكردية ويضعها في قائمة الإهتمام بمواقفه الإيجابية؛ يحمل في مناسبات عديدة شعارات رد الإعتبار لكل الشعوب والقوميات التواقة للحرية والديمقراطية والعدالة والسلام والكرامة؛ إلى جانب مشاركتهم في وقفات تضامنية مع الشعب الكوردي، والإحتجاج على المواقف المتخادلة للحكومات المسؤولة عن الأوضاع التي آل إليها هذا الشعب المقاوم. وكما هو معروف فإن سهولة التمكن من المعلومات والإنتشار الواسع لشبكات التواصل الإجتماعي ساهم بشكل قوي في التعريف بالقوميتين الأمازيغية والكردية، وأبان الشعبين عن التقارب النضالي والقواسم المشتركة بينهما، فكلا الشعبين يعيشان تحت وطأة أنظمة تجعل منهم مواطنين من الدرجة الثالثة، وحتى نكون أكثر تفائلا فإنه أمام الوعي المتزايد وأمام صحوة هذه الشعوب المضطهدة التي بدأت تستفيق من سباتها وإيمانها بأن المستقبل سيكون لصالحها إذا واصلت كفاحها في إتجاهه الإنساني السليم؛ حينها الأمور حتما ستتغير إلى الأفضل.
ومن جانب آخر يجب الإشارة إلى أن الخطاب الرسمي المغربي بأبواقه وفعالياته يتجنب الحديث عن الأكراد، فالإعلام الرسمي مثلا لا نلمس منه أي أدبيات تذكر عن القضية الكردية ترتقى إلى مستوى النقاش والحوار أو تسلط الضوء على حقائقها و تفاصيلها. وشكرا لكم.
سعيد بلغربي من مواليد قرية إغاربيوان بدار الكبداني بالريف (شمال المغرب)، كاتب وباحث في الثقافة الأمازيغية، عضو بالعديد من الجمعيات والمنظمات الثقافية، من بينها: جمعية "آيت سعيذ للثقافة والتنمية"، جمعية "إيمازيغين بكطالونيا" بإسبانيا، منظمة حركة شعراء العالم بالتشيلي، عضو بإتحاد الكتاب المغاربة على الإنترنيت..
ـ له مجموعة من الإبداعات والدراسات الأدبية الأمازيغية، باللغتين الأمازيغية والعربية نشر بعضها في منابر إعلامية مغربية وأجنبية.
الإصدارات:
ـ "Aṣwaḍ yebuyebḥen"،  (تأملات مبحوحة)، مجموعة قصصية بالأمازيغية، المغرب، 2006.
ـ "Asfidjet" (الفأل)، مجموعة قصصية بالأمازيغية، المغرب 2008.
ـ "Nunja tanecruft n izerfan" (نونجا حبيسة الأعراف)، رواية بالأمازيغية، المغرب 2009.
ـ "حتى يزول الصداع" كتاب مشترك، منشورات جامعة المبدعين المغاربة، مجموعة قصصية باللغة العربية، المغرب 2011.
ـ "الإعلام الإلكتروني الأمازيغي، مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية"، المغرب 2011.
ـ Anfarar (النهاية)، مجموعة قصصية مترجمة عن الأدب الكردي إلى الأمازيغية، المغرب 2015
ـ  Tariwriwt n raxart(زغرودة للموت)، مجموعة قصصية بالأمازيغية، المغرب 2015.
ملاحظة: وريا باقر"كاتب و صحفي كردي"
خريج قسم السوسيولوجيا- كلية التربية
مدير تحرير مجلة "روون" الكردية
                                   



عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا