“كلما عشنا أطول تلقي جدران سجننا ظلالا
أطول”
هاروكيموراكامي
المنامة
حين رموها على وجهي،تأملتها بين يدي،شممت رائحتها
الشبيهة بالموت…
(لم تكن لها رائحة) كانت تشبه الكفن… ضممتها
إلى صدري بحب،وقررت أن ألبِسها رائحتي.كنت ألبسها كل مساء… وأموت.
حلمت
في السجن حلمت أني طفلة…
أصغي لحكايا جدتي وهي تروي لأخي الصغير … أفتح باب
المؤدي إلى غرفة الحكي المسكونة بالحلم…لا أذكر الحكاية…فقط سمعتها تقول له:”لا تقلق،فلا
أحد يستطيع أن يعيش من غير حلم”. كانت الكتب
كبيرة بشكل مدهش،نجلس عليها وننامفوقها…نتغطى بالأوراق،ونمشي بين طرقات السطور…كان
لجدتي وجهَ”أردياني” وهي تحمل بين يديها خيوط الحكاية.
فجأة أطل علي وجه المينوتور…استفقت على صوت السجانات
وهن يصرخن… ” يالله يا بنات الحرام…….فيقوا…شْكُونْ شَعْلاَتْ العَافِيَة في فراشها؟”
أرق السجن
في السجن غالبا ما يغادرني النوم،وتنتابني الهواجس…
إنها العدو الأول الذي يهرس قلبي …تحايلا عليها،كنت أجمع حقيبتي المكونة
من قصصي القديمة،وأدخل من نوافذ الدور الصغيرة،أرْقُبهم واحدا واحدا دون أن يراني أحدا…
1 ـ قصة حب…
2 ـ قصةحيرة…
3 ـ قصة يأس…
قصص السجن الذي يمتد عبر الشوارع والدور الواسعة
والفضاءات المفتوحة
…
السجن يكبر كل يوم،والناس الذين كانوا يمشون،يتكلمون،وأحيانا يبتسمون،كانوا
في الحقيقة وفي أغلب الأحيان يتأففون من سجون وضعوا أنفسهم بداخلها،كنت أسمع النحيب
من وراء الصخور الصلدة،فأختفي في قلبي وأسير….عائدة إلى… السجن .
المهانة
في السجن نسيت أني أنثى…أصبحت دون وجود،شبح يقطع
الدهاليز القذرة…طلقت خوفي،وأسلمت نفسي لكل لأنواع السخرية والشتم،أنا التي كنت لا
أصبر على المهانة،صرت أركع لنتانة ألسنتهم…لا يهم،هذا هو السجن،لكن كيف دخلت إليه؟؟؟
صدقوني،لاأذكربتاتا.
أذكر أنهم بنوا سجنا يقابل سجن النساء،فحرموني من
متعة الفضاء الذي يقابلني ويمنحني شعورا بالحرية،والنظر بعيدا بعيدا من أجل الحلم…السماء
والأفقوحدهما يهباني هذا الشعور…ترى هل لأني لم أصل إليها بعد؟أم لأن هناك موعدي الذي
لم يصل بعد؟المهم أنهم بنوا بسرعة خيالية سجنا يقابل سجن النساء…كان السجن للجنس الخشن.كم
تتعالى جدران السجون بسرعة فائقة …كانت السجينات يصرخن حين يفتح جيرانهم الجدد نوافذهم،يتبادلون
التحية بالإشارات،ومنهن من تخرج منديلها وتلوح به لحبيبها الذي اختارته دون أن تراه،رسمت
صورته في خيالها،صورة أهداها إليها الحرمان.هناك منتطلق صفيرا،فيخرجرأسه ذاك الذي كان
ينتظرها تحت نافذته.
أحيانا كنت أدخل معهن في لعبة التلويح،كن يصرخن وكنت ألوح بفوطة رأسي
من ورائهن دون أن ألقي نظرة على الخارج…حين تتعب يدي أرمي الفوطة على الأرض وأستلقي
على سريري.غريبة تلك الحركة الدائرية التي كنت أكررها بسرعة فائقة لم أكن أدري لِم
َكنت ألوح ولاشيء يعنيني هناك.