خاص
في لقاء مع كاتبة قصص الأطفال كريمة دلياس: حاورها عبد الله بديع
1-
وجهت وزارة الثقافة إليك الدعوة، إلى جانب ثلة من الأسماء المعروفة؛ من
قبيل: العربي بنجلون، وحليمة حمدان والزهراء الزريق وأحمد العمراوي...، من أجل
الإسهام في البرنامج الموجه إلى الطفل في إطار فعاليات الدورة الحالية (الـ22) للمعرض
الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، ضمن فقرة "أدباء يقرؤون" يوم
الأربعاء 17 فبراير الجاري... فكيف تلقت كريمة دلياس هذه الدعوة؟ وما طبيعة الفقرة
التي من المقرر أن تشاركي فيها؟
وزارة الثقافة هي مؤسسة ثقافية لها ركيزة أساسية قوية وداعمة في الحقل
الثقافي المغربي، وقد خلقت في السنوات الثلاث الأخيرة فضاء للطفل بالمعرض الدولي
للكتاب بالبيضاء، تحرص من خلاله على تقديم برامج مفيدة ومسلية للطفل عبر ورشات
جديدة ومتنوعة تنمي قدراته وتطور مهاراته في مختلف المجالات الفنية والأدبية، وشخصيا
من خلال تجربتي السابقة في تنشيط ورشة الحكي بمعرض الكتاب الدورة 20، أحبذ هذه
المبادرة الخلاقة والناجحة لأنها تصالح الطفل مع الكتاب وتشجعه على الإقبال على
القراءة بحب وشغف كبير، خاصة أنها تخلق
هذا التواصل المباشر للطفل مع الأدباء والفنانين، لا تتصور حجم الفرحة في قلوب
الأطفال ومدى تأثرهم بالمنشطين وتفاعلهم مع مختلف الأنشطة بحيوية وذكاء مذهل، تبقى
محفورة في وجدانهم وتترك لهم طاقة إيجابية
واعدة على المدى البعيد، وكأديبة أتلقى دعوتها الكريمة لي بكل فرح ومحبة للمشاركة
أيضا بورشة حكي هذه الدورة إلى جانب فنانين وأدباء مميزين.
2-
كيف نبع لدى كريمة دلياس التفكير في التوجه إلى حقل الكتابة للطفل؟ ومتى
بدأ اشتغالك ضمن هذا الميدان؟
السلسة القصصية للأطفال "الصعود إلى القمة" الصادرة عن وزارة
الثقافة لهذا العام هي باكورتي الأولى، خضت بها مضمار الكتابة للطفل سنة 2008.
تعلم أن بداخل كل واحد
منا طفلا قابعا في أعماقه، إما أن يبقيه مسجونا فيه أو يحرره من قيوده، وأنا أطلقت
سراح هذه الطفلة المشاغبة التي لم تكبر بعد، ويدفعها الفضول لاكتشاف عوالمها
الطفولية التي بقيت محفورة في الذاكرة والوجدان، وكذلك اكتشاف عوالم الطفل وعلاقته
بالأشياء والوجود، من خلال استثمار كل هذه الروافد من ترسبات الذاكرة والمحكيات
المأخوذة من التراث الشعبي العربي والعالمي ومن الواقع المعاش، وإضفاء عليها جانب
من خيال الكاتب لإخراجها بحلة جديدة تساير العصر الحديث.
هذا الاختيار تم عن
طواعية ومسؤولية لتقديم الجديد والممتع للطفل ترسخ في روحه القيم الجميلة
والسلوكيات العالية، وكذلك أراهن شخصيا على الطفل المثقف والمبدع الذي سوف يحمل
مشعل الغد. ولتهيئ وتنشئة هذا الجيل الجديد من الأطفال المبدعين والمثقفين، يجب أن
نفترش لهم أرضية خصبة للخيال تكون ركيزة أساسية لهم ورافعة قوية وداعمة للقراءة، تفتح
لهم آفاقا جديدة للحلم والإبداع. الكاتب كالزارع والفلاح والأطفال كالأشجار يجب أن
نغرسها في تربة خصبة ونسقيها من ماء الحياة حتى تعانق بشموخها عنان السماء وتعطي ثمارها
في عشرين سنة على الأقل، قد لا يعيش الزارع هذه المدة لكن يأمل أن يضمن لأبنائه
ووطنه غدا أفضل.
كل هذه الأسباب تجعلني
أختار الكتابة للطفل بعزيمة وقوة المؤمن بالتغيير من الجذور وبعمق الحياة الراقية
في عالم أجمل.
3-
إلى جانب تجربة الكتابة للطفل وبموازاة معها، انخرطت كريمة دلياس في المشاركة
خلال عدد من المناسبات في أنشطة القراءة المباشرة للطفل... فكيف تقيّمين هذه التجربة؟
وما هو تصورك الخاص من أجل تطوير مثل هذه التجارب وضخ الدماء في شرايينها؟
شخصيا أنا جد سعيدة
بتجربتي في تنشيط ورشات القراءة للأطفال عبر المؤسسات التعليمية والثقافية، وقد
عشت أرقى اللحظات معهم لأنني اكتشفت ذكاءهم المذهل وتجاوبهم الجميل مع شخوص
الحكاية، وسرعة بديهتهم في إبداء الرأي وإعطاء الأمثلة الشعبية حول مغزى النص، وفي
بعض الأحيان يأخذهم الخيال الواسع إلى استباق الأحداث وتخيل تتمة الحكاية بشكل
عفوي وجميل، صراحة أعجز عن وصف هذا الشعور الإنساني المتدفق من أعينهم، تكفيني فقط
الابتسامة المرسومة على شفاههم وتعابير الشكر والامتنان التي يبدينها نحوي في آخر
كل ورشة.
لكن تجربتي الأولى لم تكن
عبر الكتابة وورشات القراءة المباشرة للطفل، بدأت الانفتاح على الأنشطة الثقافية في
قلب الثانوية الإعدادية التي كنت أدرس بها، وانخرطت في تجربة خاصة مع تلامذتي
وتلامذة المؤسسة في ورشة الرسم لمدة ثلاث سنوات متتابعة. هذا العمل الفني كان نابعا
من إحساسي بضرورة خلق متنفس جميل للأطفال يمتص السوداوية التي طغت على قلوبهم
وتفتح مخيلتهم على التفكير في طرق إيجابية تنسيهم قساوة العيش على الهامش وبعض
الحرمان الذي يرتسم على ملامحهم البريئة. وقد أدهشتني التجربة مع أطفال موهوبين
رائعين ما زلت أحتفظ بأعمالهم، بعضهم لا يجيد الدراسة لأسباب اجتماعية محضة، لكنهم
أبانوا كلهم عن حس فني راقي وحنكة عالية في الرسم. وحز في نفسي جدا ضياع هذه
الطاقات اليانعة لتعصرها الحياة في دوامة بائسة جدا، لعدم وجود من يحتضن موهبتهم
الخامة. وأؤكد لك أننا نستطيع أن نضخ دماء جديدة في شرايين الإبداع باحتضان أبناء
المدارس إبداعيا وخلق لهم ورشات ومسابقات على المستوى الجهوي والوطني تخصص لها
ميزانية خاصة من الدولة والمجتمع المدني لكي نساهم جميعا في بناء مغرب ثقافي معاصر
يليق بعبقرية أجياله.
4-
شهدت الكتابة الموجهة للأطفال في المغرب، خلال السنوات الأخيرة، تراكما عدديا
لافتا في الأسماء والأنماط وتنوعا ملحوظا في عدد الإصدارات.. فماذا عن الحضور النسائي
ضمن هذا التراكم؟
الكتابة للطفل غير قابلة
للتصنيف من ناحية مقاربة النوع، وإلا ستفقد الكتابة رونقها وهدفها الجميل إذا
قبلناها كسلعة خاضعة لمقياس سوق العرض والطلب. إذا توفرت في الكاتب سواء كان رجلا
أو امرأة شروط الكتابة للطفل مع احترام ذكائه وذوقه فهذا جيد. شخصيا لست مطلعة على
جميع الأعمال الخاصة بأدباء الطفل المغاربة لأنني أعلم أن غالبية الكتب لا يتم
نشرها على نطاق واسع، والكتب التي أجدها في المكتبات وأسواق بيع الكتب تكون في
معظمها نمطية ومكرورة لا تأتي بالجديد. والأعمال الجيدة لا تصل بالشكل المطلوب
للطفل القارئ. هذه مفارقة عجيبة لا أجد لها أي تفسير، ويبقى السؤال مطروحا هنا،
كيف السبيل لضمان كتاب جيد لقارئ جيد في كل نقط البيع بالمغرب؟
5-
ما زالت النظرة إلى الكتابة للطفل في أوساط الساحة الأدبية المغربية مشوبة
ببعض الازدراء والانتقاص.. فما المبررات التي تقف وراء هذه النظرة؟ وما السبيل
الكفيل بتجاوز هذه الوضعية؟
يجب ألا نسقط في خطأ تعميم فكرة أن الكتابة
للطفل تشوبها نظرات الازدراء والانتقاص، شخصيا أنا ضد هذه الفكرة الرائجة لأنها في
الأساس فكرة مغلوطة، ولأنني ناقشت عددا من الكتاب الذي حاولوا الكتابة للطفل أو
أبدوا رغبتهم في خوض هذا المضمار، لكنهم وجدوا صعوبة في الوصول لتفكير الطفل
وتلبية ميولاته الإبداعية. إنها مغامرة كبرى لا تتأتى لأي كان.
6-
تركزين في أعمالك المنجزة، إلى حد الآن، (سلسلة قصص الأطفال: الفيل
والنملة/ مغامرات السنجاب سنجو/ أمانة ذئب/ الطائر الحر/ دهشان ودحشان/ الفأرة
المغرورة/ تاج السلام)، على نمط واحد ومحدد من أنماط القصة الطفولية: القصة
الحيوانية.. فهل هذا التركيز نابع من وعي مسبق وتخطيط مدروس؟ وما الغاية المتوخاة
منه؟
سؤالك جميل ومهم انبسطت لطرحه لما له من أهمية في الاختيار والتوجيه، لماذا
القصة الحيوانية؟
سأذكرك بقصة الغراب مع قابيل الذي قتل أخاه هابيل وهي مذكورة في القرآن
الكريم، الغراب هو أول حيوان يلقن الإنسان على وجه البسيطة درسا مهما ألا وهو كيف
يكرم الميت بدفنه، حيث ندم قابيل على قتل أخيه هابيل وقال باستشهاد من القرآن
" يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين".
أعتبر الحيوانات مدرسة للإنسان، ومنها أتعلم دروس الحياة، ولك أن تشاهد
حياة البراري للحيوانات عبر القنوات الفضائية لتستخلص الدروس الجميلة والعبر الجمة.
إنها مثال في الإنسانية الراقية التي فقدها الإنسان ومثال في الوفاء والإيثار
والتعايش والتسامح. على الأقل لا يأكل الحيوان حيوانا من نفس فصيلته، وهناك
حيوانات تعطي دروسا في الأمومة وتتبنى حيوانات صغارا مختلفة عنها شكلا ومضمونا في أسلوب
الحياة ونمط العيش.
بالإضافة إلى ذلك، الحيوان هو الأقرب لذهن الطفل ويتعامل معه بسهولة وحب
وعفوية، لذلك يسهل تمرير الرسائل عبره لكي تشبع خياله وفضوله، وتغذي فكره الفتي.
7-
يُضمّن بعض الكُتّاب العرب والمغاربة في القصص التي يقدّمونها للأطفال الحكايات
الغريبة المستوحاة من التراث الأجنبي... ألا ترين أن هذا النمط من القصص لم يعد
يغري الكثير من الأطفال في الوقت الراهن؟ ثم ألا ترين أنه يشحن عقول الأطفال
بالفكر الخرافي عوض تنمية الخيال وإذكاء شعلة الذكاء لديهم؟
الفكر الخرافي هو نوع من الخيال تربينا عليه جيلا بعد جيل وهو ليس منهلا من
التراث الأجنبي فقط، لدينا أيضا فكر خرافي عربي وأمازيغي. بل كل مجتمع له فكر
خرافي وهي تدخل في الثقافة المحلية والموروث الشعبي الذي كان في زمن ولى، هذه
المكونات المختلفة والمتعددة الروافد كانت في زمن سابق تحكيها الجدات للأحفاد. هذا
لا يعيب الكاتب في استخدامه، لكن أعيب طريقة توظيفه لهذا المعجم الخرافي. الكاتب
الذكي هو الذي يستثمر هذه الروافد ويعرف كيف يوظفها توظيفا سليما وهادفا يرقى بها
إلى مستوى تطلعات الطفل المعاصر لجيل الحداثة ويضفي عليها بصمته الخاصة. وأنا معك في
الرأي إذا كنت تقصد بسؤالك أنه ليس هناك تطوير في الكتابة للطفل يحترم ذكاءه وعقله
النجيب، توقظ فيه جذوة الفضول والإبداع. وهذا ما أشرت إليه في جوابي على سؤالك
السابق، ويعتبره الكاتب في هذه الحالة الطفل الحلقة الأضعف، يمكن أن يمرر له أي
شيء من أجل التسويق لأهداف تجارية محضة، لا تمت صلة بالإبداع الراقي والهدف النبيل.
8-
يفرض الأدب الموجه إلى هذه الفئة العمرية الحساسة على الكاتب الخضوع إلى
جملة من القيود والضوابط واستحضارها؛ أهمها اللغة والأسلوب والموضوع... فكيف تعالج
كريمة دلياس هذه الجوانب؟
في الأول يجب ألا نضع
حواجز من أجل الكتابة للطفل، هذه الحواجز تكون عائقا حقيقيا أمام الإبداع، يجب
أولا إيجاد أفكار ومواضيع مناسبة للكتابة حسب الفئة العمرية للطفل، ومن ثم يجب
اختيار الأسلوب المناسب للكتابة وهي عملية مهمة للغاية لأنه يمكن أن تجلب الطفل أو
تنفره من القراءة، ويأتي بعد ذلك تطويع اللغة لتكون منسجمة مع الأفكار والأسلوب المتخذ،
وهي تداريب تدريجية يجب أن يخوضها المبدع الشاب، حتى يصقل عمله الإبداعي بتفان وحب
كبير.
9-
من خلال تجربتك في ميدان الكتابة للطفل.. فما هي مقومات نجاح العمل الموجه
إلى الطفل، سواء أكان شعرا أم قصة؟
من شروط مقومات نجاح العمل الموجه للطفل هو أولا أن تحترم ذكاءه وتضع بين
نصب عينيك أن الطفل متلقي جيد وقارئ ذكي ومشاغب يستعمل حواسه الخمس
لإدراك المضمون، لا يعطل عقله الخصب في التحليق بأجنحة الخيال إلى مضمون
النص، وتوقع منه أي سؤال يطرحه عليك، قد يفاجئك في أغلب الأحيان بأسئلة قوية
نافذة إلى العمق. كما يجب احترام مقومات الكتابة لكل نوع أدبي سواء أكان شعرا أو
قصة أو مسرحا أو سيناريو..
نصب عينيك أن الطفل متلقي جيد وقارئ ذكي ومشاغب يستعمل حواسه الخمس
لإدراك المضمون، لا يعطل عقله الخصب في التحليق بأجنحة الخيال إلى مضمون
النص، وتوقع منه أي سؤال يطرحه عليك، قد يفاجئك في أغلب الأحيان بأسئلة قوية
نافذة إلى العمق. كما يجب احترام مقومات الكتابة لكل نوع أدبي سواء أكان شعرا أو
قصة أو مسرحا أو سيناريو..
ويجب كذلك أن تكون الكتابة متجددة في مياهها، عميقة في بواطنها وأن لا تكون
نمطية ومقلدة للغير.
10-
يعمد بعض كتّاب أدب الطفل في المغرب، ومنهم كريمة دلياس- كما يسجل القارئ المتتبع
لأعمالك الموجهة إلى الطفل، إلى تلافي شكل النصوص شكلا تاما... ألا ترين أن هذا الغياب
يعيق استيعاب النص من لدن الطفل المغربي، بحكم / بالنظر إلى صعوبة اللغة العربية على
هذا المستوى؟ أو بتعبير آخر: ألا يؤثر هذا الغياب على درجة تلقي الطفل للعمل
الأدبي واستيعابه؟
بالنسبة لسلسلتي القصصية
للأطفال "الصعود إلى القمة" فهي موجهة للفئة العمرية ما بين 8 و12 سنة.
قد تكون بعض الصعوبات في القراءة بالنسبة للمستوى الثاني والثالث ابتدائي لكن ابتداء
من الرابع ابتدائي يجد الطفل سهولة في القراءة والاستيعاب، لأن النصوص مكتوبة بلغة
بسيطة وواضحة رغم غياب الشكل. اعتمدت على شكل بعض الكلمات فقط. لكن أخذت على عاتقي
في الأعمال القادمة شكل النصوص لتكون مقروءة أكثر.
11-
تحرصين على تطعيم قصصك بكلمات وألفاظ فصيحة وذات درجة لغوية عالية لا
تتوافق مع طبيعة فكر هذه الفئة العمرية (من قبيل: جوهر الأشياء/ الهديل/ النعيق/ كآبة/ لا يعكر صفوها/ كشّرت عن
أنيابها/ عيناه جاحظتان/ الوارفة الظلال...، على سبيل المثال).. فما الغاية
المتوخاة من وراء هذا التوظيف؟ ثم ألا تخشين الوقوع في الغموض؟
لا أرى غموضا في توظيف هاته
الكلمات لأنها موجهة إلى الفئة العمرية المتوسطة، وأنا حاولت أن أبسط ما أمكن
الكتابة لتكون سلسة وسهلة. التبسيط بالنسبة لي لا يعني أن نفرغ اللغة من حمولتها
الفكرية وأن نفقر النصوص لتصبح ركيكة للغاية، وإلا لن نخرج من قالب التعليم
التربوي الممنهج. لذلك حاولت أن أطعم القصة بمرادفات يمكن أن تزيد من المخزون المعرفي للطفل، وتحثه على فضول البحث والسؤال. القصص
التي كتبت يقرأها الآباء لأولادهم ابتداء من سن الثالثة يحكونها لهم سمعيا كما
أخبروني مستأنسين بالصور، وقد تابعني عدد لا بأس به من الأطفال دون سن الخامسة في
ورشات الحكي ووجدت تجاوبا جميلا من طرفهم. المهم هو وسيلة التواصل لإبلاغ المضمون.
كما كنا في طفولتنا نقرأ قصصا متنوعة مصاحبين بالمنجد،
نشرح كل كلمة لم نستطع استيعابها، بهذه الطريقة وبمجهود فردي وتحفيز ذاتي محض كونا
لغة لا بأس بها. وعموما سأصاحب القصص المستقبلية بشرح لبعض الكلمات الجديدة في آخر
كل صفحة، لأنني انتبهت إلى ذلك بعد صدور العمل.
12-
من خلال اطلاعك على تجارب الرواد في أدب الطفل في المغرب، فما هي التجربة
التي نالت إعجابك؟
شخصيا لا أقتصر على
القراءة المحلية، فأنا منفتحة منذ صغري على القراءة المتنوعة لكتاب من جميع
الأجناس ولا أحب التحيز لكتاب دون غيرهم، قد تعجبني بعض النصوص لبعض الكتاب وتترك
أثارها في روحي، وهذا لا يعطيني الحق لكي أختار كاتبا دون غيره. لكن إذا أردت أن
تعرف الكاتب الذي حفر عميقا في وجداني ووشم مخيلتي الطفولية بمداد من ذهب وأبهرني
بأسلوبه الجميل والذكي فهو ابن المقفع، كان دائما يترك أسئلة قلقة عالقة بذهني
كلما قرأت له قصة.
13-
في وقت يفضّل فيه كثير من الكتّاب المتخصصون في أدب الطفل، سواء في المغرب
أو خارجه، الكتابة القصصية والنثرية؛ اختارت ثلة من هؤلاء الكتاب جنس الشعر وسيلة
للتواصل. ما المبررات التي تقف وراء هذه الظاهرة في نظرك؟ ألا تفكر كريمة دلياس،
باعتبارها شاعرة، في إخراج أعمال شعرية خاصة بالطفل؟
كل كاتب له حق اختيار
أسلوب الكتابة شعرا أو حكيا حسب ميوله الشخصي. أعتقد شخصيا أن الطفل يميل أكثر إلى
الحكاية. قد ينفر الطفل من الشعر، لكنه لا ينفر من القصة. إنها تمثل عالم خياله،
فيها يجد ضالته، يتابع شخوص الحكاية بسهولة واستيعاب أكثر لما تمتلك من سحر التشويق
والمتعة. والشعر يتطلب مستوى عاليا من الإدراك، هذه الميزة لا تكون عند كل
الأطفال.
وشخصيا إذا كنت سأجرب
الشعر، أحبذ كتابته على شكل قصة مصورة، هكذا تكون المتعة والإفادة مزدوجة.
14-
في الوقت الذي يشهد فيه هذا الأدب ازدهارا وامتدادا لافتين بالمغرب، يسجل
المهتمون اختفاء المجلات الموجهة للطفل وفشلها في تحقيق الاستمرارية داخل سوق
النشر، مع العلم أن المجلات المشرقية تحقق نجاحا متواصلا داخل هذه السوق.. فكيف
ترين هذه المفارقة؟ وما هي – في نظرك- الإستراتيجية الناجحة لضمان نجاح منبر
إعلامي مغربي خاص بالطفل، على غرار المجلات النسائية والرياضية...؟
المجلات المشرقية الخاصة
بالطفل لها ما لها وعليها ما عليها. ليست كلها ذات مضمون جيد يرقى إلى مستوى ذكاء الطفل
وتطلعاته المستقبلية، ولديهم ميزانية خاصة للترويج في الأسواق العربية، قد تحقق
انتشارا واسعا لكن لا أعرف مستوى نجاحها في المبيعات ووصولها إلى القارئ الصغير،
هنا تكمن المشكلة الحقيقية التي تتمثل في ضحالة نسبة المقروئية. لأن الشعوب
العربية لا تقرأ ولا تشجع على القراءة في البيت والمدرسة و في المرافق الحياتية
المختلفة. كذلك هناك أسباب أخرى مرتبطة بالوسائل التكنولوجية الحديثة والمتطورة التي
يختارها الطفل للترفيه عن نفسه تنافس الكتاب والمجلة. لو كان الآباء والمربون
يهدون كتبا لأطفالهم في مناسبات أعيادهم الشخصية وفي مناسبات أخرى مختلفة ويتركون
لهم فرصة اختيار كتبهم بأنفسهم حسب ميولاتهم الشخصية، لتربى لدينا جيل قوي وعبقري يتنافس
على القراءة والإبداع. إن فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف نربي في فلذات أكبادنا بذرة
شغف القراءة منذ الصغر؟
وفي غياب إعلام لترويج
الكتب والمجلات عبر الوسائط السمعية البصرية وفي القنوات الفضائية خاصة بالطفل، يبقى
الكتاب رهين الرفوف يعتقله الغبار في الأقبية المظلمة وعلى الرصيف.
نــبــذة عن الأديبة
-
كريمة
دلياس شاعرة وقاصة من المغرب،
مدينة الدار البيضاء.
-
مهندسة إعلاميات سابقا
-
أستاذة الرياضيات حاليا
-
لها
أعمال شعرية وقصصية وحوارات منشورة في الجرائد الوطنية والمجلات العربية والمواقع
الالكترونية.
-
شاركت
في عدة ملتقيات أدبية ومهرجانات شعرية وقصصية على الصعيد الوطني ولقاءات أدبية مفتوحة
مع تلاميذ مؤسسات تعليمية.
-
حاصلة
على جائزة الاستحقاق لديوان "بقايا إنسان" عن جوائز ناجي نعمان الأدبية
العالمية لدار الثقافة لبنان لسنة 2007 الموسم الخامس.
-
حائزة
على الجائزة الأولى في المهرجان الدولي الثالث للشعر والزجل بالبيضاء لسنة 2008 و2009
-
حاصلة على تكريم من الجمعية
الدولية للمترجمين واللغويين العرب لسنة 2008
-
شاركت في ورشة الحكي للأطفال
بمعرض الكتاب الدولي بالدار البيضاء من تنظيم وزارة الثقافة سنة 2014.
-
شاركت في ورشة الحكي للأطفال
بمعرض الكتاب الجهوي من تنظيم مديرية وزارة الثقافة بالجديدة سنة 2014.
-
شاركت في ورشات الحكي وتعليم الكتابة القصصية للأطفال بالمعرض
الدولي والجهوي بالدار البيضاء وكذلك بالمعرض الجهوي بالجديدة وبمختلف المؤسسات
التعليمية.
-
شاركت في تأطير ورشة الكتابة الشعرية لفائدة التلاميذ من
تنظيم أكاديمية الدار البيضاء بتنسيق مع بيت الشعر في المغرب.
-
عضو
فخرية في دار الثقافة ناجي نعمان لبنان.
-
عضو مؤسس لجمعية قلم البيضاء.
-
عضو المجلس الإداري لجمعية الأمل وعضو النادي الدولي للإبداع.
من أعمالها:
-
ديوان
شعري بعنوان "بقايا إنسان" الصادر عن مطبعة سجلماسة مكناس سنة 2007
والحائز على جائزة النعمان في نفس العام.
-
سلسلة قصصية للأطفال بعنوان "الصعود
إلى القمة" صادرة عن وزارة الثقافة المغربية سنة 2015.
-
ديوان شعري بعنوان "كيمياء الليل " قيد الطبع