تخضع غالبية القنوات الجزائرية الخاصة المقدّر عددها
بأكثر من 25 قناة إلى سلطة المال، بعد توجه العديد من رجال الأعمال الجزائريين لضخ
مليارات الدنانير فيها خدمة
لمصالحهم أو خدمة للنظام.
البداية كانت صيف 2015 عندما تم بيع قناة
"الجزائرية"، إحدى أُولى القنوات الجزائرية الخاصة، إلى رجل الأعمال أيوب
ولد زميرلي، حيث بلغت قيمة الصفقة 4 ملايين يورو. بعدما أعلنت "الجزائرية تي في"
التي افتُتحت نهاية 2012 عن قرب إفلاسها، وتحوّل خطها الافتتاحي من الخطاب المعارض
للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى دعمه دون شروط، وذلك بعدما استعان في تسيير
القناة بأسماء مقربة من محيط الرئيس الجزائري في مقدمتهم حمراوي حبيب شوقي، المدير
السابق للتلفزيون العمومي الجزائري.
وجهٌ آخر في من وجوه الاقتصاد الجزائري كتب اسمه
في العالم السمعي البصري الجزائري من خلال استحواذه على قناتين خاصتين "دزاير
تي في" و"دزاير نيوز"، رجل الأعمال ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي
حداد المقرب من أسرة الرئيس الجزائري بوتفليقة الذي فضل في البداية إنشاء مجمع إعلامي
يضم جريدتين؛ إحداهما ناطقة بالفرنسية والأخرى بالعربية باسم "وقت الجزائر"،
ثم دَعم علي حداد مجمعه الإعلامي بقناة "دزاير تي في" العامة، ومع اقتراب
الانتخابات الرئاسية السابقة في الجزائر سنة 2014، دشن رجل الأعمال قناة "الوئام"
التي وُجهت لدعم الرئيس الجزائري بوتفليقة، ثم حولها لقناة إخبارية موالية للنظام الجزائري.
كما يتجه رجل الأعمال الشهير أسعد ربراب، إلى إتمام
صفقة شراء مجمع "الخبر" الذي يتكون من يومية "الخبر"، أكثر الجرائد
سحبا ومقروئية في الجزائر، بالإضافة إلى "قناة الخبر" و4 مطابع.
وتشير المعلومات المسربة من داخل المجمع الإعلامي
إلى أن قيمة الصفقة ستبلغ حوالي 40 مليون يورو، ويُضم ربراب مجمع "الخبر"
الإعلامي إلى جريدته "ليبرتي" أو الناطقة بالفرنسية، لكي تكون واجهةً إعلامية
قوية يستند عليها في مواجهة السلطات الجزائرية التي دخل معها في حرب مفتوحة.
ويقول الصحافي حمزة هواري، مؤسس موقع "الجزائر24"
الإخباري لـ "العربي الجديد": "إذا كان ميلاد الصحافة المطبوعة بداية
التسعينيات ميلادا سياسيا، وبقاؤها على قيد الحياة مرتبط بالإشهار العمومي، فحتما مستقبلها
لن يفلت من سلطة المال وسطوة الساسة، ومع فتح القطاع السمعي البصري أمام القطاع الخاص
زاد الأمر تعقيدا، مع ظهور قنوات فضائية هي امتداد لجرائد ورقية، وترتكز هذه القنوات
على عائدات إشهار اليوميات".
ويرى هواري أن هذا النموذج الاقتصادي أنهك ماليا
العديد من المؤسسات الإعلامية الخاصة، بسبب ارتفاع تكاليف تسيير قناة فضائية، ما أجبر
أرباب هذه المؤسسات على فتح رأسمالها، وفي نفس الوقت أغرت هذه الوضعية رجال الأعمال
من أجل الاستحواذ على هذه المؤسسات والاستثمار في القطاع بحثا عن التموقع الاقتصادي
أو السياسي من خلال المشاركة في صياغة الرأي العام. وعلى الرغم من السلبيات التي لا
حصر لها لاستحواذ رجال المال على الإعلام إلا أنه يضمن على الأقل الحياة للمؤسسات الإعلامية
من جهة، ويضمن بشكل أقل تعدد الأصوات في المجتمع واحد من جهة أخرى