تبييض النهج التكفيري رمضان مصباح الإدريسي
لائحة وطنية تكفيرية:
لم يكن واردا أن يضرب حشاشو الأزمنة الحديثة في
انتخاباتنا ،ولوبسهم؛خصوصا وقد أطاح رجال الضابط
الخيام – غير مسنودين دائما من خطبائنا
– بكل خططهم القتالية ,وذئابهم وثعالبهم.
فمن أين هبت هذه الريح الصرصر ،ومن أين دهاء هدا
الاختراق؟
كيف استوعبت لوائح حزب العدالة والتنمية،وهو يترأس
الحكومة المنتهية ولايتها، مترشحين متطرفين تصطدم مواقفهم وتصريحاتهم باختيارات الدولة
وقوانينها ؛بما فيها حتى القانون المنظم للأحزاب؟
تكفيريون لايخفون تعطشهم للدم" الفقهي
"،خصوصا دم مواطنينا اليهود ،الضارب في القدم بهذا الوطن الذي عرف التوراة والأناجيل
قبل القرآن الكريم.
كيف أخرج التكفير أعناقه حتى رآها الأعمى ،ضمن لوائح
حزب كبير ،لاتعوزه لا الشرعية ،ولا الهياكل ،ولا آليات الاشتغال الميداني؟
ما الذي جعل الحزب الحاكم ؛وهو الذي لم يدخر مكرا
في ركوب التملق ،والاعتدال,يفضح نفسه في الأمتار الأخيرة للسباق؟
وما الذي جعل هدا الحزب ،ونحن نخال أنفسنا نعرف كل سجله المدني والعدلي والسياسي،يربك نضالنا
من أجل الدولة الديمقراطية ،المدنية،والانتخابات المؤسسة على العمل السياسي الصادق
والنزاهة التامة، بمشوش بحجم الفيل،الضارب بالحجارة؟
مُشوش الفكر التكفيري الراغب في شرعية البرلمان،مُبيضة
فقط للوجه القبيح؛ولم لا بناء فريق متجانس ،يجتمع فيه ما توزع بين الأحزاب المخترقة.
لعلها لائحة وطنية أخرى – تكفيرية هذه المرة – تتسرب
الى برلماننا ،ونحن نرى ونسمع.
كل الجدار الأمني الذي بناه أبطال المركز الوطني
للأبحاث القضائية،وسارعت كل الدول الكبرى لتعليق راياتها به – افتخارا وتقربا- لم يقف
،لعدم الاختصاص ربما، حاجزا يصد هدا الاختراق السياسي الذي سهل له المهمة حزبنا الحاكم،ومن
نحا نحوه.
ابحثوا في الدعوة حينما تتسلق الدولة:
كل محاولة للإجابة على هذه التساؤلات تمر عبر أحوال
الحزب وهو يمارس الدولة ،دون نسيان الدعوة،ومنها:
1الاصرار على الظهور بمظهر الداعية الديني،
المنقذ للنظام من الربيع العربي، الثوري العلماني،وعدم التوقف عند حدود الفوز الانتخابي
(ربما لمحدوديته ،ولاشتغاله في حدود الوطن والمواطنة فقط).
2التملص من الدستور ،والتصريح- مكرا- بأنه
يخص الملك؛بمعنى يخص الدولة المدنية التي ترعاها الملكية. الهوى الحزبي ،هنا، كان يشتغل في حدائق أخرى،اخوانية،بأرض الكنانة ..حدائق
سرية افتضح أمرها في الدقائق الأولى من حكم المرشد الأعلى.
3بناء معجم شعبوي تنكيتي فرجوي، لتوصيل الخطاب
بأقصى سرعة إلى القواعد والخزانات الانتخابية: العفاريت ،التماسيح.. معجم ضاحك ومضحك؛
لانت ملامسه كأفاعي عنترة؛ لكن "عند التقلب في أنيابه العطب".
4السعي الى بناء حلف مالي اقتصادي مع كل
رموز الفساد ؛والمواطنون قيام ينظرون.
إن عفا الله عما سلف ،لم تكن إلا من جنس تحالف فاوست
مع الشيطان ،والخميني مع تجار البازار في طهران.لم تكن زلة لسان أبدا.
5امعانا في التنكر ،وثقة في ريعه الديني وقواعده المنضبطة،وكتائبه الضاربة ليلا ونهارا،تصدى
لما أعجز الحكومات السابقة –ليس ضعفا وإنما كراهية للضغط على المواطنين- ففاخر ،ولا
يزال يفاخر، بوضع صندوق المقاصة في طريق الانقراض،وقصف الموظفين بقنابل تقاعدية انشطارية؛
ما يعرف بمثلث الموت:
عمر أطول،اقتطاع أكثر،ومعاش أقل. من يقوى على كل هذا غير الداعية ،حينما يتسربل بسربال
الدولة؟
6ولما بدا أن القاموس الشعبوي استنفذ صلاحيته داخليا –ولم يوضع لغير الداخل-
ولايقول شيئا للخارج ؛شرع في بناء معجم مزدوج الاستعمال ؛يقول للخارج- بما فيه الاخواني
،والغربي الديمقراطي- بأن التحكم معضلة المعضلات في المغرب ؛وقد ثنى هذا بتصريحات تجعل
الدولة المغربية دولتين .أي وقع لكلام مثل هذا حينما يصدر عن حزب حاكم؛ورجل يعتبر الثاني
في هرم الدولة؟
حتى وان التقى في هذا مع غيره ،فانه ينفرد بخدمة - راكبا
النقد السياسي - أجندته الخاصة ،التي تتجاوز إصلاح شأن الدولة المدنية الى إقامة الدولة
الاخوانية،دولة الخلافة والأمة.
وفي اشتغال هذا القاموس داخليا ،توطئة لتخفيف العقاب
الانتخابي ؛وكأن المواطنين سيغمضون عيونهم عن آثار معاول الهدم الاقتصادي الذي أصابهم،ويختارون
ممثليهم –مرة أخرى – وفق المعايير التي يصوغها لهم هذا الحزب.
7ابتزاز الدولة وتهديدها ؛في الشوط الأول
بالاستقالة المحرجة من رئاسة الحكومة،وفي الشوط الثاني بأشواط إضافية ستعرف فيها كتائب
الحزب كيف تؤدب من تسبب في سقوطها(إن حصل).
ما تم تداوله بمواقع التواصل من تهديدات صريحة ؛ذات
طابع دموي داعشي،أحيانا؛ليس تهورا فرديا فقط ،انتهى بصاحبه لدى الأمن؛بل عملا موجها
ومؤطرا ،مُتع حتى بهيئة وازنة للدفاع.
8الارتباك الكبير إزاء خطاب ملكي صريح، يلزم
جميع الفرقاء ،وليس المتلبس الاسلاموي فقط ، باحترام الحياد السياسي الحزبي للمؤسسة
الملكية ،وعدم توظيف اسم الملك في التدافع الانتخابي.
فجأة مُرغ كل التملق ،وكل المكر السياسي للحزب الحاكم
في التراب ؛وبدا جليا أن كل النقط التي حصل عليها موجبة ،ليس للرسوب لأن هذا بيد الناخبين،وإنما
للتساوي مع الفرقاء السياسيين الآخرين .
هَوى صرحُ الكِبْر و التعالي الذي طالما ركبه رئيس الحكومة، وهو يستهزئ
بالجميع ،ويقهقه في وجه المعارضة ،ويتهم كل من خالفه بأنه تحالف مع أعدائه لِفَل العُروة
الوثقى التي تجمعه بالمؤسسة الملكية.
ترشيح بطعم التهديد:
كأني بيوليان حاكم سبتة ،وهو يرد على الملك الاسباني
"لوذريق" حينما طالبه بإحضار نسور افريقية،في قادم وفادته: سآتيك بنسور لا قبل لك بها(كان يقصد جيش الفتح
الإسلامي،لينتقم لشرف ابنته الذي ضاع في القصر) .
كأني بشيء من هذا يتكرر اليوم ،في لوائح الحزب الحاكم
،إذ شرعنت –ترشيحا- النهج التكفيري ،دون حتى مطالبته بتصريحات تُطمئِن المواطنين ،وتشجع
التكفيريين الآخرين على فضيلة المراجعات الفكرية.
الحزب الحاكم يفضل أكل الصبار بشوكه؛يعشق الشمطاء
التي شاب وليدها؛وله أحوال وشطحات في تدبير الأمر كله.
الاستعداد لمرحلة ما بعد الانتخابات يبدأ من الترشيحات؛ومن
هنا فريُ الحزب لعيدانه ،واختيار الأصلب منها والمشوك لأيام الكريهة المقبلة.
بهذا يرد الحزب الحاكم على الغضبة الملكية ؛وهو
الحزب الذي امتثل، صاغرا، ذات انتخابات لأمر إدريس البصري القاضي بعدم تغطية كل الدوائر,درءا للاكتساح الاسلاموي للبرلمان.
هكذا يقلب
صقور الحزب ظهر المجن في الدقائق الأخيرة،لينكشف على حقيقته؛ونرى مكرا سياسيا،بلحمة
الوطن، لم نعهده من قبل.
لا يهم الغدر بالوطن في حربه الضروس ضد الإرهاب
؛في الداخل والخارج.
لا يهم الإزراء بالنموذج المغربي ،في هذه الحرب؛وهو
النموذج الذي يتجذر ،يوما بعد يوم،مدرسة للاعتدال تستدخل مقاربات عدة.
لايهم أن تضيع جهود حماة الوطن ، بتبييض ولو وجه تكفيري
واحد ؛ينتصب غدا ،بكل حصانة البرلماني, ليهدد الأمن العام .
صوت صوتان ثلاثة ،حتى يكتمل الفريق .
لقد بدأ الحزب الحاكم مهادنا مسالما ؛وحتى ملكيا
أكثر من الملك ؛ولما بدا له حجم السخط العام من أدائه الحكومي ،وأن تملقه لا مقابل
له،انتهى مهددا لأمن الوطن ،راغبا حتى في الاستشهاد ،وكأن الدار دار حرب؛وانتهى قامعا
حتى لمناضليه الشرفاء الذين صدقوا ما خالوه صولات ضد الفساد ؛وما هي كذلك.
يبقى الآن أن يحسم الناخبون في هذه النوازل الحزبية
المغربية، التي باغتتنا بتزويج الفيل ،ونحن ننتظر كف شره عن مزارعنا وقوتنا.
بدل التركيزعلى معارك البناء الديموقراطي الحداثي،من
داخل المؤسسات ،علينا أن ننتظر خروج قوافل من البرلمان المقبل ،سائرة القهقرى ،صوب
"أول الأمر" ،وطهر "السلف الصالح"،وبعدهما "الفقه الذباح"،لننتهي
رعايا للخليفة .
لست منتميا ،ولا أخدم أجندة أحد ؛وكم تمنيت أن يكون
كلامي اليوم ثناء على حزب وعد وأوفى ،وانخرط في هموم المواطنين ،بدل الانخراط في رسم
خرائط تتجاوز الوطن.
Sidizekri .blogvie.com