محمود
جمعة :
شهرُ أيلول عند إبراهيم شِعراً .
قراءة في قصيدة " شهر أيلول " للشاعر العراقي إبراهيم
الماس .
* * *
أنت حزينٌ
..
هذا ما يحدث في أيلول ..
هذا ما يحدث في أيلول ..
الفعل الشعري
الكامنُ في الذات الباحثة عن كوّة ضوء لا يخضع لتخطيط مُتعمّد من قبل الشاعر ،
إنّما يُتركُ بتقديرٍ شعريّ لاتخاذ النسقِ الطبيعي ، حيث يُقدّم ( الكتابةَ )
لوحةً على شلالٍ وديعٍ ، تتغيّر مجرياتُها وفق انثيال الماء .. ، هذه الحرفية هي
التي تجعل من النصّ الأدبي نصّاً شعرياً ، فالممارسة الكتابيّة وحدها لا تكفي ،
وأيلول موضوعةُ الوجدِ للشاعر أثناء خصوصيةٍ نوعيّةٍ عاشها الشاعر ، لا موسم لحزنِ
الشاعر ، لكنّ إرادة الكلّ وإطلاق الجزء يكشفُ عن نوعية الوجع ، ألا وهو كتابة نصّ
يُساهم في الضوء / أيّ ضوء من شأنه أنْ يكمل عمليّة نقل الصخور / ممارسة الفن
.
لا مجد ولا
تمائمُ جنّ !
أنت وحيدٌ أكثر ..
من ألذّ حالات الشاعر مرارةً هي كتابةُ الموقف ! ، فثورةُ الوهج الشعري / الصوفي / الطبيعي / اللوني / بمفهومها العام تعني : كتابة الموقف بأدوات ناقصة ، فماذا أراد ( الماسُ ) أنْ يكتبَ ؟! .
الشاعرُ شبيهٌ بمصنعٍ كبيرٍ ، تتعدّدُ وحداتُ إنتاجه كمّاً ونوعاً ، كلّها تعملُ وفق نسقٍ مُرهقٍ ، اكتشافٌ وتحليلٌ ، تدويرٌ وتخليقٌ ، وبعدها : تمرُّ الكفّ على الجبين لتخرج الجملةُ الشعريةُ ! ، ( أنت وحيدٌ أكثر ) : فأنت أيها الشاعر : نصفُ رجل / نصف امرأة / نصفُ وردةٍ / نصفُ نخلة / نصفُ يتيم / نصفُ فقير / نصفُ غني / نصفُ مَلِكٍ / نصفُ نبيّ / نصفُ شيطان / أنت نصفٌ من كلِّ شيءٍ .
جئتَ مثل كوكبٍ
من سقوف الصّيفِ ..
ووقعتَ في شَرَكِ المياهِ
في بحيراتِ القصور المهجورة !
الرحلةُ نحو اللامألوف معرفياً من اختصاص الشاعر ! ، وهنا ثمّة أسئلةٌ يطرحها الشاعرُ عبر ذاتٍ خفية لا تظهرُ إلا بتفتيت الضوءِ الذي يلدُ النصوص ، هذه أسئلة تُطرح كي لا يُجابَ عليها :
1 ـ أنتَ وحيدٌ أكثر ؟؟
ــ ربما لأنك رأيتها تبكي ! .
2 ـ جئتَ مثل كوكبٍ من سقوف الصيف ؟! .
ــ نعم ، ثمة ( شَرَكٌ ) للمياه ، لا يصطادُ إلا الشعراء ! .
أنت وحيدٌ أكثر ..
من ألذّ حالات الشاعر مرارةً هي كتابةُ الموقف ! ، فثورةُ الوهج الشعري / الصوفي / الطبيعي / اللوني / بمفهومها العام تعني : كتابة الموقف بأدوات ناقصة ، فماذا أراد ( الماسُ ) أنْ يكتبَ ؟! .
الشاعرُ شبيهٌ بمصنعٍ كبيرٍ ، تتعدّدُ وحداتُ إنتاجه كمّاً ونوعاً ، كلّها تعملُ وفق نسقٍ مُرهقٍ ، اكتشافٌ وتحليلٌ ، تدويرٌ وتخليقٌ ، وبعدها : تمرُّ الكفّ على الجبين لتخرج الجملةُ الشعريةُ ! ، ( أنت وحيدٌ أكثر ) : فأنت أيها الشاعر : نصفُ رجل / نصف امرأة / نصفُ وردةٍ / نصفُ نخلة / نصفُ يتيم / نصفُ فقير / نصفُ غني / نصفُ مَلِكٍ / نصفُ نبيّ / نصفُ شيطان / أنت نصفٌ من كلِّ شيءٍ .
جئتَ مثل كوكبٍ
من سقوف الصّيفِ ..
ووقعتَ في شَرَكِ المياهِ
في بحيراتِ القصور المهجورة !
الرحلةُ نحو اللامألوف معرفياً من اختصاص الشاعر ! ، وهنا ثمّة أسئلةٌ يطرحها الشاعرُ عبر ذاتٍ خفية لا تظهرُ إلا بتفتيت الضوءِ الذي يلدُ النصوص ، هذه أسئلة تُطرح كي لا يُجابَ عليها :
1 ـ أنتَ وحيدٌ أكثر ؟؟
ــ ربما لأنك رأيتها تبكي ! .
2 ـ جئتَ مثل كوكبٍ من سقوف الصيف ؟! .
ــ نعم ، ثمة ( شَرَكٌ ) للمياه ، لا يصطادُ إلا الشعراء ! .
من قميصك الذي
هجره اللونُ تتطايرُ :
هل رأيتم نانار خلف
الشباك الخفيض تغسل
الأواني ..
أخذوا من يديها سبع أنهار
وكانت حبيبتي !
تتطايرُ .. فينهارُ
حفيفُ الحقول تحت
رعب النجوم !!
وتتلاطم أرواحُ الغرقى في القلعة :
حارسةُ النهر !
لِمَ تُنشدُ للأحجار في
المنابع السعيدة ؟
لِمَ تمدح النبتة
في الليل
وتؤاخي بين البشر ؟!
يبقى هاجسُ العشق حنيناً أزلياً في ذات الشاعر مهما بلغ من قوة الكشف والفيض شعرياً ، ذلك أنّ في الوجود ممكناتٍ كثيرةً ، قد تُسعفُ أو لا تسعفُ الجاني لحظة الكتابة ، وهنا ثمة توفيق ممتعٌ بين الماديّ والمعنويّ ؛ لأنه مَنحَ الجملة الشعرية نسقاً آخر يغايرُ الاعتراف والتباكي وجلد الذات ، فهو هنا فرحٌ بحزنه إذْ يرى فقدان الأنهار السبعة وهي تُصادرُ من امرأة بعد حينٍ يكتشف أنّها حبيبتُه ! ؛عبر توازٍ لغويّ بين جملتي ( حفيف الحقول ، رعب النجوم ) ، وهذا الاتساق منحَ اللغةَ مجالاً أكبر في توظيف المعنى ، ذلك أن الحفيف لا ينهارُ ، والأرواحُ لا تتلاطمُ ... إلا بوجودِ دافع الموقف /الكتابة ، بعد حينٍ يتأكد وهو يبحث عن موقفٍ أنّ بحثه عن الموقف موقفٌ ، وهذا لا يحدث في غير الشعر ، تماماً إنه كـ( الانشاد للأحجار في المنابع السعيدة / مدح النبتة / المؤاخاةُ بين البشر ) ! .
إنّ تحوّل المكان في الشعر منتهى ما تطمحُ إليه القصيدة الحديثة بحسب تعبير د. حمد الدوخي ، وقد بُني هذا التحوّل في النصّ هذا وفق ثنائية العرض والتقديم ، عرض السبب ، وتقديم النتيجة ، وهي الموقف الذي يحلمُ به الشاعرُ منذ أوّل الرحلة حتى حلول التعبِ ، وكأنّه وضع خطوطاً بيانية رصف عبرَها ما يطمحُ إليه في تحقيق ولادة جملةٍ شعريةٍ تليق بـ ( حقول الذرة / الكتب / النظرة / فزع القنفذ / الشجر الجافل / أيلول ) ، ثم نأى بعيداً عن التقرير : (( لا تقل شيئاً عن الرعشة .. )) ، ليكشف عن تمثالٍ يتجلى بصورةِ شاعر / شاعرٍ يتجلى بصورة تهشيم الحياة كون الريح ترسمُ كثيراً من الحياة ، موضّحاً تناقضَ استمرار الحياة / سرِّها القائمُ على ثنائيّة : تهشيم / رسم .
والنتيجة شعريّاً قد تلتزمُ أولا تلتزمُ بالتخطيط النفسي ، إلا أنّ نسقَ الألفاظ وتناغمها أدّى تلاحُماً روحيّاً نفسياً في صياغة الجملة الشعرية ، ذلك أنّ اللغة على امتداد المسافة النفسيّة للنصّ لم تعلُ على الشعر ، ولا الشعرُ علا اللغةَ ، إن هذا نصّ جاذبٌ للانفتاح على نصوص أخرى إذا أخذناه جملة جملةً بمعزلٍ عن خريطته عبر الصورة التي أفضت إلى صورة أخرى أنتجتْ مشهداً سينمائياً شعرياً ، وأنوّه إلى أنّ بعض القراءات أصغرُ من الشعر ، لكنها تبقى محاولاتٍ تنتظم السيرَ جوار المنتج الجديد تخليقاً للنص
هجره اللونُ تتطايرُ :
هل رأيتم نانار خلف
الشباك الخفيض تغسل
الأواني ..
أخذوا من يديها سبع أنهار
وكانت حبيبتي !
تتطايرُ .. فينهارُ
حفيفُ الحقول تحت
رعب النجوم !!
وتتلاطم أرواحُ الغرقى في القلعة :
حارسةُ النهر !
لِمَ تُنشدُ للأحجار في
المنابع السعيدة ؟
لِمَ تمدح النبتة
في الليل
وتؤاخي بين البشر ؟!
يبقى هاجسُ العشق حنيناً أزلياً في ذات الشاعر مهما بلغ من قوة الكشف والفيض شعرياً ، ذلك أنّ في الوجود ممكناتٍ كثيرةً ، قد تُسعفُ أو لا تسعفُ الجاني لحظة الكتابة ، وهنا ثمة توفيق ممتعٌ بين الماديّ والمعنويّ ؛ لأنه مَنحَ الجملة الشعرية نسقاً آخر يغايرُ الاعتراف والتباكي وجلد الذات ، فهو هنا فرحٌ بحزنه إذْ يرى فقدان الأنهار السبعة وهي تُصادرُ من امرأة بعد حينٍ يكتشف أنّها حبيبتُه ! ؛عبر توازٍ لغويّ بين جملتي ( حفيف الحقول ، رعب النجوم ) ، وهذا الاتساق منحَ اللغةَ مجالاً أكبر في توظيف المعنى ، ذلك أن الحفيف لا ينهارُ ، والأرواحُ لا تتلاطمُ ... إلا بوجودِ دافع الموقف /الكتابة ، بعد حينٍ يتأكد وهو يبحث عن موقفٍ أنّ بحثه عن الموقف موقفٌ ، وهذا لا يحدث في غير الشعر ، تماماً إنه كـ( الانشاد للأحجار في المنابع السعيدة / مدح النبتة / المؤاخاةُ بين البشر ) ! .
إنّ تحوّل المكان في الشعر منتهى ما تطمحُ إليه القصيدة الحديثة بحسب تعبير د. حمد الدوخي ، وقد بُني هذا التحوّل في النصّ هذا وفق ثنائية العرض والتقديم ، عرض السبب ، وتقديم النتيجة ، وهي الموقف الذي يحلمُ به الشاعرُ منذ أوّل الرحلة حتى حلول التعبِ ، وكأنّه وضع خطوطاً بيانية رصف عبرَها ما يطمحُ إليه في تحقيق ولادة جملةٍ شعريةٍ تليق بـ ( حقول الذرة / الكتب / النظرة / فزع القنفذ / الشجر الجافل / أيلول ) ، ثم نأى بعيداً عن التقرير : (( لا تقل شيئاً عن الرعشة .. )) ، ليكشف عن تمثالٍ يتجلى بصورةِ شاعر / شاعرٍ يتجلى بصورة تهشيم الحياة كون الريح ترسمُ كثيراً من الحياة ، موضّحاً تناقضَ استمرار الحياة / سرِّها القائمُ على ثنائيّة : تهشيم / رسم .
والنتيجة شعريّاً قد تلتزمُ أولا تلتزمُ بالتخطيط النفسي ، إلا أنّ نسقَ الألفاظ وتناغمها أدّى تلاحُماً روحيّاً نفسياً في صياغة الجملة الشعرية ، ذلك أنّ اللغة على امتداد المسافة النفسيّة للنصّ لم تعلُ على الشعر ، ولا الشعرُ علا اللغةَ ، إن هذا نصّ جاذبٌ للانفتاح على نصوص أخرى إذا أخذناه جملة جملةً بمعزلٍ عن خريطته عبر الصورة التي أفضت إلى صورة أخرى أنتجتْ مشهداً سينمائياً شعرياً ، وأنوّه إلى أنّ بعض القراءات أصغرُ من الشعر ، لكنها تبقى محاولاتٍ تنتظم السيرَ جوار المنتج الجديد تخليقاً للنص
.
شهر أيلول / إبراهيم الماس .
* * *
أنت حزينٌ
..
هذا ما يحدث في أيلول .
هذا ما يحدث في أيلول .
لا سلام في
قلبكَ ، لا مجد ولا تمائمُ جنّ !
أنت وحيدٌ أكثر .
أنت وحيدٌ أكثر .
.
رأيتَها تبكي ..
فجئتَ مثل كوكبٍ من سقوفِ الصّيف
فجئتَ مثل كوكبٍ من سقوفِ الصّيف
ووقعتَ في
شَرَكِ المياهِ في بُحيراتِ القصورِ المهجورة .
.
من قميصِكَ
الّذي يجردُ ، تتطاير :
هل رأيتم "
نانارَ " خلف الشبّاك الخفيض
تغسل الأواني
أخذوا من يديها
سبعَ أنهار
وكانت حبيبتي !
.
تتطاير ..
يتقشّر لحاءُ
الشهورِ
فينهارُ حفيفُ
الحقولِ تحت رعبِ النجوم
وتتلاطم أرواحُ
الغرْقَى في القلعةِ : حارسةُ النَّهر !
.
تدسُّ في جيبِ
الهواءِ :
يا ابن آدم ..
لِمَ تنشدُ
للأحجارِ في المنابعِ السعيدةِ
لِمَ تمدحُ
النّبْتةَ في الليّلِ
وتُآخي بين
البشر !؟
.
في الشطآن ، في
حقولِ الذرةِ ، في الكُتبِ ، في النظرةِ ،
في فزعِ القنفذِ
يعبرُ شارعَ الإسفلتِ ، في الشجرِ الجافلِ ،
في أيلول ..
لا تقلْ شيئاً
عن الرعشةِ ، هاك ..
انْظرْ مثل
تمثالٍ مُهشّم
مثل فزّاعةٍ
حجريّةٍ رَسَمَتها الريحُ
انْظرْ بعينينِ
واجِمَتينِ أعلى ..
إلى قُرى
النّملِ الذهبيّ وهيَ تقيمُ أعراسَها
في خشبِ الليالي
العتيق !
ـــــــــــــــــــــــــ
* نانار : آلهة القمر في العراق القديم .
* نانار : آلهة القمر في العراق القديم .