يتموقع "رماد اليقين" الصادر عن
دار المناهل ضمن منشورات وزارة الثقافة، ثالثا في لائحة الإصدارات الشعرية للشاعر
محمد بلمو، وتحبل المجموعة بإشارة دلالية، تعني
إصراراً منه على تكريس حضوره في
جغرافيا الشعر المغربي المعاصر، والمقدرة على الرقي الابداعي الهادف، على إيقاعات
الصيرورة المستدامة للقصيدة المغربية المعاصرة، والكتابة، رغم تعدد جبهات الانشغال
التي يشاغبها ويشاكسها، وتنوع المسؤوليات التي تثقل كاهله.
في هذا الكتاب، عدد قصائده عشرة، وهي:
غياب، سيشمت الزرنيج في الورد، لو بمقدوري، حلم، هل أنا الريح أيها المداد، لا
موطئ قلم.. لي، ورشات مرتبكة ضد الموت، تعريفات بدائية جدا، هل يحدث أن، ورماد اليقين.
وهذه القصيدة الأخيرة هي التي منحت عنوانها للكتاب كله، ومن المفارقات أن رقم
ترتيبها (عشرة) يتوافق وعدد الحروف التي تتشكل منها ديباجة العنوان (رماد اليقين)
واسم الشاعر (محمد بلمو).
رماد اليقين:
مركزية الاتصال وهامشية الانفصال
خلال اشتغاله على كتاب ادريس الناقوري
"المصطلح المشترك: دراسات في الأدب المغربي المعاصر"، يتوقف الباحث
والناقد د.مصطفى الشاوي عند مقاربته لقصيدة "الفروسية" للشاعر أحمد
المجاطي، مستخلصا أن "القيمة الفنية، في رأي الناقوري رهينة بمدى ارتباطها
بصدق الواقع وقدرتها على تجاوزه في الآن نفسه.(1)
استنادا إلى حصيلة قراءتي في هذا الثلاثي
الشعري (صوت التراب، حماقات السلمون، رماد اليقين) للشاعر محمد بلمو، ارتأيت أجرأة
هذه المشاركة القرائية وفق هذا التصور المنهجي للناقد ادريس الناقوري، ذلك أن
المتن الشعري عنده يفرش أرضية صالحة للتناول طبق مقتضيات هذا المنظور، حيث تعلن
العديد من قصائد الإصدارات الثلاثة عن تفاعلات جلية بين الذات الشاعرة والموضوع، بصيغة
توشك معه أن تشكل رقما رصينا مهيمنا في هذه المعادلة، مثلما تعضد ثنائية التفاعل
بين الذاتي والموضوعي في مجموع أشعاره.
هذا وبقدر حرصه على الانغماس في مزيد من
الاكتواء بلظى القصيدة، ينتصب الموضوع، محور الانشغال، بارزا، ينصب كل افخاخ غوايته،
لاستدراج الشاعر والقبض على نواصي اهتماماته المستدامة. يتعلق الحال هنا بفضاء
القرية، بكل أمكنتها وأزمنتها، وما ترشح به من لذاذات وأطاييب البداوة المشتعلة
أبدا في نفسيته، العالقة حركاته وسكناته. هو شأن قصبة بني عمار التي ينتسب إليها،
بها ولد، نشأ وترعرع، أحبها وأهلها حد الجنون، وإليها أخلص المودة والوفاء، هي وهو
في حالة اتصال دائم لا ينتهي، حتى لما تفرض الأقدار أن ينفصل عنها لضرورات مؤكدة،
فإنها تبقى وتظل تخفق في سويداء القلب، مالئة عليه معظم هواجس معيشه.
وإذا كان
الشعر العربي يحدثنا عن تغنيات هيامية لشعراء بمدن معينة إلى درجة أن الحصيلة
الشعرية لذيهم أسست لما يسمى ب "شعرية المدينة"، فإن بعض المبدعين
التفتوا إلى قرى انتماءاتهم، مع أن هذه الأَشكال من الاستحضار تبقى ضئيلة، قياسا
للمنجز الشعري للشاعر محمد بلمو في حق قريته (قصبة بني عمار)، وبذلك فهو يساهم -
وبقوة - في وضع أسس "شعرية القرية"، بل يمكن القول أنه يتصدر قائمة
المهتمين الشعراء بفضاء من هذه الشاكلة، ونحن لا نقول بهذا جزافا واعتباطا، بل هي
شواهد أشعاره في الدواوين الثلاثة تبرهن على مصداقيات هذه الفرضية، مثلما تؤكد ذلك
سياقات أخرى(2)
أن كتابات الشاعر محمد بلمو تحظى بعنايات
القراء والنقاد، ومنها المقاربة النقدية التي أنجزها د. محمد الديهاجي في حق
الديوان(12) حيث يقول: "لم تعد
الذات، في هذه المجموعة الشعرية، ذاتا رسالية، بل تحولت إلى مجرد ذات متشظية،
وجاحدة بكل تنميط أو تحنيط، هذا التذويت المتشظي، سيدفع الكتابة لكي تضاعف من
دوالها دون هوادة، كتابة تتدافع نحو كل ما هو هامشي أو عابر، مستعينة في ذلك،
بالجملة السردية المسترخية تارة، وما تبقى من أثر المكان في الذاكرة، وليس المكان
هنا، سوى قرية بني عمار، فالقرية تحضر كنباتات وكالإشارات موقدة بذلك فتنة أخرى،
ستجعل الكتابة لا محالة في مواجهة دوالها". ص:123 و124.
إن العديد من المتن الشعري عند الشاعر تؤثث
فضاءات واشتغالها بالتنصيصات الدالة على القرية: قرية تشبه قلعة جبلية، هي جزء من
كتلة جبل زرهون(4). لذلك وجب التأشير لما لفضاء هذه القرية من حضور في قصائد
الشاعر محمد بلمو في (صوت التراب)(5) و(رماد اليقين) على الخصوص، ومما يؤكد هذا
التفاعل ما سنرصده لاحقا في المتن الشعري من إحالات شعرية دالة على مؤشرات المكان،
ومنها هذا البعد التاريخي حيث بقايا بنايات أثرية تنطق بالأمس التليد للقرية التي
تدهش الساكن والوافد على السواء، والتي علقت بقلب محمد بلمو وتعلق بها، وبقي
مفتونا مدهوشا بها، وبأحوالها بكل تناقضاتها، يرفض أن يدس بها في غابة النسيان،
فإنه ظل أبدا -واعيا- بهذه المسؤولية إزاءها، قلبا وقالبا، قولا وفعلا، إعلاما
وإبداعا شعريا، حيث يلحظ المهتم بتجربته الشعرية أنه استنزل أغلب قصائد متنه
الشعري بها في دواوينه الثلاثة.
قراءة في عتبة
العنوان: رماد اليقين"
قد يلاحظ المتلقي أن لفظة (رماد) تندرج في
باب ما استند عليه عديد من أهل الشعر والقصة في عنونة أعمالهم، والقائمة ذات الصلة
طويلة، منها في الشعر "رماد هيسبريس" للشاعر محمد الخمار الكنوني، وفي
السرد "دخان الرماد" لمحمد الشايب، خلاف لفظ (اليقين). وبالتالي فإن
الجمع بينهما يأتي مغايرا تماما ومختلفا
عن المتداول، وقد اضفت عليه ديباجته الانزياحية دلالة إدهاشية لا تلج دائرة متناول
القارئ إلا بربطها بمكونات هذا المتن الشعري.
إن علاقة الشاعر بهذا التوظيف الرمزي تعود إلى باكورته "صوت
التراب" حيث ورد في ص:3: على شط القصيدة/احترقت/تساقطت شهبا/رمادا تسلقت سقف
الذكرى...
فما نوع
التشابكات الدلالية الافتراضية بين هذه المؤشرات؟
قبل الإجابة، نود
الدنو من شقي هذا العنوان:
- الرماد: ما تبقى من
المواد المحترقة بعد احتراقها و(الكلمة) تتغير وتتبدل إحالاتها الدلالية حسب
السياق.
- اليقين: لغةً، هو العلم
الذي لا شك فيه أو معه، واصطلاحا: هو اعتقاد أنه مطابق للواقع، غير ممكن الزوال.
وعند أهل الحقيقة: رؤية العيان بقوة الإيمان لا بالحجة والبرهان، وفي الفلسفة:
اطمئنان النفس إلى حكم، اي الاعتقاد بصحته.
في هذا المنحى الأخير يوضح الباحث د. مصطفى
الشاوي مفهوم (الظاهراتية) كمذهب فلسفي قائلا " سعى الفيلسوف الالماني إدموند
هوسرل إلى وضع منهج فلسفي يعير اليقين المطلق لحضارة منهارة، فدشن
"هوسرل" على غرار سلفه "ديكارت" بحثه عن اليقين المطلق
(لحضارة منهارة) بالرفض المؤقت لما يسميه "الموقف الطبيعي" اي الاعتقاد
البديهي بأن وجود الأشياء في العالم الخارجي وجود مستقل عنا وأن معلوماتنا عنها
معلومات موثوق بها.."(6)
ماذا عن دلالة المتصل
الموصول بين شقي العنوان؟ وإلى أي مدى يتطابق جزئيا مع المدلولات اللغوية
والاصطلاحية المنوه بها سابقا؟
ينبغي التذكير بأن (رماد اليقين) القصيدة،
المتموقعة عاشرة وأخيرة في الترتيب، هي التي أعطت للديوان عنوانه الكبير، وهي
قصيدة تساعية البناء المقطعي، اعتمدت استفهامية "أمتيقن..." 11 مرة،
وتتشكل من 47 سطرا شعريا (7+4)=11، وخاتمتها بالصفحة 74 (4+7)=11 (مفارقة: معادلة
عددية معكوسة)، و12 علامة استفهام، وسؤال (أمتيقن..) يتكون من 7 أحرف، والزاي في
الترتيب الابجدي يساوي (7)، ومجموع (2005)=7، وفي المقطع السابع ينبجس بعض مفتاح
الرماد: أمتيقن/ أن الذي يقرأ هذا الرماد/ سيمضي إلى أول الحريق؟
و(7) يوافق شهر
يوليوز، وعدد الاسئلة 12، ومجموع حروف (قصبة بني عمار)=12.
وقد انبثقت رمزية
الرماد في: ص: 20: تقول لي/أكتب/وأنشر جسدك رمادا، ص: 48: أنت هذا الربيع
الواقف/من رماد النسيان/دخان الوقت، ص: 59: الحزب/إمارة صغيرة/ شديدة الشبه
بالرماد، ص: 68: هل يحدث أن/ تتقمص دور خصم شره/خلف نافذة رمادية، والمجموع: خمسة
مواقع، بنفس عدد أحرف (زرهون) و(محمد) و(بلمو).
و(الرماد) نتيجة
احتراق مواد: وفي متن الديوان حقل دلالي يحيل على هذا الفعل: الجمر، يشعل، اشعل
نار كمدي، النيران (26 مرة)، نيران (34 مرة)، النار (62 مرة)، الحريق (74 مرة). ومن
هذا الفعل التفاعلي ينبجس الدخان، وللفظ حضور ثلاثي في الصفحات : 34، 44 و62،
إضافة إلى فعل يدخن ص 46.
إنه تحول أو موت بالمعنيين الحقيقي والمجازي
في انتظار ولادة جديدة أو انبعاث متجدد، وقد يعني الحياة من جديد، وفي ذلك يقول
أدونيس في قصيدته (البعث والرماد):
فينيق إذ يحضنك
اللهب أي قلم تمسكه/ والزغب الضائع كيف تهتدي لمثله/ وحينما يضمرك الرماد، اي عالم
تحسه(7)، وفي ذلك إحالة على اسطورة الفينيق الذي
إذا ما احترق واستحال رمادا تكونت من رماده شرنقة تنشق عن فينيق جديد. إن القرية -
بموجب هذا التصور- تعيش سقوطها وترديها واحتراقها في مدارات الهامش، مثلما تحترق
الذات الشاعرة، لكن منحى الانتصار للحياة بَيِّنٌ وجليٌ في رؤيا الشاعر.
"رماد
اليقين" والانشغال القَضوي
ألمحنا في موضع سابق إلى التفاعل الافتراضي
بين الذات والموضوع، وهو ما يرخص لنا في إمكانات ولوجية إلى كينونة هذا العمل
الشعري، نشاكس أوالياتها بدء من الدنو من أحوال الذات الشاعرة وتموضعاتها
وتطلعاتها في حالتي الاتصال والانفصال، ثم الاقتراب من المعاني الموضوعاتية القَضوية.
- الثابت في
تجربة الشاعر محمد بلمو، وما يحايثها من تفريعات قَضوية أخرى
يعلن المتن الشعري عن هواجس الذات الناطقة المكلومة بجراحاتها وأوجاعها
التي هي من جرح البلاد: ص:9: "غاب في جرحه/في ملاذه المتفاقم تحت
المسام"، ص:21: "جبل السهو في جرح البلاد"، ص:33:
"جروحي"، ص:72: "لتقبع في جرحك الجبلي".
ويمكن الكشف عن حالات هذه الذات في عدة
مواضع من الديوان على الاشكال التالية: الانكفاء القهري الانكساري، الذات
الملجأ/الملاذ الاضطراري، انفلاتات الحلم والإحباط المطرد، الرهان على الأمل
المعلق المؤجل، رفض الموت بالمعنى المجازي الرمزي، القلق: كهاجس ثابت، الذات بين
الوعي الواعي وسلطة الواقع، عفونة الواقع الساقط المتردي المتشظي، الشاعر
والكتابة، إشكالية الكتابة بين الانقطاع والانصياع، الكتابة والألم/الوجع، الكتابة
بين أمد الاتصال وإكراهات الانفصال، المداد والكتابة عن الوجع، الألم مداد وحبر
الكتابة، الكتابة والضغط الإكراهي، الرغبة بين الإقبال والإدبار، جدوى الكتابة،
حالة الإبداع عند الشاعر بين العقوق والانقياد، الكتابة والفقدان، الشاعر والعلاقة
الراهنية والارتهانية بالفضاء، قبول المكان ورفض الزمان، قلق السؤال من قلق الوضع
المتأرجحة وضعياته بين الشك وسراب اليقين.
- "رماد
اليقين" في عمق الفضاء الرمادي أو "معادلة الانعكاس التفاعلي"
يمكن رصد عدة استعارات إشارية تحيل على
مؤثثات المكان: فضاء وأوجاعا، والقرية لا تتشرنق في هذا الفضاء المنسي الضيق،
وإنما ترحب لتشمل كتلة زرهون، ثم الوطن بأتمه، عبر خطوط طوله وعرضه.
- المؤشرات
الظاهراتية: ص:9 "غاب فجأة في جبل القبور"، ص:9 "لعل العصافير تذكر
رقصاته ويكتب له الزيتون رسالة"، ص:11 "الزرنيج (نبتة شوكية طفيلية) وقد
اعتمده عنوانا للقصيدة الثانية: "سيشمت الزرنيج في الورد"، وفي باقي
الصفحات: الشوك، شجرة التوت، فلين، يسيح في الحقول الرطبة، جبل السهو في جرح
البلاد، العصافير، الاشجار، طاحونة زيتك، الروابي، الفراشات، الناي، صديق الحقول، الضفدع،
النملة، النزهة، الفيافي، الربيع، حماري الأشهب، رحاب التين، التل، جبل النسيان، قريتي،
الباب العتيق، البيوت القديمة، الاقحوان، السنابل، جلابيب، المنحدر، موطن الزهور والأعشاب، الغابة، أغصاني، أشجاري، الصبار،
الزيتون، الأبواب، الصفصافتان، الرمان، جنان، عنب، تين، عيون الفلاحين
الخائبين/المكدسين/على/حصير/مقهى قديم، الحمام، الحطب، كمان أبي، الزهرة، حشائش
الطريق، جبن طري، الغبار، الشجرة، بستان...
- مؤشرات دلالية
إحالية على مشاهد بانورامية متشظية، تتجرع سكرات التردي، وإن كانت في ذاكرة القرية
والشاعر، ولا تزال، وستبقى حية ترزق، تنتفض من رماد احتراقها، أملا في غد بديل،
يخرجها من سلة المهملات المنسيات ويعيد إليها بسماتها وإشعاعها الذي كان.
ومثلما يبسط بين يدي القارئ كتاب قريته
(قصبة بني عمار)، وما يمكن أن يقرأ فيه من تكالب أنواع المعاناة من نسيان وتهميش
وفقر وحرمان وقسوة المعيش اليومي، وانشراخات الزمان والمكان... تنفتح بعض قصائده على
بعض أشكال العيش في المدينة من خلال القبض على لحظات ولقطات مشهدية موجعة، كما
تؤشر مقاطع مستنبتة بإحكام على أحوال وحالات الوطن. وعموما، فإن القضايا عنده
تنوشم بصيغة فسيفسائية يمكن تتبع انبجاساتها وفق إشارات في الصفحات :21، 22، 26،
30، 34، 44، 50... وجميعها تمدد اهتمامها إلى الجرح الإنساني بالمعيار العام.
بناء
القصيدة/القصائد في "رماد اليقين"
يختصر الشاعر
رؤيته لبناء القصيدة في كون "الشعر والحرية توأمان لا يفترقان" ولا زال الشاعر - رغم مرور عقد ونيف - بنفس
القناعة والتصور في بناء القصيدة، وهو اختيار فني حضر عنده منذ "صوت
التراب"، مرورا ب "حماقات السلمون"، والشأن كذلك في "رماد
اليقين" بقصائده العشر التي تتأرجح بين الطول والقصر، أطولها نفسا قصيدة
"هل أنا الريح أيها المداد"، التي تمتد على حيز 13 صفحة: من ص:19، إلى
ص:31، ب 208 سطرا شعريا، بينما أقصرها نفسا قصيدة "حلم" ب(22 سطرا، ص:17
و18). بينما قصيدة "ورشات مرتبكة.. ضد الموت" تمتد أيضا على 13 صفحة،
لكنها مبنية بصيغة تشذيرية تتكون من 9 مقاطع معنونة من ص:37 إلى ص:49. وبنفس
الشاكلة البنائية - وعبر 18 صفحة من ص:50 إلى ص:67، بُنيت قصيدة "تعريفات
بدائية جدا"، على 43 شذرة /مقطعا معنونا، أطولها "الحب"، ص:57،
وأقصرها أربع شذرات هي "القناع" من كلمتين ص:54، "التطبيع" من
ثلاث كلمات ص:54، "الشجرة" من ثلاث كلمات ص:60، "الحصار" من
ثلاث كلمات ص:61.
إن مجموع قصائد
"رماد اليقين" تنصبغ بعدة خصائص فنية جمالية هي:
- فسيفسائية المعجم
الذي يتوزع بين الاجتماعي والسياسي والتضاريسي/الطبيعي والإبداعي.
- تشريح أوجاع
القرية وتشخيص وافتحاص آليات وميكانيزمات معيش واقعها ووقائعها.
- الانغراق في
مجرى القصيدة والاستغراق في هواجس أحشائها، ثناياها وطياتها، خطوط طولها وعرضها، وأجرأة
قراءات فاحصة في كتاب الموضوعة/القضية وتشربها وتمثلها قبل تمريرها إرساليات عبر
القصيدة.
- تفعيل روح
البداوة بكل حيثياتها، وتكسير حاجز الصمت، وديمومة الانشغال والاشتغال على نفس
الموضوعة.
- القصيدة وسيلة
للمقاربة وكشف المستور والفضح الإيجابي
- التفاعل
والتجاوب مع مختلف أشكال القضية، والتنصيص على الوضع الموجع للقرية بين سندان
الموت البطئ والاحتراق والحلم بولادة جديدة تعيد للحروف نقاطها وتموقعها في الموقع
الذي ينبغي أن تتموضع فيه.
- القصيدة منجز
تكميلي امتدادي للمواقف وأشكال النضال.
هذه بعض ملامح التجربة الشعرية عند محمد
بلمو في ديوان "رماد اليقين"، وهي تجربة تلتقي وتتقاطع مع العملين
الشعريين السابقين، لكنها بالتأكيد تؤسس لرؤية ورؤيا شعريتين مبصومة بميسم
"شعرية القرية"، عليها انوشمت بصمات شاعر، مثقف عضوي، مؤمن بأقصى درجات
الالتزام إزاء القضية/ القضايا، في بعدها المحلي، الجهوي، الوطني، العروبي،
والكوني الإنساني.
مكناس: 14-04-2014
إحالات وهوامش:
1- نحو تاريخ
قراءة النص الشعري المغربي الحديث، د.مصطفى الشاوي: ص: 113
2- نذكر هنا دور
الشاعر الأساسي في العمل الجمعوي بالقرية، كمسؤول باقدم جمعية ثقافية قروية
بالمغرب، ومؤسس ومدير لمهرجان بني عمار الذي نظم منه 11 دورة ونال شهرة عالمية.
3- (شعرية الضرير
في رماد اليقين لمحمد بلمو)، د. محمد الديهاجي، جريدة المساء، عدد: 2093، 17-06- 2013، ص:20، وبعدها نشرها في عدد من
المنابر من بينها جريدة القدس العربي، قبل أن يعيد نشرها في كتابه
النقدي"حداثة النص الشعري: قراءة في شعريات المضايق) الصادر في طبعته الأولى
سنة 2013، من ص:117 إلى ص:125.
4 - عبد الهادي التازي يكتب تقاطعات تاريخ قصبة بني
عمار، جريدة المساء، العدد 1916، يوم الخميس 22 نونبر 2012. ومعلوم أن قرية قصبة
بني عمار تقع على بعد 12 كلم شرق مدينة مولاي إدريس زرهون، و35 كلم عن مدينة
مكناس، و55 كلم غرب مدين فاس.
5 - "صوت
التراب" شعر محمد بلمو، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الرباط، 2000.
6 - نحو تاريخ
قراءة النص الشعري المغربي الحديث، د.مصطفى الشاوي: ص: 15-16.
21 ـ أدونيس:
الأعمال الشعرية الكاملة، المجلد الأول، دار العودة بيروت 1985، ص158.