ليس فقط لأن مقرات الحزب كانت بمثابة شهد النحل إبان حركة 20 فبراير، وليس فقط كون موقع الحزب ضمن الحركة شهدت به تقارير القوة الامبريالية الأكبر في العالم
(مؤسسة كارنيجي الأمريكية، أواخر 2011)، بل لأن المؤتمر السابق الذي نظم سنة 2012، أفرز أمينة عامة للحزب، اكتسبت دربة تواصلية عبر تنقلاتها المكوكية في مناطق المغرب، نتج عنه إشعاع غير مسبوق، منذ مسلسل التوحيد سنة 2002.
وبالتالي، الإشعاع الذي حققته فيدرالية اليسار والاشتراكي الموحد في صلبها، خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، توّج ديناميكية الحزب، من موقع المركز في حلقاته الثلاث: الأمينة العامة ومعها المكتب السياسي، لجنة التنظيم، المجلس الوطني. وكذا من مواقع بعض الفروع والمناطق التي أطلقت حركة تضامنية مع النضالات الاجتماعية العمالية والقطاعية.
ويشهد الرأي العام أن خطب وتصريحات الأمينة العامة وجدت الأذن الصاغية عبر الهيئات الإعلامية الالكترونية، بالضبط لأنها كانت بمثابة النبض والمحرار للحركات الاحتجاجية عبر المغرب في المركز والمناطق. كما عبرت عن مواقف الرأي العام الشعبي من كل التوجهات ذات الطابع الموسوم باستبداد الفساد المغلف بالبروبغندة الرسمية في قطب الاعلام العمومي.
وبعد استفحال المستنقع الحربي الذي أغرق امتدادات الربيع الديمقراطي في المشرق، وبعد صمود الحركة الديمقراطية التونسية وما نتج عنه في مجالات حقوق الإنسان والإصلاحات المؤسساتية، وبالنظر إلى روح التوافق بين القطبين الليبرالي والإسلامي التونسيين، حاولت الدولة هنا في المغرب مرافقة التطورات الخارجية عبر تكييف الوضع الداخلي بتدابير من مثلث بزوايا قمع الاحتجاجات وبهرجة المهرجانات ومركزة إعلامية حول جناحي النظام الليبرالي (البام) والأصولي المعتدل (البيجيدي). ودأبت الدولة على تشكيل رأي عام يجعل من الملكية التنفيذية الفاعل السياسي الوحيد، من حيث المشاريع الاقتصادية ومن حيث المبادرات الدبلوماسية.
بينما جمّدت اختصاصات رئاسة الحكومة المنصوص عليها في دستور 2011، بل وجُمّدَ الفصل 544، الذي من المفروض أن تسهم فيه الأطراف السياسية المدنية والأمنية والعسكرية والذي بموجبه يتشكل ويجتمع المجلس القومي للأمن ويصوغ من جملة ما يصوغ قواعد الحكامة الأمنية. بل انفردت الدولة بإعادة الصياغة القانونية لعمل المخابرات الأمنية واختصاصات المحاكم العسكرية.
وضمن الإحكام المُطـْبَق لدور القطب العمومي في تلميع واجهة زجاجية تخفي وراء أردية تضليلية، بقي دور القنوات المغربية تلميع صورة بعض النجوم، باسم المحللين الأكاذبيين/الأكاديميين, إلى أتت فجوة ضوء معزولة، برنامج 90 دقيقة للإقناع حيث كانت الأمينة العامة مقنعة تماما. النتيجة المباشرة للبرنامج تؤكد الحرص الشرس للدولة لبابه موصودا في وجه نبيلة منيب. ولربما حاولت الدولة أن تمارس خلط الأوراق بل وتضع نبيلة منيب في موقف المتردد الحائر بصدد قضية جيوستراتيجية عادلة: الأقاليم الجنوبية.
خلفية الحسم موجودة في رصيد الحركة الديمقراطية المغربية: مشاركة الحكيم عبد الرحيم بوعبيد في الحملة الدبلوماسية لاسترجاع الأقاليم الجنوبية في أوج الأزمة مع النظام (1974 الجابري: "في غمار السياسة") دفاعا عن المكوّن الترابي للدولة التي هي الإرث المشترك لكل المغاربة، لم يتردد المكتب السياسي في الموافقة على سفر الأمينة العامة إلى السويد في مهمة دبلوماسية يسارية للدفاع عن وحدة المغرب شعبا وحدودا جغرافية.
الموقف من الدستور ومن انتخابات 25 نوفمبر 20111 كان من التعقيد بالقياس مع اتفاقية بريست ليطوفسك في مارس 1918 في روسيا البلشفية، حيث وجد لينين نفسه أقلية الأقلية. اضطر ساعتها لتدشين العطب الأول في مسيرة الديمقراطية العمالية. بحيث حل الجمعية التأسيسية (المنتخبة قبل بضعة شهور)، وأقر دكتاتورية البلاشفة باسم الثورة، وهو ما فتح ثغرة للانشقاق في الجيش وبدأ معضلة الحرب الأهلية. كان محمد بنسعيد أصيلا عندما وجد نفسه أقلية مثل لينين (وكنت معه في الموقف). لكن بنسعيد بقي كما هو ديمقراطيا وفضل وحدة الحزب والارتباط العاطفي مع الجزء الكببير من حركة 20 فبراير. ولأن تخلف العدل والإحسان السياسي حجب عنها رؤية التكتيك المناسب، ولأن عدمية وأورثودكسية النهج الديمقراطي أضافت مسحة من الثوروية على موقف المقاطعة، فقد بدد الحزب ما راكمه ضمن 2011، ليخلو الجو لانتهازية من سطوا على نضال الشعب وسهّـل على من أخافهم حملُ رَحِم 2011 إجهاضه عندما خلا لهم الجو.
لا تَعْدُ مشاركةُ فيدرالية اليسار أن تكون الوجه المؤسساتي الإيجابي لنفس الامتداد الشعبي اليائس والذي يفضل أن يبقى خارج السياسة المؤسساتية بحيث يسهل على النظام التلاعب عبر تدبير الانتخابات وتفسيرها وتسويقها ما دام أفضل أنصارنا لا يتحملون حتى تعب التسجيل في اللوائح الانتخابية. فالمشاركون معنا في الحملة الأخيرة يكاد يكون ثلثاهُمْ غير مسجلين. نبقى دون عتبة الإدارة فلا نخطو داخلها لنتسجل، وفي يوم التصويت نجد أنفسنا دون العتبة المحددة في نظام الاقتراع.
فنحن بدورنا لا نحسن نقل الرصيد النضالي الذي نزرعه في حقل السياسة الاحتجاجية إلى بيدر السياسة المؤسساتية حيث يتجمع المحصول النهائي. يجب الحسم في هذا التناقض البنيوي. وإلا سنبقى نمارس السياسة بنفسية تراخي لامبن بروليتاريا (lumpen-prolétariat) ونحن نتوهم أن المقاطعة مؤشرا على حزم البروليتاريا. ثم ننسى أن القطاعات الهشة التي نوجد في حضنها الاجتماعي المأزوم اقتصاديا واجتماعيا لا تستطيع أن تدرك التكتيك المناسب سوى بالتثقيف الذاتي المضني عبر قراءة متعبة لتجارب الشعوب، وليس باستنساخ المواقف الجاهزة لتجارب أصبحت تحت المجهر.
ففي دفتر تحملات تحرر المرأة وضعت كلارا زتكين عشر مطالب وتحفظ لينين ساعتها على ثلاثة منها (المرأة والاشتراكية: جورج طرابيشي). لكننا نجد الغرب من حيث اتفاقية CEDAW) استنفد المطالب العشرة كلها (كلارا زتكين) وأصبحت تحفظات لينين الثلاثة من أوجه الفكر المحافظ في القضية النسائية اليوم.
وللحديث بقية
(مؤسسة كارنيجي الأمريكية، أواخر 2011)، بل لأن المؤتمر السابق الذي نظم سنة 2012، أفرز أمينة عامة للحزب، اكتسبت دربة تواصلية عبر تنقلاتها المكوكية في مناطق المغرب، نتج عنه إشعاع غير مسبوق، منذ مسلسل التوحيد سنة 2002.
وبالتالي، الإشعاع الذي حققته فيدرالية اليسار والاشتراكي الموحد في صلبها، خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، توّج ديناميكية الحزب، من موقع المركز في حلقاته الثلاث: الأمينة العامة ومعها المكتب السياسي، لجنة التنظيم، المجلس الوطني. وكذا من مواقع بعض الفروع والمناطق التي أطلقت حركة تضامنية مع النضالات الاجتماعية العمالية والقطاعية.
ويشهد الرأي العام أن خطب وتصريحات الأمينة العامة وجدت الأذن الصاغية عبر الهيئات الإعلامية الالكترونية، بالضبط لأنها كانت بمثابة النبض والمحرار للحركات الاحتجاجية عبر المغرب في المركز والمناطق. كما عبرت عن مواقف الرأي العام الشعبي من كل التوجهات ذات الطابع الموسوم باستبداد الفساد المغلف بالبروبغندة الرسمية في قطب الاعلام العمومي.
وبعد استفحال المستنقع الحربي الذي أغرق امتدادات الربيع الديمقراطي في المشرق، وبعد صمود الحركة الديمقراطية التونسية وما نتج عنه في مجالات حقوق الإنسان والإصلاحات المؤسساتية، وبالنظر إلى روح التوافق بين القطبين الليبرالي والإسلامي التونسيين، حاولت الدولة هنا في المغرب مرافقة التطورات الخارجية عبر تكييف الوضع الداخلي بتدابير من مثلث بزوايا قمع الاحتجاجات وبهرجة المهرجانات ومركزة إعلامية حول جناحي النظام الليبرالي (البام) والأصولي المعتدل (البيجيدي). ودأبت الدولة على تشكيل رأي عام يجعل من الملكية التنفيذية الفاعل السياسي الوحيد، من حيث المشاريع الاقتصادية ومن حيث المبادرات الدبلوماسية.
بينما جمّدت اختصاصات رئاسة الحكومة المنصوص عليها في دستور 2011، بل وجُمّدَ الفصل 544، الذي من المفروض أن تسهم فيه الأطراف السياسية المدنية والأمنية والعسكرية والذي بموجبه يتشكل ويجتمع المجلس القومي للأمن ويصوغ من جملة ما يصوغ قواعد الحكامة الأمنية. بل انفردت الدولة بإعادة الصياغة القانونية لعمل المخابرات الأمنية واختصاصات المحاكم العسكرية.
وضمن الإحكام المُطـْبَق لدور القطب العمومي في تلميع واجهة زجاجية تخفي وراء أردية تضليلية، بقي دور القنوات المغربية تلميع صورة بعض النجوم، باسم المحللين الأكاذبيين/الأكاديميين, إلى أتت فجوة ضوء معزولة، برنامج 90 دقيقة للإقناع حيث كانت الأمينة العامة مقنعة تماما. النتيجة المباشرة للبرنامج تؤكد الحرص الشرس للدولة لبابه موصودا في وجه نبيلة منيب. ولربما حاولت الدولة أن تمارس خلط الأوراق بل وتضع نبيلة منيب في موقف المتردد الحائر بصدد قضية جيوستراتيجية عادلة: الأقاليم الجنوبية.
خلفية الحسم موجودة في رصيد الحركة الديمقراطية المغربية: مشاركة الحكيم عبد الرحيم بوعبيد في الحملة الدبلوماسية لاسترجاع الأقاليم الجنوبية في أوج الأزمة مع النظام (1974 الجابري: "في غمار السياسة") دفاعا عن المكوّن الترابي للدولة التي هي الإرث المشترك لكل المغاربة، لم يتردد المكتب السياسي في الموافقة على سفر الأمينة العامة إلى السويد في مهمة دبلوماسية يسارية للدفاع عن وحدة المغرب شعبا وحدودا جغرافية.
الموقف من الدستور ومن انتخابات 25 نوفمبر 20111 كان من التعقيد بالقياس مع اتفاقية بريست ليطوفسك في مارس 1918 في روسيا البلشفية، حيث وجد لينين نفسه أقلية الأقلية. اضطر ساعتها لتدشين العطب الأول في مسيرة الديمقراطية العمالية. بحيث حل الجمعية التأسيسية (المنتخبة قبل بضعة شهور)، وأقر دكتاتورية البلاشفة باسم الثورة، وهو ما فتح ثغرة للانشقاق في الجيش وبدأ معضلة الحرب الأهلية. كان محمد بنسعيد أصيلا عندما وجد نفسه أقلية مثل لينين (وكنت معه في الموقف). لكن بنسعيد بقي كما هو ديمقراطيا وفضل وحدة الحزب والارتباط العاطفي مع الجزء الكببير من حركة 20 فبراير. ولأن تخلف العدل والإحسان السياسي حجب عنها رؤية التكتيك المناسب، ولأن عدمية وأورثودكسية النهج الديمقراطي أضافت مسحة من الثوروية على موقف المقاطعة، فقد بدد الحزب ما راكمه ضمن 2011، ليخلو الجو لانتهازية من سطوا على نضال الشعب وسهّـل على من أخافهم حملُ رَحِم 2011 إجهاضه عندما خلا لهم الجو.
لا تَعْدُ مشاركةُ فيدرالية اليسار أن تكون الوجه المؤسساتي الإيجابي لنفس الامتداد الشعبي اليائس والذي يفضل أن يبقى خارج السياسة المؤسساتية بحيث يسهل على النظام التلاعب عبر تدبير الانتخابات وتفسيرها وتسويقها ما دام أفضل أنصارنا لا يتحملون حتى تعب التسجيل في اللوائح الانتخابية. فالمشاركون معنا في الحملة الأخيرة يكاد يكون ثلثاهُمْ غير مسجلين. نبقى دون عتبة الإدارة فلا نخطو داخلها لنتسجل، وفي يوم التصويت نجد أنفسنا دون العتبة المحددة في نظام الاقتراع.
فنحن بدورنا لا نحسن نقل الرصيد النضالي الذي نزرعه في حقل السياسة الاحتجاجية إلى بيدر السياسة المؤسساتية حيث يتجمع المحصول النهائي. يجب الحسم في هذا التناقض البنيوي. وإلا سنبقى نمارس السياسة بنفسية تراخي لامبن بروليتاريا (lumpen-prolétariat) ونحن نتوهم أن المقاطعة مؤشرا على حزم البروليتاريا. ثم ننسى أن القطاعات الهشة التي نوجد في حضنها الاجتماعي المأزوم اقتصاديا واجتماعيا لا تستطيع أن تدرك التكتيك المناسب سوى بالتثقيف الذاتي المضني عبر قراءة متعبة لتجارب الشعوب، وليس باستنساخ المواقف الجاهزة لتجارب أصبحت تحت المجهر.
ففي دفتر تحملات تحرر المرأة وضعت كلارا زتكين عشر مطالب وتحفظ لينين ساعتها على ثلاثة منها (المرأة والاشتراكية: جورج طرابيشي). لكننا نجد الغرب من حيث اتفاقية CEDAW) استنفد المطالب العشرة كلها (كلارا زتكين) وأصبحت تحفظات لينين الثلاثة من أوجه الفكر المحافظ في القضية النسائية اليوم.
وللحديث بقية