-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

لا تحُدُّني السلاسلُ القَبَليَّة..! محمد بشكار

لو سألتَ أحدهم في بلادي التي قَطَعَتْ من لحمنا الحيِّ في كل شرائحه الإجتماعية، أسياخا كبيرة في مضمار الديمقراطية و حقوق الإنسان: مع من أنتَ؟. لأجابكَ دون
حاجة إلى أن يبتلع الريق ليأخذ مُهلة للتفكير، أو يتلفَّت يمينا و شمالا خوفا من آذان في الحيطان : لستُ مع هذا و لا مع ذاك، لست مع هؤلاء و لا أولئك، كل الألوان السياسية زائفة لا تستطيع التعبير بصدق عن لوني الذي هو لون الشعب، ولست عدميا لأقول إن الأصل في كل الألوان هو الأسود، الأسود يليق بالغربان فقط و لا يليق بالشعب الذي يعتبر حمامة سلام بيضاء في كل أحلامه التي ما زالت إلى اليوم لا تتحقق أو تُبيِّضُ إلا تحت الوسادة..!
لست شيوعيا و لا شيعيا و لا إخوانيا و لا سيخيا و لا بوذيا، أنا مع الله و كتبه المنزلة على رسله وملائكته و اليوم الآخر متى جاءت القيامة في كل الأديان، أنا مع الله منذ سمَّانا النبي إبراهيم المسلمين، و بما أنني لست خير خلفٍ لأنوء بكل هذا الإرث الثقيل الذي حطه على كاهلي السلف، فأنا أفضل أن أكون دون دعاية أو بوق مع الله في نفسي، هي الوحيدة التي تفهمني و أفهمها، نفسي وطني الذي لا يحُده شمالا أو جنوبا أو شرقا أو غربا أي جبل من السلاسل القبلية و من الأفكار الضيقة التي تضيق بالبلد على أيدي المُضاربين العقاريين، فما عدنا نجد فيه على سعة خلاءاته سكنا لا اجتماعيا و لا سياسيا
ولا اقتصاديا ولا ثقافيا، وهي الصفات التي قد تتوفر مجتمعة في شخص تشبَّع  حتى جُعنا بالأرواح السبعة للمجتمع المدني فأفرزته الإتتخابات من مجاري الوادي الحار للميكروفونات، ليتكلم باسم الشعب و هو في بر الأمان عذرا أقصد البرلمان و أنتم أعلم أنه لا عظم في اللسان..!
لست مع إينوي و لا اتصالات المغرب و لا ميدتيل في آخر صيحاتها التي تجعلك في أعين من تُهاتفته تكتسي لونا برتقاليا (أورونج) فلا تصلح إلا للقطاف أو العصير، أنا منْ أحبُّه أذهب إليه برِجْلي و لا يُقنعني أن أكلمه باتصالات من بعيد، قلبي هاتفي حين يرنُّ تسمع نبض الشارع..!
لو سألتَ أحدهم مع أي مذهب تذهب الشافعي أو المالكي أو الحنبلي، لخرج من الجَنْب و قال لك بيقين الصوفي الذي لا يضاهيه إيمانا إلا الحلاج، ما في الجُبَّة إلا الله، أحِبُّ الله و يحبني، و مازلت أتقرب إليه مجتهدا في إيماني عساهُ يصبح - تبعا للحديث القدسي- سمعي الذي أسمع به و بصري الذي أبصر به ويدي التي أبطش بها وقدمي التي أمشي بها، أذهب في كل المذاهب الدينية حيث يُذهبني الله، هو مذهبي الذي لا يزيغ عن الطريق المستقيم في كل دين التأم قرآنا بالإسلام..!
لست من جبل تدغين إلى جبال الأطلس ريفيا أو شلحا أو أمازيغيا، لست من طنجة إلى الكويرة عروبيا مُتحدِّرا من بني هلال و بني سليم، لست في كل شتاتي في العالم موريسكيا نازحا من أندلس، ربما نزح جدي الأول الأبيض أو الأسود أو الأصفر من إحدى القارات التي ما زالت في تحركها الجيولوجي لا تستقر على جغرافيا، و لأن السرير أعور و لا يعرف جنساً برحِمِه المفتوح على كل الأعراق، قد أكون نسلتٌ من حمضٍ ليس في قنبلته نوويا، ففي شكلي أحتمل كل الأجناس، لي من الآسيوي ضيق عينيه و من الأوروبي شقرة شعره و من الأفريقي لون عينيه البنيتين و من الأمريكي أو الأسترالي بياض بشرته و قامته الفارهة، أنا من تلتقي في جسده كل القارات، ولن تحتاج كي تسافر بينها لطائرة قد تصلُ أو تزِلُّ من جوها، يكفي أن تمُدَّ يدك ليدي كي تصافح كل القارات، دون أن أنسى و قد صرت تاريخا ثقيلا في مجلَّدٍ بشري، الفينيقين و الونداليين و الوطاسيين و البورغواطيين و القرطاجيين؛ فمن أكون في كل ما ذكرت و يجعل ذاكرتي تنطق بما لا يكفيه البحر مدادا كي أكتبه تاريخا في كلماتي؟. لست نازيا لأقول بنقاء دمي، بالله قولوا من أكون بكل ما أكتنفه من دماء موسوعية في عروقي حتى انتهيت إلى نسختي المزيدة و المنقحة في جلد المغربي..؟
(افتتاحية ملحق"العلم الثقافي" ليومه الخميس 25 ماي 2017)

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا