شكرا لجنوب إفريقيا التي قامت باحتجاز باخرة تحمل شحنة فوسفاط مغربي.
شكرا للبوليزاريو التي أخطرت قضاء بريتوريا ليحجز الباخرة ويحجز على شحنتها من المنتوج المغربي.
شكرا للجزائر التي حركت كل آلياتها لخنق المغرب اقتصاديا.
نعم، الشكر موصول لكل الذين خلخلوا القناعات الواهية التي اختلط عليها الأمر بالمغرب منذ عام 1991 إلى اليوم، إذ في كل مرة كنا ننبه إلى أن المغرب من جهة والبوليزاريو والجزائر من جهة ثانية، لم يوقفوا الحرب عام 1991، بل تم وقف إطلاق النار فقط بين الأطراف. أما الحرب فاتخذت عدة لبوس: حقوقية وديبلوماسية وإعلامية واقتصادية وقانونية.
وحدهم الساقطون ببلادنا الذين استكانوا إلى الفهم المبسط من كون المغرب قد طوى الصفحة لما أخرست الأسلحة بقرار أممي عام 1991، في حين أن الجزائر والبوليزاريو لم يتوقفا عن تسخير كل الوسائل لتركيع المغرب، بدليل الحرب الاقتصادية التي تم شنها على المغرب منذ سنة 2004 عبر استهداف كل المنتوجات المستخرجة من الأقاليم الجنوبية (سمك+ فوسفاط+ خضروات+ رمال وغيرها)، وهي الحرب التي استعانت فيها الجزائر والبوليزاريو بمكاتب استشارة قانونية دولية وبجمعيات "حقوقية" تغدق عليها شبكة تحالفات الجزائر المال الوفير (نموذج منظمة WSRW).
وفي الوقت الذي لم تتم تصفية تركة الخلاف القضائي بين المغرب والاتحاد الأوربي بشأن الاتفاق الفلاحي عقب الدعوى التي رفعتها البوليزاريو للطعن فيه بمبرر "استغلال ثروات الصحراء" ، هاهي المنتوجات المغربية الموجهة للأسواق الدولية أصبحت عرضة للاحتجاز من طرف حلفاء الجزائر، وآخر مثال هو احتجاز باخرة الفوسفاط المغربي حينما ولجت ميناء إليزابيت بجنوب إفريقيا للتزود بالوقود.
لن ندخل هنا في سجال حول تغافل طاقم الباخرة والمسؤولين المغاربة وعدم انتباههم إلى أن الباخرة لم تزود بالوقود من ميناء العيون (إذ جاءت للمغرب وخرجت من العيون دون أن تعيد ملء خزاناتها) ولن نتساءل عن عدم تدارك الموقف بالتوقف في موانئ دول صديقة للمغرب (الغابون مثلا للتزود بالوقود)، بل سنقف عند أخطر سؤال ألا وهو : لماذا لا يتوفر المغرب على أسطول بحري، وهو البلد الذي يتميز بوجود ساحلين بطول 3500 كيلومتر؟ لماذا لم يعمل المسؤولون المغاربة على تمكين المغرب من أسطول استراتيجي يضمن على الأقل تسويق وترويج المواد الأساسية التي نبيعها أو نقتنيها بكمية ضخمة؟
فهاهي الباخرة اليونانية محتجزة بميناء جنوب إفريقيا، في حين أن عداد الخسارات لا يتوقف، لأن مالك الباخرة (وهي للإشارة باخرة يونانية جديدة لعام 2015 ولا يوجد بها مشكل) لا تهمه مشاكل المغرب مع الجزائر وجنوب إفريقيا، إذ كل يوم من الاحتجاز يكلف المغرب 10 آلاف دولار أمريكي كتعويض لمالك الباخرة، هذا دون الحديث عن نيوزيلاندا التي لم تتوصل وحداتها الإنتاجية بالشحنة في الموعد المحدد، علما أن نيوزيلاندا هي أول بلد في تربية الماشية بالعالم، والمواشي تحتاج إلى أكل، والأكل يستخرج من علف، والعلف ينتج بفضل سماد الفوسفاط.
والأفظع أن المغرب غدا سيجد صعوبة في استئجار بواخر لنقل الفوسفاط. وحتى إن وجد بواخر، فإن تكلفة الشحن ستتضاعف بحكم أن شركات النقل ستشهر "سيف المخاطر" بدعوى أنها تحمل منتوجات مغربية معرضة للحجز من طرف خصوم البلاد.
فلو كانت للمغرب سفنه الخاصة لتم على الأقل تحجيم الخسارة وتطويقها، مثلا عبر إعادة شحن الكمية لإرسالها إلى نيوزيلندا أو إرسال الباخرة إلى جنوب إفريقيا لتفريغ الشحنة من السفينة المحتجزة في انتظار بت المحكمة في الملف.
إن مسألة تمكين المغرب من أسطول استراتيجي لا تمليه الاعتبارات التجارية فحسب، بل تمليه الدواعي السياسية والأمنية للمغرب. فحسب الاستشارة التي أجريناها مع الخبير في الموانئ وفي التجارة البحرية (المهندس نجيب الشرفاوي) فإن كلفة باخرة ذات جودة عالية (عمرها 10 سنوات ذات حمولة 30 ألف طن)، لا تتعدى 100 مليون دولار( حوالي 100 مليار سنتيم).
وإذا علمنا أن معظم موانئنا تتوفر على عمق 18 مترا (المحمدية والعيون مثلا) أو 166 مترا (الجرف الأصفر) فإن هذه النوعية من السفن (حمولة 30ألف إلى 60 ألف طن) تصلح للمغرب على أساس أن تحرص الدولة على توفير أسطول استراتيجي يضم البواخر التالية:
11) باخرتان لشحن الفوسفاط (واحدة في الذهاب والثانية في الإياب) علما أن لنا سوقا مهمة نوزع فيها الفوسفاط (الهند+ البرازيل+باكستان)، نيوزيلندا روسيا وغيرها من الدول)، إذ نصدر في السنة ما بقارب 8 ملايين طن، وهي كمية تجعل المراقب يسائل مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في عدم اقتنائه لسفن لكي لا يبقى المغرب رهينة بيد الخارج، خاصة وأن المبلغ زهيد.
2) باخرة لنقل الحامض الفوسفوري وهو أيضا سوق مهمة للمغرب، لأنه يصدر ما معدل 44 مليون طن سنويا.
3) باخرة لنقل السكر.
4) باخرة لنقل الشاي.
5) باخرة لنقل الحبوب.
وهذه البواخر الثلاث أساسية لأنها تهم منتوجات يستهلكها المغاربة بقوة وتدخل في باب "الأمن القومي" للمملكة.
6) باخرة لمواجهة طوارئ نقل مغاربة العالم، علما أن لنا 55 مليون مهاجر بالعالم يتعرضون لكل أنواع الإهانة و الاحتقار كلما حل الصيف ليعانقوا ذويهم بالمغرب.
انظروا إلى النرويج، التي لم تكتف بتملك أسطول استراتيجي فحسب، بل قامت بصياغة ميثاق CHARTE PARTIE)) ملزم للسفن (نرويجية وأجنبية) المكلفة بشحن منتوجات البلد بأن تحتكم للمحاكم النرويجية وليس لمحاكم لندن أو نيويورك في حالة وقوع نزاع.
خذوا مثال اليابان التي تستورد كل شيء من الخارج، لم تشذ هي الأخرى عن القاعدة وصاغت نموذجا للميثاقCHARTER PARTY)) يلزم كذلك السفن التي تنقل السلع لليابان بالاحتكام لمحاكم طوكيو وليس لمحاكم أجنبية.
فلنجعل من أزمة احتجاز الفوسفاط بجنوب إفريقيا محطة لتحصين منتوجات المغرب في محيطات وبحار العالم، ولتكن واقعة "بورت إليزابيت" ملهمة للسلطات العمومية لتسطير سياسة عمومية خاصة باقتناء أسطول استراتيجي. فمن العار أن نسترخص مصالح المغرب وملف الصحراء في 700 مليون دولار (700 مليار سنتيم) لشراء 7 بواخر تكون نواة لأسطولنا الاستراتيجي.
افتتاحية نشرتها بموقع "أنفاس بريس"
http://anfaspress.ma/
شكرا للبوليزاريو التي أخطرت قضاء بريتوريا ليحجز الباخرة ويحجز على شحنتها من المنتوج المغربي.
شكرا للجزائر التي حركت كل آلياتها لخنق المغرب اقتصاديا.
نعم، الشكر موصول لكل الذين خلخلوا القناعات الواهية التي اختلط عليها الأمر بالمغرب منذ عام 1991 إلى اليوم، إذ في كل مرة كنا ننبه إلى أن المغرب من جهة والبوليزاريو والجزائر من جهة ثانية، لم يوقفوا الحرب عام 1991، بل تم وقف إطلاق النار فقط بين الأطراف. أما الحرب فاتخذت عدة لبوس: حقوقية وديبلوماسية وإعلامية واقتصادية وقانونية.
وحدهم الساقطون ببلادنا الذين استكانوا إلى الفهم المبسط من كون المغرب قد طوى الصفحة لما أخرست الأسلحة بقرار أممي عام 1991، في حين أن الجزائر والبوليزاريو لم يتوقفا عن تسخير كل الوسائل لتركيع المغرب، بدليل الحرب الاقتصادية التي تم شنها على المغرب منذ سنة 2004 عبر استهداف كل المنتوجات المستخرجة من الأقاليم الجنوبية (سمك+ فوسفاط+ خضروات+ رمال وغيرها)، وهي الحرب التي استعانت فيها الجزائر والبوليزاريو بمكاتب استشارة قانونية دولية وبجمعيات "حقوقية" تغدق عليها شبكة تحالفات الجزائر المال الوفير (نموذج منظمة WSRW).
وفي الوقت الذي لم تتم تصفية تركة الخلاف القضائي بين المغرب والاتحاد الأوربي بشأن الاتفاق الفلاحي عقب الدعوى التي رفعتها البوليزاريو للطعن فيه بمبرر "استغلال ثروات الصحراء" ، هاهي المنتوجات المغربية الموجهة للأسواق الدولية أصبحت عرضة للاحتجاز من طرف حلفاء الجزائر، وآخر مثال هو احتجاز باخرة الفوسفاط المغربي حينما ولجت ميناء إليزابيت بجنوب إفريقيا للتزود بالوقود.
لن ندخل هنا في سجال حول تغافل طاقم الباخرة والمسؤولين المغاربة وعدم انتباههم إلى أن الباخرة لم تزود بالوقود من ميناء العيون (إذ جاءت للمغرب وخرجت من العيون دون أن تعيد ملء خزاناتها) ولن نتساءل عن عدم تدارك الموقف بالتوقف في موانئ دول صديقة للمغرب (الغابون مثلا للتزود بالوقود)، بل سنقف عند أخطر سؤال ألا وهو : لماذا لا يتوفر المغرب على أسطول بحري، وهو البلد الذي يتميز بوجود ساحلين بطول 3500 كيلومتر؟ لماذا لم يعمل المسؤولون المغاربة على تمكين المغرب من أسطول استراتيجي يضمن على الأقل تسويق وترويج المواد الأساسية التي نبيعها أو نقتنيها بكمية ضخمة؟
فهاهي الباخرة اليونانية محتجزة بميناء جنوب إفريقيا، في حين أن عداد الخسارات لا يتوقف، لأن مالك الباخرة (وهي للإشارة باخرة يونانية جديدة لعام 2015 ولا يوجد بها مشكل) لا تهمه مشاكل المغرب مع الجزائر وجنوب إفريقيا، إذ كل يوم من الاحتجاز يكلف المغرب 10 آلاف دولار أمريكي كتعويض لمالك الباخرة، هذا دون الحديث عن نيوزيلاندا التي لم تتوصل وحداتها الإنتاجية بالشحنة في الموعد المحدد، علما أن نيوزيلاندا هي أول بلد في تربية الماشية بالعالم، والمواشي تحتاج إلى أكل، والأكل يستخرج من علف، والعلف ينتج بفضل سماد الفوسفاط.
والأفظع أن المغرب غدا سيجد صعوبة في استئجار بواخر لنقل الفوسفاط. وحتى إن وجد بواخر، فإن تكلفة الشحن ستتضاعف بحكم أن شركات النقل ستشهر "سيف المخاطر" بدعوى أنها تحمل منتوجات مغربية معرضة للحجز من طرف خصوم البلاد.
فلو كانت للمغرب سفنه الخاصة لتم على الأقل تحجيم الخسارة وتطويقها، مثلا عبر إعادة شحن الكمية لإرسالها إلى نيوزيلندا أو إرسال الباخرة إلى جنوب إفريقيا لتفريغ الشحنة من السفينة المحتجزة في انتظار بت المحكمة في الملف.
إن مسألة تمكين المغرب من أسطول استراتيجي لا تمليه الاعتبارات التجارية فحسب، بل تمليه الدواعي السياسية والأمنية للمغرب. فحسب الاستشارة التي أجريناها مع الخبير في الموانئ وفي التجارة البحرية (المهندس نجيب الشرفاوي) فإن كلفة باخرة ذات جودة عالية (عمرها 10 سنوات ذات حمولة 30 ألف طن)، لا تتعدى 100 مليون دولار( حوالي 100 مليار سنتيم).
وإذا علمنا أن معظم موانئنا تتوفر على عمق 18 مترا (المحمدية والعيون مثلا) أو 166 مترا (الجرف الأصفر) فإن هذه النوعية من السفن (حمولة 30ألف إلى 60 ألف طن) تصلح للمغرب على أساس أن تحرص الدولة على توفير أسطول استراتيجي يضم البواخر التالية:
11) باخرتان لشحن الفوسفاط (واحدة في الذهاب والثانية في الإياب) علما أن لنا سوقا مهمة نوزع فيها الفوسفاط (الهند+ البرازيل+باكستان)، نيوزيلندا روسيا وغيرها من الدول)، إذ نصدر في السنة ما بقارب 8 ملايين طن، وهي كمية تجعل المراقب يسائل مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في عدم اقتنائه لسفن لكي لا يبقى المغرب رهينة بيد الخارج، خاصة وأن المبلغ زهيد.
2) باخرة لنقل الحامض الفوسفوري وهو أيضا سوق مهمة للمغرب، لأنه يصدر ما معدل 44 مليون طن سنويا.
3) باخرة لنقل السكر.
4) باخرة لنقل الشاي.
5) باخرة لنقل الحبوب.
وهذه البواخر الثلاث أساسية لأنها تهم منتوجات يستهلكها المغاربة بقوة وتدخل في باب "الأمن القومي" للمملكة.
6) باخرة لمواجهة طوارئ نقل مغاربة العالم، علما أن لنا 55 مليون مهاجر بالعالم يتعرضون لكل أنواع الإهانة و الاحتقار كلما حل الصيف ليعانقوا ذويهم بالمغرب.
انظروا إلى النرويج، التي لم تكتف بتملك أسطول استراتيجي فحسب، بل قامت بصياغة ميثاق CHARTE PARTIE)) ملزم للسفن (نرويجية وأجنبية) المكلفة بشحن منتوجات البلد بأن تحتكم للمحاكم النرويجية وليس لمحاكم لندن أو نيويورك في حالة وقوع نزاع.
خذوا مثال اليابان التي تستورد كل شيء من الخارج، لم تشذ هي الأخرى عن القاعدة وصاغت نموذجا للميثاقCHARTER PARTY)) يلزم كذلك السفن التي تنقل السلع لليابان بالاحتكام لمحاكم طوكيو وليس لمحاكم أجنبية.
فلنجعل من أزمة احتجاز الفوسفاط بجنوب إفريقيا محطة لتحصين منتوجات المغرب في محيطات وبحار العالم، ولتكن واقعة "بورت إليزابيت" ملهمة للسلطات العمومية لتسطير سياسة عمومية خاصة باقتناء أسطول استراتيجي. فمن العار أن نسترخص مصالح المغرب وملف الصحراء في 700 مليون دولار (700 مليار سنتيم) لشراء 7 بواخر تكون نواة لأسطولنا الاستراتيجي.
افتتاحية نشرتها بموقع "أنفاس بريس"
http://anfaspress.ma/