تتميز الخريطة الشعرية العربية في عصر
المماليك بكونها خريطة تجمع الشعراء المتعلمين الذين لهم نصيب وافر من العلم
والمعرفة،والشعراءَ الأميين الحِرَفيين الذين لا يقرؤون ولا يكتبون،ومع
ذلك زاحموا
المتعلمين في ميدان الشعر حتى كادوا كادوا يبزونهم فيه،ومن هؤلاء عين بصل.
وإنْ
تعجب فعجبٌ من هذا الحائك الأمي الشاعر
الفصيح المسمى إبراهيم بن علي بن خليل الحراني السُّدِّي ،والملقب بعين بصل
الحراني، فهو قد اشتهر وعرف بهذه الشهرة،وكان أُمياً حائكاً مطبوعاً لا يقرأ ولا
يكتب،لطيفَ النظم .عمَّر طويلا ،حيث أناف على الثمانين ولكنه كان فقيراً لا يجد ما
يكتسي به ويلبسه، فيترحَّم عليه بعض الناس من أصحاب الخير ويهبونه قماشاً ليلبسه،
وإذا أفلس باعه.
ورغم فقره فإن جمرة الشعر لم تخمد فيه ،فقد نظم أشعارا حسنة مقبولة يظهر فيها طبعه الذي هو على القريض مجبول.
وتبدو بداهته في الشعر وتمكنه من إنشاده ارتجالا قوية،وبخاصة عندما يُطلب منه ذلك، فقد رُوى أنه عندما نظر يوماً بعض أصحابه إلى امرأة برزت بصفحة بدر في حِندس، وغرست فوق خدها زهرة نرجس، سألوه أن ينظم في ذلك شعراً يُنفسَ به كرْب قلوبهم فقال بديهاً فيها:
غَرَسَتْ فِي الْخَدِّ نَرْجِسَةً فَحَكَتْ فِي أَحْسَنِ الصُّوَرِ
كَوْكَباً فِي الْجَوِّ مُّتَّقِداً قَدْ بَدَا فِي جَانِبِ اْلقَمَرِ
يقول قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان إنه قصده ذات يوم،واستنشده شيئاً من شعره فقال له: أما القديم فما يليق، وأما نظم الوقت الحاضر فنعم، وأنشده:
وَمَا كُلُّ وَقْتٍ فِيهِ يَسْمَحُ خَاطِرِي بِنَظْمِ قَرِيـــضٍ رَائِقِ اللَّفْـظِ وَالْـمَعْنَى
ورغم فقره فإن جمرة الشعر لم تخمد فيه ،فقد نظم أشعارا حسنة مقبولة يظهر فيها طبعه الذي هو على القريض مجبول.
وتبدو بداهته في الشعر وتمكنه من إنشاده ارتجالا قوية،وبخاصة عندما يُطلب منه ذلك، فقد رُوى أنه عندما نظر يوماً بعض أصحابه إلى امرأة برزت بصفحة بدر في حِندس، وغرست فوق خدها زهرة نرجس، سألوه أن ينظم في ذلك شعراً يُنفسَ به كرْب قلوبهم فقال بديهاً فيها:
غَرَسَتْ فِي الْخَدِّ نَرْجِسَةً فَحَكَتْ فِي أَحْسَنِ الصُّوَرِ
كَوْكَباً فِي الْجَوِّ مُّتَّقِداً قَدْ بَدَا فِي جَانِبِ اْلقَمَرِ
يقول قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان إنه قصده ذات يوم،واستنشده شيئاً من شعره فقال له: أما القديم فما يليق، وأما نظم الوقت الحاضر فنعم، وأنشده:
وَمَا كُلُّ وَقْتٍ فِيهِ يَسْمَحُ خَاطِرِي بِنَظْمِ قَرِيـــضٍ رَائِقِ اللَّفْـظِ وَالْـمَعْنَى
وَهَلْ
يَقْتَضِي الشَّرْعُ الشَّرِيفُ تَيَمُّماً بِتُرْبٍ وَهَذَا الْبَحْرُ يَا صَاحِبِي
مَعْنَا
ولم يزل في اكتسابه، وتعاطيه للشعر وانتسابه،
وتوكله على بِر الناس له واحتسابه، يخبط بين الحياكة والحكاية، وينقلب من الشكر
إلى الشكاية، إلى أن رقد فما انتبه، وعتب صاحبُه الموتَ فيه فما أعتبه إلى أن
تُوفي في رجب عام 709ه.
ومن سخرية الأقدار أن هذا الحائك الأمي الشاعر الفصيح كان لا يجد ما يستر به جسده لشدة فقره،فيَتفضل عليه بعض الناس بقَباءً(= ثوبٍ) لستر بدنه،ولكنه لا يلبث أن يبيعه.فيعيب عليه قوم ذلك ،فيرد عليهم بقوله:
وَقَاِئلٍ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ عَيْنُ بَصَلْ أَضْحَى يَبِيعُ قَبَا فِـي النَّاسِ بَعْدَ قَبَا
فَقُلْتُ: مَهْ يَا عَذُولِي كَمْ تُعَنِّفُنِي لَوْ جُعْتَ قُدْتَ وَلَوْ أَفْلَسْتَ بِعْتَ قَبَا
وقال في الشبكة والسمَك:
كَمْ كَبَسْنَا بَيْتاً لِكَيْ نُمْسِكَ السَّكْـ ـكَانَ مِنْهُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ
فَمَسَكْنَا السَّــكَّانَ وَانْهَزَمَ الْبْيـ ــتُ لَدَيْنَا خَوْفاً مِنَ الطَّاقَاتِ
وقال واصفا جمال حبيبه الذي أسقم جسمه،وهي من أرق قصائده:
جِسْمِي ِبسُقْمِ جُفُونِهِ قَدْ أَسْقَمَا رِيمٌ بِسَـــــهْمِ لِحَــــاظِـــــــهِ قَلْــــبِـــي رَمَى
كَالرُّمْحِ مُعْتَدِلُ الْقَوَامِ مُهَفْهَفٌ مُرُّ الْـــــجَفَـــــا.. لَــــــــكِنَّهُ حُـــلْـــوُ اللَّمَا
رَشَأٌ أَحَلَّ دَمِي الْحَرَامَ وَقَدْ رَأَى فِي شَرْعِهِ وَصْلِي الْحَلاَلَ مُــــــــحَرَّمَا
رَبُّ الْــــجَمَالِ بِوَصْلِهِ وَبِهَــــــجْرِهِ أَلْقَــى وَأَصْلَـــى جَـــنَّـــةً وَجَـــــــــهَنَّمَا
عَنْ وَرْدِ وَجْنَتِــــــهِ بِآسِ عِــــــذَارِهِ وَبِسَيْفِ نَرْجِسِ طَرْفِهِ السَّاجِي حَمَى
عَــــــــاتَبْتُهُ فَقَسَـا، وَفَيْتُ فَخَانَنِي قَـرَّبْــتُــهُ فَــنَــــأَى، بَـكَيْـــتُ تَبَسَّمَا
يَا ذَا الَّذِي فَاقَ الْغُصُونَ بِقَدِّهِ وَسَمَا بِطَلْعَتِهِ عَلَى قَمَرِ السَّمَا
ومن خمرياته المشرقة:
وَرُبَّ صَافِيَةٍ فِي الْكَأْسِ مُشْرِقَةٍ كَانَتْ وَمَا كَانَ فِي الْعَلْيَاءِ كِيوَانُ
رَاحٌ أَرَاحَتْ لِمَنْ حَلَّتْ بِرَاحَتِهِ رُوحاً لَهَا الْقَارُ وَالْفَخَّارُ جُثْمَانُ
صُبَّتْ لَنَا فَهْيَ مَاءٌ فِي زُجَاجَتِهَا وَأَشْرَقَتْ فَهْيَ فِي الْكَاسَاتِ نِيرَانُ
يَسْعَى لَهَا رَشَأٌ بِالسِّحْرِ مُكْتَحِلٌ حُلْوُ الدَّلَالِ لِجُنْدِ الْحُسْنِ سُلْطَانُ
عَذْبُ اللَّمَى نَاعِسُ الْأَجْفَانِ مُنْتَبِهٌ مُهَفْهَفُ الْقَدِّ صَاحٍ وَهْوَ نَشْوَانُ
كَأَنَّمَا وَجْهُهُ فِيهِ لِعَاشِقِهِ بُسْتَانٌ وَالْخَالُ فِي اْلبُسْتَانِ جَنَّانُ
ومن سخرية الأقدار أن هذا الحائك الأمي الشاعر الفصيح كان لا يجد ما يستر به جسده لشدة فقره،فيَتفضل عليه بعض الناس بقَباءً(= ثوبٍ) لستر بدنه،ولكنه لا يلبث أن يبيعه.فيعيب عليه قوم ذلك ،فيرد عليهم بقوله:
وَقَاِئلٍ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ عَيْنُ بَصَلْ أَضْحَى يَبِيعُ قَبَا فِـي النَّاسِ بَعْدَ قَبَا
فَقُلْتُ: مَهْ يَا عَذُولِي كَمْ تُعَنِّفُنِي لَوْ جُعْتَ قُدْتَ وَلَوْ أَفْلَسْتَ بِعْتَ قَبَا
وقال في الشبكة والسمَك:
كَمْ كَبَسْنَا بَيْتاً لِكَيْ نُمْسِكَ السَّكْـ ـكَانَ مِنْهُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ
فَمَسَكْنَا السَّــكَّانَ وَانْهَزَمَ الْبْيـ ــتُ لَدَيْنَا خَوْفاً مِنَ الطَّاقَاتِ
وقال واصفا جمال حبيبه الذي أسقم جسمه،وهي من أرق قصائده:
جِسْمِي ِبسُقْمِ جُفُونِهِ قَدْ أَسْقَمَا رِيمٌ بِسَـــــهْمِ لِحَــــاظِـــــــهِ قَلْــــبِـــي رَمَى
كَالرُّمْحِ مُعْتَدِلُ الْقَوَامِ مُهَفْهَفٌ مُرُّ الْـــــجَفَـــــا.. لَــــــــكِنَّهُ حُـــلْـــوُ اللَّمَا
رَشَأٌ أَحَلَّ دَمِي الْحَرَامَ وَقَدْ رَأَى فِي شَرْعِهِ وَصْلِي الْحَلاَلَ مُــــــــحَرَّمَا
رَبُّ الْــــجَمَالِ بِوَصْلِهِ وَبِهَــــــجْرِهِ أَلْقَــى وَأَصْلَـــى جَـــنَّـــةً وَجَـــــــــهَنَّمَا
عَنْ وَرْدِ وَجْنَتِــــــهِ بِآسِ عِــــــذَارِهِ وَبِسَيْفِ نَرْجِسِ طَرْفِهِ السَّاجِي حَمَى
عَــــــــاتَبْتُهُ فَقَسَـا، وَفَيْتُ فَخَانَنِي قَـرَّبْــتُــهُ فَــنَــــأَى، بَـكَيْـــتُ تَبَسَّمَا
يَا ذَا الَّذِي فَاقَ الْغُصُونَ بِقَدِّهِ وَسَمَا بِطَلْعَتِهِ عَلَى قَمَرِ السَّمَا
ومن خمرياته المشرقة:
وَرُبَّ صَافِيَةٍ فِي الْكَأْسِ مُشْرِقَةٍ كَانَتْ وَمَا كَانَ فِي الْعَلْيَاءِ كِيوَانُ
رَاحٌ أَرَاحَتْ لِمَنْ حَلَّتْ بِرَاحَتِهِ رُوحاً لَهَا الْقَارُ وَالْفَخَّارُ جُثْمَانُ
صُبَّتْ لَنَا فَهْيَ مَاءٌ فِي زُجَاجَتِهَا وَأَشْرَقَتْ فَهْيَ فِي الْكَاسَاتِ نِيرَانُ
يَسْعَى لَهَا رَشَأٌ بِالسِّحْرِ مُكْتَحِلٌ حُلْوُ الدَّلَالِ لِجُنْدِ الْحُسْنِ سُلْطَانُ
عَذْبُ اللَّمَى نَاعِسُ الْأَجْفَانِ مُنْتَبِهٌ مُهَفْهَفُ الْقَدِّ صَاحٍ وَهْوَ نَشْوَانُ
كَأَنَّمَا وَجْهُهُ فِيهِ لِعَاشِقِهِ بُسْتَانٌ وَالْخَالُ فِي اْلبُسْتَانِ جَنَّانُ
·