شهدت قاعة عبد الكريم غلاب بالمعرض الوطني للكتاب المستعمل، زوال يوم الأحد 15 أبريل 2018، لقاءً تضامنيا مع الجمعية البيضاوية للكتبيين التي تسهر منذ سنوات على تنظيم المعرض الوطني للكتاب المستعمل بالدار البيضاء، والذي أصبح واحدا من أشهر أسواق الكتب في العالم العربي. وشارك في اللقاء لجنة تمثيلية عن الجمعية البيضاوية الكتبيين، تضم رئيس الجمعية يوسف بورة، ونائبه عزيز ماجيلان، وأمين المال عبد الهادي رفقي، إضافة إلى محمد بونوار العضو بالجمعية نفسها، وكان من بين المشاركين أيضا نادي القلم المغربي ممثلا بمحمد محي الدين.
وقد استهل اللقاء بكلمة يوسف بورة الذي شكر كل من يدعم الكتاب والكتبيين، مبينا المغزى من اللقاء الذي يهدف إلى تسليط الضوء على واقعة الاستماع إلى بعض الكتبيين المشاركين في الدورة الحادية عشرة للمعرض بخصوص قرصنة مواد ثقافية، مؤكدا دعم الجمعية ووقوفها معهم ما لم يثبت أنهم مذنبون أو ارتكبوا أفعالا تقع تحت طائلة القانون..
الجمعية البيضاوية للكتبيين: ضرورة وضع ميثاق وطني للناشرين للالتزام باحترام التخصص وتجاوز العقلية التجارية المحضة
تلا السيد بورة البلاغ الصادر عن الجمعية البيضاوية للكتبيين، والذي طالبت من خلاله بفتح حوار وطني بين جميع المتدخلين في مجال نشر وتوزيع الكتاب، بهدف التدقيق والمراجعة في دور كل طرف ومعرفة آليات اشتغاله، وضرورة وضع ميثاق وطني للناشرين للالتزام باحترام التخصص وتجاوز العقلية التجارية المحضة، لأن للكتاب وضعا اعتباريا يكاد يختلف جذريا عن باقي السلع والخدمات، كما دعا كل من وزارتي الصناعة والتجارة والثقافة، والمؤسسة التشريعية في بلادنا للالتفات إلى هذا القطاع ومراجعة قوانينه بما يتلاءم مع واقع تداول الكتاب والمواد الثقافية بشكل عام، انسجاما مع النموذج التنموي العام الجديد الذي يسعى المغرب إلى ابتكاره.
وأشار البلاغ أيضا أن الكتبيين يشكلون الحلقة الأضعف في سلسلة صناعة الكتاب في المغرب، وأن أسباب ذلك كثيرة ومتنوعة، كما أكد على تطبيق القانون على من خالفه، دون اللجوء إلى أساليب الإشاعة وإقحام الجميع، موضحا أن من يلجأ إلى هذا النوع من الأساليب هم أعداء الكتاب وأعداء الثقافة والقراءة، الذين نزلوا بالمضلات المالية على مجال النشر والتوزيع بدون أية خلفية ثقافية، على حد تعبير البلاغ، وأن الناشرين الوطنيين كانت وما تزال لهم رسالة وطنية وإنسانية وثقافية مازالوا يقومون بها رغم أزمات الثقافة المتعدد الأبعاد، مبينا لمن يهمه الأمر، أن أغلب الكتبيين هم إما مستوردون للكتاب من الخارج، وبالتالي يمرون من جميع المساطر القانونية المعمول بها، أو يغتنمون فرصة المعرض الدولي للنشر والكتاب من أجل اقتناء سلعتهم في اليوم الأخير،من ناشرين أجانب، وأمام هذا الواقع لا يوجد أي سبب أو مسوغ لشن حرب القرصنة عليهم، وضرب ما تبقى لهم من هامش في سوق يستولي عليه بعض البارونات البعيدين أصلا عن أي هم ثقافي، كما أكد على رفض الكتبيين رفضا تاما للمنطق الأخطبوطي، وبأنهم سيستمرون في مهنتهم العريقة وفي دورهم الثقافي الوطني.
عبد الهادي رفيقي: دعوى القرصنة، محاربة لمعرض البسطاء
وكان ثاني المتدخلين عبد الهادي رفيقي الذي أكد أن الكتب المروجة في المعرض الوطني للكتاب المستعمل هي كتب تنتفي عنها صفة القرصنة تم اقتناؤها غالبا من المعرض الدولي للكتاب، ومن بعض دور النشر، وأن الكتبي يلعب دور الوسيط الذي يقنع بدراهم معدودة لا تساوي حتى مجهوده العضلي وعرق جبينه في نقل الكتب وتصفيفها في مكتبته، أو في معرض الكتاب. كما أحضر معه نماذج لبعض الكتب التي اقتناها من دور النشر بالمعرض الدولي الأخير للكتاب من دور نشر معروفة بأثمنة تصل أحيانا إلى ربع ثمنها المكتوب على ظهر الغلاف. وصرح أنه يبيعها بهامش ربح لا يتعدى في أحسن الأحوال خمسة دراهم. مؤكدا بأن هناك مجموعة من الأعداء يدعون بأن وجود كتب مقرصنة بداعي محاربة هذا المعرض الذي يرتاده عامة الشعب.
نادي القلم المغربي: المسروق والمقرصن هو الكاتب المغربي والقارئ وصناديق دعم الكتاب.
عبر المتدخل الثالث محمد محي الدين عن موقف الأدباء الذين يشاركون في المعرض ونادي القلم المغربي المدين للقرصنة باعتبارها فعلا وسرقة مشينة، معتبرا بأن المسروق في هذه الحالة هو الأديب والكاتب المغربي، والمسروق في الوقت نفسه هو القارئ والمتلقي لهذا الكتاب، ومؤكدا بأن السرقة الحقيقية هي التي تمارسها مجموعة من دور النشر في حق القارئ وحق المبدع.
وقدم المتدخل مجموعة من الأدلة القطعية التي توضح بالملموس تورط بعض دور النشر فيما أسماه القرصنة؛ ومنها المركز الثقافي العربي الذي أدين السنة الماضية بسرقة رواية الساعة الخامسة والعشرون للروائي الروماني قسطنطين جيورجيو، والتي ترجمها فائز كم نقش، حيث قامت بحذف اسم المترجم وغيرت بعض الكلمات في الترجمة، كما أشار المتدخل إلى واقعة أخرى مماثلة تورطت فيها نفس الدار حدثت قبل ثلاث سنوات، وصدر بخصوصها قرار أثبت قرصنته لرواية عالم صوفي لجوشتاين غاردر، إثر شكاية رفعتها ضده دار المنى السويدية، ... وغيرها من قضايا قرصنة بعض الناشرين الذين لا يحترمون المهنة ولا القارئ ولا القوانين تحركهم خلفية النهب والرغبة في الاغتناء السريع على حساب الآخر.
وقد تساءل محي الدين، كيف يتم دعم دور النشر الكبرى فيما يخص مبادرة وزارة الثقافة؟ ويتم استثناء الكاتب صاحب التأليف!
وهل هناك مراقبة للمال العام في مجال الدعم؟ إذ كيف يعقل أن يتم مثلا دعم كتاب من 160 صفحة، ورغم ذلك فإن القارئ يقتنيه بمبلغ يتجاوز 80.00 درهما؟
كما صرح بأنه يجب أن نقف وقفة رجل واحد لإدانة هذه السلوكات المشينة في حقنا قراءً ومبدعين، مؤكدا أن نادي القلم المغربي سيعمد بمعية بعض الشرفاء من الناشرين والكتاب والكتبيين... إلى فضح الكثير من سلوكات بعض المقرصنين لحقوق الآخرين، مما هو مثبت عندهم بالحجج والأدلة.
محمد بونوار: بعض مطابع حي الأحباس تهدف إلى احتكار الكتاب وتخطط لنسف معرض الكتاب المستعمل.
وكان رابع متدخل، الكتبي محمد بونوار الذي أكد بدوره على ضرورة محاربة القرصنة التي تسهر عليها مطابع كبرى بسوريا ولبنان ومصر، وتروج بضاعتها في المغرب بطرق قانونية مادامت هذه الكتب تدخل عبر الجمارك دون أن يتم مصادرتها،... مشيرا أن الكتبيين لا يملكون لا مطابع ولا دور نشر ولا حتى الآلات طباعة، ولا يتوفرون على آليات تمييز الكتاب المقرصن من غيره، وأن كل الكتبيين المشاركين في المعرض أناس بسطاء بعضهم أمي، كما لا يستفيدون من أي دعم. كما استنكر المتدخل سلوكات بعض المطابع ودور النشر المغربية الموجودة بحي الأحباس التي تهدف إلى احتكار الكتاب.
عزيز ماجيلان: مساندة الكتبي دعم للثقافة المغربية.
وكان آخر متدخل، الكتبي عزيز ماجيلان الذي صرح بأن تزامن المعرض مع العطلة الربيعية خلق انتعاشا للكتاب والكتبي، مما خلق إقبالا واسعا من لدن فئات واسعة رأت في المعرض فرصة لاقتناء الكتب بأثمنة زهيدة تتناسب وقدراتها الشرائية، وهو الأمر الذي أثار حنق بعض مكتبات حي الأحباس التي تظن أن معرض الكتاب المستعمل يستهدف زبائنها.
كتاب ونقاد وجمهور المعرض: مساندة الكتبيين ضمان لاستمرارية المعرض.
وعبر العديد من الأدباء والمثقفين والنقاد والطلبة ممن حضروا اللقاء عن مساندتهم وتضامنهم مع الكتبيين في مواجهتهم لحملات الوشاية التي تستهدفهم، مشيدين بالخدمات الجليلة التي يقدمونها للقارئ المغربي، خصوصا من التلاميذ والطلبة.