تُعاني السجون في العديد من دول العالم من مشكلات وازمات كثيرة، تفاقمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث تعاني اغلب السجون اليوم من الاكتظاظ الشديد في اعداد النُزلاء الذي يتجاوز طاقتها الاستيعابية القصوى. وهو ما أسهم في زيادة المشكلات الداخلية يضاف الى ذلك التأثيرات الصحية والنفسية على المساجين. تلك المشكلات والازمات وبحسب بعض المراقبين حولت بعض السجون في العالم إلى جحيم حقيقي لنزلائها وبدل أن تكون مؤسسات إصلاحية وتربوية، أصبحت مرتعاً للفساد والجريمة. وشهدت حالات عديدة من الإعتداء والقتل والاغتصاب للسجناء من قبل بعض العصابات المدعومة من قبل الحرس والمسؤولين. وفي هذا الشأن قال مسؤولون بولاية ساوث كارولاينا الأمريكية وخبير في أمن السجون إن سبعة نزلاء بأحد سجون الولاية قتلوا طعنا كما أصيب 17 آخرون في واقعة شغب دامت لثماني ساعات وتعد الأكثر دموية في الولايات المتحدة منذ عام 1993.
وقالت إدارة السجون في الولاية على تويتر إنه جرى تأمين (مؤسسة لي الإصلاحية) في مدينة بيشوبفيل التي تقع في ولاية ساوث كارولاينا على بعد نحو 64 كيلومترا شمال شرقي كولومبيا عاصمة الولاية، وانتشرت في ثلاثة مبان للسجناء. وقال ستيف مارتن وهو خبير في أمن السجون يعمل حاليا مراقبا اتحاديا بمجمع سجون رايكرز أيلاند الرئيسي في نيويورك إن الحادثة هي الأكثر دموية منذ عام 1993 عندما قتل تسعة سجناء وضابط في سجن أوهايو الجنوبي بمدينة لوكاسفيل. وقال لاري لوجان مسؤول الطب الشرعي في مقاطعة لي إن السجناء السبعة في ساوث كارولاينا قتلوا طعنا.
السجون الفرنسية
من جانب اخر قالت محققة فرنسية إن نزلاء السجون المكتظة في أنحاء البلاد على وشك التمرد بعدما أصبحت الظروف داخلها لا تطاق عقب إضراب الحراس عن العمل اعتراضا على الأجور وشكاوى أخرى. وجاء تحذير المحققة المستقلة أدلين هازان عقب محاولة باءت بالفشل لوزيرة العدل لتسوية الأزمة مع الحراس. وقالت هازان ”إن لم تنته الأزمة فورا فلا أعلم ما يمكن أن يحدث. الموقف متوتر للغاية...نحن على وشك حدوث انفجار“.
وكانت نقابات ووزارة العدل قالت في وقت سابق إن حراس السجون أنهوا إضرابهم عن العمل على مستوى البلاد بعد قبول اقتراحات الحكومة المتعلقة بعدد العاملين ومواجهة عنف السجناء الذي يقولون إنه يخرج عن السيطرة في سجون البلاد المكتظة. وشكل الإضراب تصعيدا في الاحتجاجات بعد أن رفضت نقابات مقترحا أوليا من الحكومة بتوظيف 100 حارس إضافي هذا العام وألف آخرين قبل نهاية ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون في عام 2022. بحسب فرانس برس.
وكان ماكرون تحت ضغط للتعامل مع أزمة العاملين بالسجون بعد وقوع عدة هجمات من سجناء على الحراس في الآونة الأخيرة. وتؤوي سجون فرنسا البالغ عددها 188 نحو 70 ألف مدان وهو أحد أكبر عدد للسجناء في القارة الأوروبية. وتواجه وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه اتهامات ببطء التعامل مع الأزمة وعدم الاستجابة لمشاعر الإحباط لدى حراس السجون لكنها دافعت عما وصفته بعرض سخي للحوافز وتحسين الأمن.
المكسيك والبرازيل
على صعيد متصل قال مسؤول أمني بولاية نويفو ليون في شمال المكسيك إن 13 شخصا على الأقل قتلوا في عراك بين عصابات متنافسة داخل أحد سجون الولاية وإنه تم إرسال قوات أمن لوقف العنف. وقال مسؤولون إن المعركة بدأت الليلة الماضية في سجن كاديريتا خارج مدينة مونتيري. وتجمع أهالي السجناء خارج السجن في انتظار أنباء عن ذويهم. وقال ألدو فاسي المتحدث باسم جهاز الأمن بولاية نويفو ليون إن احتجاجا للنزلاء خرج عن نطاق السيطرة، وقتل سجين واحتجز عدد من الحراس كرهائن.
وأضاف أنه تقرر إرسال قوات من الشرطة للسيطرة على الشغب لكنه تصاعد بسرعة بين حوالي 250 نزيلا. وتابع اتخذت قوات الأمن قرارا باستخدام القوة المميتة للحيلولة دون قتل الحراس وأيضا لوقف قتل السجناء“. وأضاف أنه لم يتضح عدد من لقوا مصرعهم في العراك وعدد من قتلته قوات الأمن، مشيرا إلى أن ثمانية أصيبوا بجروح بالغة. وسبق وأن أشعلت عصابات متنافسة متورطة في جرائم تهريب مخدرات وتهريب بشر وسرقة وقود واختطاف وابتزاز معارك دامية داخل سجون المكسيك المكتظة.
الى جانب ذلك قالت وسائل إعلام برازيلية إن تسعة سجناء قتلوا وأصيب 14 آخرون بينما هرب العشرات خلال أعمال شغب في أحد السجون في أحدث مثال على الصعوبات التي تواجهها البرازيل في السيطرة على سجونها سيئة السمعة. وقالت صحيفة أو استادو دي ساو باولو إن 106 سجناء تمكنوا من الهرب من السجن الكائن بمدينة جويانيا قرب العاصمة برازيليا. وألقت السلطات القبض على 27 منهم بينما لا يزال الباقون هاربين. وقالت وسائل إعلام إن أحد القتلى التسعة قُطع رأسه فيما يعيد إلى الأذهان ذكريات أعمال شغب بأحد السجون قبل نحو عام في منطقة الأمازون قتل فيها 56 شخصا قُطع رأس بعضهم وألقي من فوق أسوار السجن. بحسب رويترز.
ووقعت أعمال الشغب تلك، التي يرجع سببها الأساسي إلى العداء بين رجال العصابات، في بداية شهر يناير كانون الثاني الذي شهد أعمال عنف واسعة النطاق حيث قتل 130 سجينا في الأيام العشرين الأولى من العام 2017. وكثيرا ما تكون السجون البرازيلية، التي تعاني من العنف المزمن، مكتظة للغاية. وتصف جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان أوضاع السجون في البرازيل بأنها قاسية حيث الطعام نادر وكثيرا ما تكون الزنازين مزدحمة لدرجة أن السجناء لا يجدون مساحة للاستلقاء.
وتحتل البرازيل المرتبة الثالثة عالميا لناحية عدد السجناء مع 726 ألفا و712 سجينا كانوا مسجلين في حزيران/يونيو 2016 أي أكثر بمرتين من القدرة الاستيعابية الرسمية للسجون، وفقا لاحصاءات وزارة العدل. وبحسب منظمة "كونيكتاس" الحقوقية غير الحكومية فإن 75% من السجون البرازيلية خاضعة لسيطرة عصابات الجريمة المنظمة. ويبلغ معدل جرائم القتل 29,9 جريمة لكل مئة ألف نسمة، أي ما يقرب من ثلاث مرات أكثر من معدل 10 في المئة ألف الذي تصنفه الأمم المتحدة على أنه عتبة العنف المستوطن.
فنزويلا
في السياق ذاته أعلنت النيابة الفنزويلية مقتل 68 شخصا في "حريق" داخل المقر الرئيسي للشرطة في فالنسيا بشمال فنزويلا بينما قالت منظمة غير حكومية إنهم سقطوا جراء تمرّد لعشرات المعتقلين. وبسبب اكتظاظ السجون في فنزويلا، تضطر قوات حفظ النظام لاستخدام مركز الشرطة اماكن اعتقال لفترات طويلة، بينما لا يسمح القانون بتوقيف اي شخص لاكثر من 48 ساعة في هذه المواقع.
وقال النائب العام طارق وليام صعب على تويتر "في مواجهة الأحداث الرهيبة داخل المقر الرئيسي للشرطة في ولاية كارابوبو حيث أسفر حريق عن مقتل 68 شخصا، قمنا بتعيين أربعة مدعين (...) لجلاء حقيقة ما حدث". واضاف "بحسب العناصر الاولى من التحقيق، قتل 66 رجلا بالاضافة الى امرأتين كانتا تقومان بزيارة". ويظهر في تسجيل فيديو وضع على تويتر مئات الاشخاص المتجمعين امام مركز الشرطة وهم يطالبون بمعلومات عن اقربائهم، ونساء يبكين بينما تقوم الشرطة باطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم.
وقالت دورا بلانكو للصحف المحلية "انني ام يائسة، ابني موقوف هنا ولم يعطوني اي معلومات". وأكد النائب العام ان النيابة تريد ان "توضح بشكل فوري هذه الحوادث المؤلمة التي احزنت عشرات العائلات الفنزويلية وان تحدد المسؤوليات" في هذه المأساة.
وقبيل ذلك، أعلنت منظمة "نافذة على الحرية" غير الحكومية مقتل 78 شخصًا، معظمهم معتقلون خلال تمرد اندلع في زنزانات مركز الشرطة الرئيسي في فالنسيا عاصمة ولاية كارابوبو. وقال كارلوس نييتو مدير هذه المنظمة غير الحكومية التي تدافع عن حقوق السجناء، إنّ "بعضهم ماتوا احتراقا والبعض الاخر اختناقا". وتحدث هو ايضا عن مقتل "امرأتين كانتا تقومان بزيارة لسجناء" في المركز نفسه.
وعبر حاكم ولاية كارابوبو عن "استيائه" لكنه لم يعلق على عدد الضحايا. وكتب في تغريدة على تويتر ان "تحقيقا جديا وعميقا بدأ لتحديد اسباب هذه الحوادث المؤسفة والمسؤولين عنها"، مؤكدا تعاطفه مع اسر الضحايا. قالت المنظمة غير الحكومية ان المأساة حدثت عند محاولة فرار. واضافت ان السجناء اضرموا النار في فرش واستولوا على سلاح احد الحراس. وظهرت في صور التقطها اعضاء المنظمة جثة محترقة لرجل ورجال الاطفاء يتدخلون لاطفاء الحريق. بحسب فرانس برس.
وبعد العصيان حاول افراد عائلات عدد من الضحايا اقتحام مركز شرطة فالنسيا. وقالت المنظمة غير الحكومية ان موظفا اصيب بجروح ناجمة عن رشق بالحجارة خلال المواجهات.. وكتب صحافيون محليون على تويتر ان الوضع حول المركز يسوده التوتر، ونشروا لائحة باسماء عشرين شخصا لقوا حتفهم. وقال نييتو ان هذه المأساة "ليست حادثة معزولة" لان كل مراكز الاعتقال الفنزويلية "تشهد الشروط نفسها من اكتظاظ بالسجناء ونقص الغذاء واسوأ من ذلك". واشارت المنظمة غير الحكومية الى ان 62 معتقلا وشرطيين اثنين قتلوا في 2017 في حوادث وكذلك في امراض مرتبطة باوضاع السجون. واضافت ان السجون تستقبل اكثر من 400 بالمئة من طاقتها الحقيقية.
عن شبكة النبأ