-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

الضيافة المغربية، كوابيس غزاة الصيف والنفاق الاجتماعي - الدكتور جواد مبروكي


كثيراً ما ألاحظ في كل موسم صيفي تحركات عائلية كثيرة و استضافات إلزامية على العائلات وبطبيعة الحال تكثر مختلف الاحتكاكات والنزاعات.
و أخطر ما في الأمر هو أن أفراد العائلة ينزلون عندك بدون إعلان مسبق وبدون أن تعرف عدد الأشخاص وحتى دون إعلامك بعدد الأيام  أو الأسابيع التي سيمضونها عندك. وفي جل الأحيان تكون نزلات متتابعة من أفراد عائلة الزوجة وعائلة الزوج وربما تكون كل هذه النزلات دفعة واحدة في آن واحد. وترى العائلة المضيفة بالرغم عنها، تتحول الى فريق فندقي ومطعم مفتوح 24/24 بحيث تقضي كل وقتها في السوق لاقتناء متطلبات الضيوف بحيث أن الأم لا تفارق المطبخ ليلا و لا نهاراً، لتحضر وجبات الفطور والغذاء و"الكوطي" والعشاء. وترى الفرقة الفندقية تحضر أماكن النوم وتنظف المنزل لـيتحول الى مطبخ طوب شيف وفندق "أولْ أنْكْلوزيفْ".
ولا ننسى نوع خاص من الضيوف الغزاة "الفاكانْسْ أو صْحابْ الخارج" الذين ينزلون على العائلات الضحايا ولمدة طويلة معتبرين أن الكل مشتاق إلى رأيتهم وهؤلاء يعتبرون استقبالهم واجباً وشرفاً و منحةً للعائلة المُضيفة الضحية. وكم من عائلة كانت قد برمجت برامج عطلتها وحُرمت منها بسبب النزول الفجائي او الغزو المنزلي لأفراد العائلة الذين تغمرهم الفرحة لأنهم "دارو لِهُمْ مفاجئة" و هي بلا شك مفاجئة كابوسية في نظر أصحاب الدار الذين سيصبحون أسراء خدمة ضيوفهم غير المًنتظَرين.
فما هي أسباب هذه النزلات العائلية؟
1- غياب مفهوم الاحترام و الإعلام المسبق في الثقافة المغربية
المغربي أناني ولا يفكر إلا في نفسه و يسبق مصلحته على الكل و يتصور بأن عائلته في حاجة لرؤيته واستقباله في مواسم عطلته. ولكن في الواقع كل ما يسعى اليه هو "يْقْضي حاجْتو وْ مَشي شْغْلو فيكْ". بل لا يريد أن يقدر موقف العائلة الضحية وينزل عليها لقضاء عطلته و "يْفْوّْجْ عْلى قْلْبو" وبطبيعة الحال "يْنْكّْدْ عْلى العائلة المضيفة" و يفسد عليها أيام راحتها.
2- غياب النظام والبرمجة في الثقافة المغربية
قرار النزول على عائلة ما، يُأخذ بسرعة وبين الليلة وضحاها بدون أي برمجة مسبقة ولا أدنى استشارة مع العائلة الفندقية. وفي بعض الاحيان عند الوصول الى باب منزل العائلة الضحية تكون هذه الأخيرة مسافرة بدورها و "نازْلة عْلى شي عائلة أخرى"، فترى بقدرة قادر المسافرين  يغيرون الاتجاهات و الوجهات ليغزوا عائلة أخرى بدون أي اعلام مسبق.
3- عدم قدرة المغربي على مواجهة الصراحة
المغربي بحكم تكوينه و ثقافته ليس باستطاعته أن يقول "لا مَيْمْكْليشْ نْسْتْقْبْلْكومْ" في حالة إذا حصل اتصال هاتفي من طرف العائلة الغازية. كما لا يستطيع أن يقول للغزاة عند وصولهم "سْمْحو لينا راحْنا غَدي نْسافْرو غْدّا لقضاء عطلتنا الصيفية".
4- استغلال ضعف الشخصية المغربية
الكل يعرف أن المغربي لا يستطيع أن يغلق الباب في وجه الضيف الغازي ولهذا ترى المغاربة ينزل بعضهم على البعض بمنطق "مرة علي ومرة عليك"
5- استغلال النفاق المغربي "المغاربة كرماء"
ترى الغزاة ضيوفاً تغزو بيتك وأنت ليس لديك اي استعداد لاستقبالهم ولكن تجد نفسك مرغما على أن ترحب بهم و تقول لهم بوجه بشوش "نْهارْ كْبيرْ هذا وْ الله اِلا تْوْحّْشناكُمْ، مْرْحْبا بكم". ولكن الغزاة يدركون أن كل هذا هو بروتوكول النفاق وكأننا على خشبة مسرح نمثل جميعا بعضنا على بعض.
6- الاقتصاد المادي و 'البْروفيتاجْ"
إن المغربي من طبيعته يبحث كيف يحقق رغباته بأدنى ثمن ممكن و اقل تكلفة وخصوصا بالمجان. ونرى هذا التلاعب في حياته اليومية وحتى المهنية. ولهذا يفضل أن ينزل على العائلات الضحايا لقضاء عطلته بالمجان وبطبيعة الحال هو مدرك تماماً لمعاناة العائلة الضحية ولكن يكذب على نفسه وتسمعه يردد "مْساكينْ فْرْحو بِنا وْ مَقْصّْروشْ مْعنا". في حين تسمع العائلة الضحية تردد "يا لطيف شْحالْ بِهُمْ كَيَكْلو وْ يْنْعْسو وْ مَيْدْخْلّوشْ عْليكْ حْتى كِلو ديسِرْ".


عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا