لا حديث بين أرباب الأسر هذه الأيام إلا عن الدخول المدرسي ومتطلباته الباهظة بالنسبة للغالبية العظمى. كما أن وسائل الإعلام بمختلف تلاوينها ترصد وتنقل حجم ومظاهر معاناة أولياء التلاميذ
في ظل جشع المضاربين وانسحاب الدور التنظيمي والرقابي للدولة مما أفسح المجال أمام ناهبي جيوب المواطنين البسطاء الذين يصل الأمر بجزء كبير منهم إلى اللجوء للاستدانة أو بيع أمتعتهم من أجل توفير لوازم الدراسة للأبناء.
ووسط هذه الزوبعة التي تتكرر مع كل دخول مدرسي، فإن لا أحد يهتم بالحديث عن أحد أهم الفاعلين في الميدان . والمقصود هنا الكتبي (تاجر الكتب المستعملة) ، و حتى إن اهتم به أحد فإن ذلك يكون من باب الإخبار ليس إلا . فعلى طول السنوات الماضية لم نر جهة رسمية أو إعلامية تفتح باب النقاش أمام هذه الفئة من الكتبيين الذين يعملون في صمت، و في ظل نوع من التهميش لا يتناسبان مع دورهم الحيوي في توفير اللوازم المدرسية –وخصوصا المقررات – لفئات واسعة من التلاميذ والطلبة بأثمان تتناسب مع دخل أسرهم الفقيرة .
ورغم أننا لا نتوفر على أرقام محددة لنسبة المتمدرسين الذين يقتنون كتبهم من الكتبيين، إلا أننا نقدر تلك النسبة بـ 30% ، و إن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن للكتبيين دور مهم في المجتمع لا يتناسب مع التهميش الذي يطالهم وغياب أي مبادرة من أجل تشجيعهم أو حتى الإنصات إليهم . للاستفادة من خبرتهم في المجال .
إن الكتبيين يشتغلون في المدن الكبرى والصغرى والمتوسطة وحتى في أسواق القرى النائية، وبالتالي فإن ذلك يؤهلهم لاكتساب معرفة لا يستهان بها بخصوص معاناة المغاربة الفقراء مع الدخول المدرسي، وعليه فإنهم ينتظرون إشراكهم في حوار وطني يجمع كل المتدخلين في أفق إيجاد آليات ووسائل للتخفيف من معاناة الأسر، و أيضا من أجل مساعدة الكتبيين من أجل الاستمرار في أداء دورهم خدمة للتعليم و للمجتمع بشكل عام .