كان
سؤالي أمس الأول أو قبله بيوم عن أعداد الحجات التي أنجزتها "فنانات"
مصريات, وبهرتني تلك الأعداد وهي لعينة من "الفنانات" وكانت على الشاكلة
الآتية: فيفي عبده: 16 حجة، عفاف شعيب: 9 حجات، سهير
البابلي: 8 حجات، سهير رمزي:
7 حجات، يسرا: 5 حجات، صابرين: 5 حجات، نبيلة عبيد: 3 حجات. وبحسبة بسيطة لو تركنا
لكل واحدة من هؤلاء "الماجدات" الورعات حجة واحدة, فسنجد أن هناك 46 حجة
زيادة تم إنجازها.
والسؤال:
هل ركن الحج الذي هو أصلا فريضة على من استطاع إليه سبيلا, صار كبطارية الموبايل
التي بحاجة للشحن كي يدوم الاستعمال؟؟ ليت محاسبا كفؤا يستطيع أن يحسب المبالغ
المالية المهدرة جراء تكرار فريضة الحج للفنانات ولغيرهن؟
لم
لا تفكر الفنانات وغيرهن مثلا بتمويل إطعام من يبيتون جوعى ليالي كثيرة؟ لم لا
تفكر الفنانات وغيرهن بعلاج من لا يستطيع الاستشفاء في مشفى محترم؟ لم لا تفكر
الفنانات وغيرهن بشراء الدواء لمن تعالج أو لم يتعالج ولا يستطيع تأمين دوائه؟ لم
لا تفكر الفنانات وغيرهن بدفع أقساط طالب لا يستطيع الدراسة لضيق ذات اليد؟ لم لا
تفكر الفنانات وغيرهن بشراء ملابس لهذا الطفل العربي والمسلم مل أسماله البالية؟ لم
لا تفكر الفنانات وغيرهن بتمويل بناء مدارس وجامعات ومراكز بحث ومشافي؟ لم لا تفكر
الفنانات وغيرهن بإدخال البسمة على يتامى مات معيلهم؟ لم لا تفكر الفنانات وغيرهن
بتمويل غازٍ في سبيل الله؟ لم لا تفكر الفنانات وغيرهن بمشاريع منتجة تدر دخلا على
المجتمع العربي والمسلم تحرر المجتمع من ذل التبعية للدول المانحات؟ لم لا تفكر
الفنانات وغيرهن بالإنفاق على كل ما من شأنه رفعة الأمة العربية والإسلامية؟
والفنانات
وغيرهن الذين أعني هن وهم من دأبوا على تكرار الحج والعمرة مع ما يصاحب ذلك من
موبقات كالواسطات والرشوات والتحايل على القرعة والكوتة وحلف الأيمان الكاذبة وغير
ذلك من تصرفات تودي بالهدف السامي من الحج فما بني على باطل فهو باطل.
قد
يقول قائل إن ما ذكرته من أبواب الخير أعلاه لهو مسؤولية الدولة في المقام الأول. وهذا
منطق سليم, ولكن في ظل قصور الدولة طائعة أو مضطرة عن القيام بذلك بصبح القيام
بذلك أولى من الفريضة المكررة، ولا سيما أنها أصلا مفروضة على مستطيعها.
روي
عن عبد الله بن المبارك رحمه الله أنه ألغى حجه يوم تبرع بماله لجارة له تقوم على
يتاماها حينما شمت زوجه رائحة الشواء للحم عند أم اليتامى فقصدتها لتأخذ بعضا منه
فقالت لها "اللحم حلال لنا وحرام عليكم" ذاك أن اللحم كان لجيفة ميتة
وسمع بن المبارك بالأمر وقال "الحج باب بيتي وأنا أذهب لمكة؟"
وقيل
في القصة أن هاتفا صاح في الحجيج أنه غفر الله لهم بسبب ابن المبارك، وجاء رجل
يزوره ويعرف ما صنع حتى غفر الله للحجيج من أجله فقص عليه الأمر.
وبخصوص
العمرة فالأمر مشابه إلى حد بعيد، إلا أنها أقل كلفة، ومع ذلك لا داعي لتكرارها
تكرارا مثيرا للشبهة، فهي صارت (موضة) و(بزنسا) وشمة هوى بالمفهوم الدنيوي.
ومن
موبقات التكرار فتح الباب على مفاسد أشرت إليها أعلاه كالقرعة وما يشوبها من
واسطات نلمسها في كل البلاد الإسلامية تقريبا، إذ غدا الأمر محكوما بالمعارف
والواسطات والكوتات لدرجة أن المرء بات يشكك في كون معظم الحجات مبرورة وخالصة
لوجه الله والله تعالى أعلم بها وبأصحابها
والأصل
أن تتم الحجة حسب العمر الزمني، كأن تحدد سنة ما ويسمح لمواليدها أو من ولدوا
قبلها بالحج إن أرادوا وهكذا وفي كل عام ترفع السنة دون استثناء لأيما مسلم.
وبخصوص
بعثات الحج الرسمية فيجب الالتفات إليها وضبطها وعدم تكرار فاعليها وفي مقدمتهم
وزير الأوقاف وكبارالموظفين وأفراد البعثات والمرشدين ولنتذكر أن المرء يذهب للحج
ليعود نظيفا من الذنوب وليس بانيا حجه على باطل وأخذ حق غيره، الأمر الذي ساهم في
ارتفاع تكاليف الحج على نحو لا يدخل العقل ولا يستطيعه كثيرون. ولنتذكر أن نبينا وحبيبنا
وقدوتنا ومعلمنا وشفيعنا إن شاء الله محمد عليه السلام حج مرة واحدة.
وحج
مبرور لكل من كان حجه كذلك، وكل عام والمسلمون الطيبون وجميع الطيبين في العالم
بكل الخير.