وحدها الكلمة رائعة، نركض وراء “الجمال” نحن الفتيات والرجال أيضًا في كل الأزمنة والأعمار تنفيذًا وإعجابًا واقتناصًا. تبهرنا نماذج الحسناوات حول العالم ممن
هم عارضات “سر فيكتوريا ” أو الشبيهات لسكارليت جوهانسون وغيرها. في حقيقة الأمر أن هذا الشيء المحبب إلى نفوس وأرواح الغالب من الناس لا يتمتع أصحابه بالسعادة والإمكانيات الرفيعة التي يظن البقية من الناس أنها لديهم. فمن قريب توجد دراسات عديدة حاولت رصد كافة الأبعاد والاوجه للجمال، فبدءا بأبحاث تشير إلى مدى فائدة الجمال وتأثيره على الصحة النفسية وفائدته في تحقيق السعادة. وعلى العكس مما هو متعارف عليه، فلقد أشارت أستاذة الصحة النفسية (تريس فلانكورت) بجامعة ماكمساتر في محاولة لتسليط الضوء على الوجه الثاني للجمال إلى ان المرأة غالبًا لا تتساهل مع مثيلتها الجذابة، وتلجأ إلى طرق هجوم غير المباشر أو المباشر عليها لتنتقص من فرص تفوق زميلتها الجميلة عليها، أي أن العداوات المحتملة قائمة بين السيدة الجميلة وكثيرات من المحيطات بها سواء في مجال العمل أو الدراسة أو السكن.
الواقع مزعج.. لكنه حقيقي، ففي مجتمع عربي مستمر حتى الآن في جعل القيمة الأكبر للمرأة هي جسدها فهذا حتماً سيجعل من النساء الجميلات عدوّات لغيرهن من الدرجة الأولى.
وفي الواقع ومع تأمل الكثير من التجارب من حولنا نجد أنه ليس هناك أقسى على المرأة من المرأة نفسها – خاصة إذا كانت تتمتع بقدر من الجمال – فالنساء بارعات في تصيّد الهفوات والعيوب لبعضهن البعض.
هل جلست يوماً بين مجموعة من النساء وسمعت كيف ينتقدن أمراة مثلهن أستطاعت أن تعيش في سلام مع زوج يحبها، او غيرها تمكنت من تطوير مظهرها الخارجي بشكل ملحوظ، أو أخرى لم ترضخ لفكرة كونها سيدة بأجل – أي لها مدة صلاحية – تنتهي كأمراة بإنتهاء قدرة رحمها على حمل الأطفال؟!
وفي أحيان كثيرة قد تتحول الأزمة إلى معاناة شديدة تعايشها النساء، خاصة خلال تعاملها مع محيطها من الرجال أيضاً – على الجانب الآخر – فسنجد أن الجمال يعرضها لمتاعب عديدة بدءاً من جعلها محط انظار الكثيرين ممن حولها ووضعها في قالب “الأنثى ” لا الزميلة أو الموظفة أو الجارة او ما إلى ذلك، بل هي أنثى مثيرة قبل كل شيء!
وفي محاولة مختلفة للكشف عن الوجه الآخر للجمال قد جسدت السينما – المصرية والعالمية- معاناة النساء في المجتمع من حولهن بحيث تتحول البطلة الجميلة إلى سيدة دافعة لثمن جمالها – كراهية النساء ورغبات الرجال.
على سبيل المثال في الفيلم الإيطالي ” مالينا” جسّدت بطلته مونيكا بيلوتشي حالة السيدة الأرملة الجميلة التي تتعرض لأزمات كبرى لا لشيء سوى لجاذبيتها وجمالها. إلى أن يعود زوجها عقب أنتهاء الحرب العالمية الثانية في نهاية الفيلم بعد أكتشاف أنه لم يمت، ويقرر الحياة مع مالينا التي دفعت ثمن غيابه ووحدتها.. وقبلهم ثمن جمالها.
كذلك في النسخة المصرية من فيلم مالينا “حلاوة روح” السيدة في الحي الشعبي التي تحيا وسط كراهية مبررة من النساء حولها في حارتها وطمع من الرجال إلى أن ينتهي بها الحال إلى مصير قاتم أليم.
وارى في الفيلمين الممثلين للشرق والغرب وحال المراة فيما بينهما.. تصوير حقيقي لأزمة الجمال.. لذلك الهوس الذي قد يدفع فتايات كثيرات إلى منصة المعاناة أو التشويه والقبح بدلاً عنه في حال فشل عمليات التجميل أو عمليات نحت الجسد!
أحوال كثيرة تلحق بالنعمة نقمة، ويتسبب الجمال في معاناة.. بينما الأمر لا يتطلب منّا سوى بعض التفكير، والتأمل العميق في الأوجه المختلفة المخبأة للشيء، لا الظاهرة وحدها.