حذّرت مجموعة من الخبراء والناشطين في مجال حقوق المرأة من إمكان أن تؤدي أزمة تفشي الفيروس التاجي عودة قضايا المرأة وحقوقها عقوداً إلى الوراء، محدثةً
“تأثيراً مدمراً” على المساواة بين الجنسين في إطار العواقب البعيدة المدى للجائحة في المجالات الرئيسية للحياة والعمل.
وقال خبراء لصحيفة الغارديان البريطانية إن الأثر السلبي لوباء كورونا سيشمل اتساع الفجوة في الأجور بين الجنسين، وزيادة التمييز ضد الأمهات نتيجة تسريحهن أو إجبار الحوامل منهن على الخروج إلى العمل، وانتهاك حقوق رعاية الطفل، وزيادة العنف ضد المرأة.
ومنذ بداية تفشي الفيروس، تبيّن أن النساء يتحملن العبء الأكبر من رعاية الأطفال الإضافية والعمل المنزلي، عدا أنهن يفقدن الوظائف بأعداد أكبر من أعداد الرجال.
تراجع المساواة والحقوق المكتسبة
وقال سام سميثرز، الرئيس التنفيذي لجمعية فاوسيت الخيرية المعنية بالمساواة بين الجنسين في بريطانيا: “من وجهة نظري، فإن المساواة بين الجنسين في مكان العمل ستعود إلى الوراء لعقود بسبب هذه الأزمة إذا لم تتدخل الحكومات لتفاديها”.
وأضاف: “قد نكون بصدد وجود مكان عمل من مستويين عندما يعود الرجال (إلى العمل من المقار) وتبقى النساء في المنزل. لقد استغرقنا 20 عاماً للوصول إلى هذا الحد في ما يتعلق بمشاركة الإناث في القوى العاملة. لكن الأمر قد يستغرق شهوراً معدودة للانهيار”.
وكانت دراسة أجراها معهد الدراسات المالية ومعهد التعليم والتربية في جامعة لندن قد خَلُصت إلى أن الأمهات أكثر عرضةً لفقدان وظائفهن على نحو دائم بنسبة تصل إلى 47%، أو للاضطرار إلى إجازة بنسبة تبلغ نحو 14%. في الوقت نفسه، فإن قطاعي الضيافة والبيع بالتجزئة قد يكونان الأكثر تضرراً عقب الأزمة وكلاهما من المجالات التي تعمل فيها أعداد كبيرة من النساء.
في سياق متصل، قالت سارة ريس، رئيسة قسم البحوث والسياسات في مجموعة ميزانية النساء في المملكة المتحدة: “واجهت النساء هذه الأزمة من موقف الحرمان الاقتصادي، ونحن قلقون من أن التأثير على دخل المرأة وفرصها في العمل قد يؤدي إلى توسعة التفاوت القائمة بين الجنسين، أبرزها الفجوة في الأجور بين الذكور والإناث”.
وفيما يعتقد سميثرز أن التحول إلى “أنماط عمل مرنة” قد يلد مجالاً أكثر مساواة لبعض الآباء/الأمهات العاملين/العاملات، تشير نتائج إلى أن واحداً من كل 10 أشخاص من ذوي الدخل المنخفض قادر على العمل من المنزل. وبما أن 69 % من ذوي الدخل المنخفض هم نساء، لا يُعدّ هذا حلاً مناسباً للكثيرات.
المرأة في المنطقة العربية “أسوأ حالاً”
أما في العالم العربي، فالنساء لسن أحسن حالاً إذ تعاني الكثيرات منهم، منذ بداية الجائحة، وضعاً أكثر تعقيداً إذ تولّين مهمات مضاعفة لتفادي الآثار المدمرة للأزمة على مختلف الجوانب الصحية والمهنية والأسرية والنفسية والجسدية.
وفي نيسان/أبريل الماضي، حذرت دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (الإسكوا) ووكالات أممية من أنّ ظاهرة العنف المنزلي والتحديات الاجتماعية التي تواجهها النساء والفتيات في المنطقة العربية قد ازدادت سوءاً في ظل انتشار فيروس كورونا نتيجة الإغلاق الشامل والتعايش القسري.
وأوضحت الدراسة أن ارتفاع انعدام الأمن الغذائي كان أحد أسباب “تفاقم أزمة العنف الأسري وتضاؤل مناعة النساء والفتيات ضد الفيروس”، لأن توزيع الغذاء داخل الأسرة في أوقات الأزمات قد لا يكون منصفاً إذ تغدو النساء والفتيات أكثر عرضة لتقليل كمية الغذاء وجودته وتبني إستراتيجيات سلبية للتكيّف.
وفي ظل عمل النساء ممرضات وقابِلات قانونيات وموظفات دعم في مجال الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، فإن هذا يضاعف احتمال إصابتهن بالعدوى. علاوةً على ذلك، تضطلع النساء في الأسر العربية بتقديم الرعاية الصحية لبقية أفراد الأسرة، وهذا ما يرهقهن جسدياً ومعنوياً.
وتعد اللاجئات والنازحات والعاملات المهاجرات أكثر معاناةً في ظروف معيشية صعبة، منها سوء توفير المياه وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية، ومحدودية آليات الحماية الصحية.
بصيص أمل
برغم كل ما سبق، ترى الناشطة والكاتبة البريطانية هيلين بانكيرست، وهي منسقة مجموعة العمل المئوية لتحالف حقوق المرأة، أن المستقبل لم يكتب بعد، وأنه “في بعض الأحيان يمكن أن تكون هذه التحولات الضخمة إيجابية حقاً”.
وأضافت: “هناك خطر حقيقي متمثل في إمكان العودة إلى الوراء. لكن مع وجود ما يكفي من الأصوات الداعمة والمطالب الجماعية، يمكن أن تكون هناك إعادة ضبط ومعايرة. الأمل مهم جداً”.
وشدد الأمين العام لنقابة العمال البريطانيين، فرانسيس أوغرادي، على أن “النساء العاملات قُدن الحرب ضد الفيروس التاجي، لكن الملايين منهن عالقات في وظائف منخفضة الأجر وغير آمنة. نحن بحاجة إلى معرفة كيفية تقدير عمل المرأة ومكافأتها”.
http://musawasyr.org/?p=17801
“تأثيراً مدمراً” على المساواة بين الجنسين في إطار العواقب البعيدة المدى للجائحة في المجالات الرئيسية للحياة والعمل.
وقال خبراء لصحيفة الغارديان البريطانية إن الأثر السلبي لوباء كورونا سيشمل اتساع الفجوة في الأجور بين الجنسين، وزيادة التمييز ضد الأمهات نتيجة تسريحهن أو إجبار الحوامل منهن على الخروج إلى العمل، وانتهاك حقوق رعاية الطفل، وزيادة العنف ضد المرأة.
ومنذ بداية تفشي الفيروس، تبيّن أن النساء يتحملن العبء الأكبر من رعاية الأطفال الإضافية والعمل المنزلي، عدا أنهن يفقدن الوظائف بأعداد أكبر من أعداد الرجال.
تراجع المساواة والحقوق المكتسبة
وقال سام سميثرز، الرئيس التنفيذي لجمعية فاوسيت الخيرية المعنية بالمساواة بين الجنسين في بريطانيا: “من وجهة نظري، فإن المساواة بين الجنسين في مكان العمل ستعود إلى الوراء لعقود بسبب هذه الأزمة إذا لم تتدخل الحكومات لتفاديها”.
وأضاف: “قد نكون بصدد وجود مكان عمل من مستويين عندما يعود الرجال (إلى العمل من المقار) وتبقى النساء في المنزل. لقد استغرقنا 20 عاماً للوصول إلى هذا الحد في ما يتعلق بمشاركة الإناث في القوى العاملة. لكن الأمر قد يستغرق شهوراً معدودة للانهيار”.
وكانت دراسة أجراها معهد الدراسات المالية ومعهد التعليم والتربية في جامعة لندن قد خَلُصت إلى أن الأمهات أكثر عرضةً لفقدان وظائفهن على نحو دائم بنسبة تصل إلى 47%، أو للاضطرار إلى إجازة بنسبة تبلغ نحو 14%. في الوقت نفسه، فإن قطاعي الضيافة والبيع بالتجزئة قد يكونان الأكثر تضرراً عقب الأزمة وكلاهما من المجالات التي تعمل فيها أعداد كبيرة من النساء.
في سياق متصل، قالت سارة ريس، رئيسة قسم البحوث والسياسات في مجموعة ميزانية النساء في المملكة المتحدة: “واجهت النساء هذه الأزمة من موقف الحرمان الاقتصادي، ونحن قلقون من أن التأثير على دخل المرأة وفرصها في العمل قد يؤدي إلى توسعة التفاوت القائمة بين الجنسين، أبرزها الفجوة في الأجور بين الذكور والإناث”.
وفيما يعتقد سميثرز أن التحول إلى “أنماط عمل مرنة” قد يلد مجالاً أكثر مساواة لبعض الآباء/الأمهات العاملين/العاملات، تشير نتائج إلى أن واحداً من كل 10 أشخاص من ذوي الدخل المنخفض قادر على العمل من المنزل. وبما أن 69 % من ذوي الدخل المنخفض هم نساء، لا يُعدّ هذا حلاً مناسباً للكثيرات.
المرأة في المنطقة العربية “أسوأ حالاً”
أما في العالم العربي، فالنساء لسن أحسن حالاً إذ تعاني الكثيرات منهم، منذ بداية الجائحة، وضعاً أكثر تعقيداً إذ تولّين مهمات مضاعفة لتفادي الآثار المدمرة للأزمة على مختلف الجوانب الصحية والمهنية والأسرية والنفسية والجسدية.
وفي نيسان/أبريل الماضي، حذرت دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (الإسكوا) ووكالات أممية من أنّ ظاهرة العنف المنزلي والتحديات الاجتماعية التي تواجهها النساء والفتيات في المنطقة العربية قد ازدادت سوءاً في ظل انتشار فيروس كورونا نتيجة الإغلاق الشامل والتعايش القسري.
وأوضحت الدراسة أن ارتفاع انعدام الأمن الغذائي كان أحد أسباب “تفاقم أزمة العنف الأسري وتضاؤل مناعة النساء والفتيات ضد الفيروس”، لأن توزيع الغذاء داخل الأسرة في أوقات الأزمات قد لا يكون منصفاً إذ تغدو النساء والفتيات أكثر عرضة لتقليل كمية الغذاء وجودته وتبني إستراتيجيات سلبية للتكيّف.
وفي ظل عمل النساء ممرضات وقابِلات قانونيات وموظفات دعم في مجال الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، فإن هذا يضاعف احتمال إصابتهن بالعدوى. علاوةً على ذلك، تضطلع النساء في الأسر العربية بتقديم الرعاية الصحية لبقية أفراد الأسرة، وهذا ما يرهقهن جسدياً ومعنوياً.
وتعد اللاجئات والنازحات والعاملات المهاجرات أكثر معاناةً في ظروف معيشية صعبة، منها سوء توفير المياه وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية، ومحدودية آليات الحماية الصحية.
بصيص أمل
برغم كل ما سبق، ترى الناشطة والكاتبة البريطانية هيلين بانكيرست، وهي منسقة مجموعة العمل المئوية لتحالف حقوق المرأة، أن المستقبل لم يكتب بعد، وأنه “في بعض الأحيان يمكن أن تكون هذه التحولات الضخمة إيجابية حقاً”.
وأضافت: “هناك خطر حقيقي متمثل في إمكان العودة إلى الوراء. لكن مع وجود ما يكفي من الأصوات الداعمة والمطالب الجماعية، يمكن أن تكون هناك إعادة ضبط ومعايرة. الأمل مهم جداً”.
وشدد الأمين العام لنقابة العمال البريطانيين، فرانسيس أوغرادي، على أن “النساء العاملات قُدن الحرب ضد الفيروس التاجي، لكن الملايين منهن عالقات في وظائف منخفضة الأجر وغير آمنة. نحن بحاجة إلى معرفة كيفية تقدير عمل المرأة ومكافأتها”.
http://musawasyr.org/?p=17801