يجب إعادة بلورة مفهوم “المثقف “ووضع ضوابط وقوانين علمية دقيقة تضمن له أن يحمل الصفة
وتضمن للصفة أن تكون في الحفظ والأمان
وإذا تجاوز هذا الحامل للصفة قانونا أو بندا من تلك البنود المتفق عليها تسقط عنه الصفة مباشرة
ويحاسب بناء عليها …
عن ضوابط المثقف الأكاديمي أتحدث ..
نظرا لاختلاط الحابل بالنابل
وضياع عدة قضايا هامة وتشتت المجهودات وركود الساحة الثقافية العربية
إلى جانب تسلق الأعشاب الطفيلية الأسوار والتسلل إلى النوافذ المطلة على العالم الخارجي
والعمل على حجب كل المناظر الطبيعية الجميلة كالشمس والبحر والسماء …!!
أقول قولي هذا من أجل خير هذه الأمة. . وليس لي في الامر لا ناقة ولا قافلة محملة بالغنائم …!!
فقط في سبيل تحديد الاولويات ..وأولها أن يتحمل المثقف العربي المسؤولية كاملة
وأن يكف عن التقوقع المقيت والركض وراء مصلحته الذاتية واللهث وراء الجوائز والتفاخر بتلك الألقاب الباهتة التي تأتي من هنا وهناك وتطرح الف سؤال …..
والجوائز لا تصنع كاتبا كبيرا ..
والألقاب كما الجوائز لا تصنع كاتبا كبيرا. .
بل الكاتب الكبير هو الذي يعتذر لتلك الجوائز .. ويترفع عن تلك الألقاب. .
وأغلب الذين أشعلوا أقلامهم وأوقدوا أرواحهم وقدموها قربانا للإنسانية لم يأخذوا معهم شيئا ..بل تركوا مجدا لايعرف الأفول. .
لأن شعارهم هو الصدق والأمانة و الاخلاص لقيمهم ومبادئهم وحروفهم التي تخرج من صميم الصميم في سبيل الإنسانية …
ومن لم يعمل بهذه القاعدة سيذهب أدراج الرياح مهما كان حرفه عظيما ..
لأن” من عمل لبطنه عد من البهائم” ومن عمل لحرفه عد من الحكماء ..
وشتان بين هذا وذاك ..
ورحم الله ابن المقفع الذي بلور مفهوم المثقف بطريقة علمية دقيقة. ..
ومن أراد أن يعلم كيف ..فعليه بكتاب كليلة ودمنة
الذي يجب أن تجلس إليه وله وتنقطع عن كل الورى لشهور وشهور حتى تفهم خفايا الخطاب ..
ففي ظاهره لهو ومتعة وفي باطنه نظر وتحقيق ونقد يلدغ ..
وقد تجد نفسك في صورة من صور الحيوان الذي اشتغل عليه ..
وهذا مفهوم المصدر العظيم ..كتبه بفكر ثاقب..وعقل خصيب ..
كتبه ليكون صالحا لكل العصور. .
وهو من المصادر التي ترتقي أن تكون دستورا في الحياة …
وما أكثر المصادر الدساتير في تراثنا العربي الخالد ..
كرسالة الغفران واللزوميات ورسائل المعري
والبيان والتبيين وكتاب الحيوان ورسائل الجاحظ ..وديوان الشاعر الحكيم المتنبي والكثير الكثير. .
كل هؤلاء أنبياء لم يبعثوا..
ورائدهم المعري النبي الذي لم يبعث …………………!!
الناقدة سامية البحري