سعدي يوسف ثالث ثلاثة ممن أعطوا للشعر العربي في العصر الحديث دفَقا، ونقلوه من المحلية إلى العالمية، إلى جانب درويش وأدونيس، على اختلاف تجاربهم الإبداعية والفكرية. مسار سعدي، وتجربته يتميزان عن سابقَيه. يطفح شعره بثراء تاريخ عريق، من أرض أعطت للبشرية في ملحمة جلجاميش أحد أهم المراجع حول إشكالية الوجود والخلود ، وللعربية شاعرها المميز، المتنبي، وللحضارة الإسلامية هاماتها الكبيرة في ضروب المعرفة، وللغة العربية قواعدها، ما بين مدرسة الكوفة ومدرسة البصرة، و للفكر توهجه في مناظرات أهل النظر وأصحاب الأثر، بلا تكفير ولا تخوين. تعيش قرية الخصيب، حيث رأى سعدي النور، من أعمال البصرة، في وجدانه، إذ يلتقى النهران، كما تلتقى روافد عدة في تجربة سعدي. وتظل القضايا الوجودية الكبرى التي طرحتها ملحمة جلجاميش حاضرة في شعره، وشَمم المتنبي ساريا في نسغه، والتمرد غالبا على طبعه، كما لو أنه قرمطي قديم، في لبوس شيوعي حديث. لا يستهويه أي شيء في زمن غلبت فيه “الواقعية”، وانهارت الأحلام، فظل الشيوعيَ الأخير في زمن ترنحت فيه الشيوعية. انتكس الحلم العربي، ولم ينتكس إباؤه. كان حيث كان وهجُه، في الجزائر، في الستينيات، بسيدي بلعباس حيث عاش لست سنين، ثم عاد إلى باتنة لثلاث سنوات، وكان في بيروت مع الفدائيين أثناء الحصار. ينطلق من الإنسان، كي يكون العربي كونيا، ومن الكونية التي لا تزري بالثقافة العربية. ينفر من عناصر لم تتآلف كي تدخل حِمى الحداثة فبقيت نشازا. يثور لا عن قِلى، بل عن أسى.
سعدي يوسف ثالث ثلاثة ممن أعطوا للشعر العربي في العصر الحديث دفَقا، ونقلوه من المحلية إلى العالمية، إلى جانب درويش وأدونيس، على اختلاف تجاربهم الإبداعية والفكرية. مسار سعدي، وتجربته يتميزان عن سابقَيه. يطفح شعره بثراء تاريخ عريق، من أرض أعطت للبشرية في ملحمة جلجاميش أحد أهم المراجع حول إشكالية الوجود والخلود ، وللعربية شاعرها المميز، المتنبي، وللحضارة الإسلامية هاماتها الكبيرة في ضروب المعرفة، وللغة العربية قواعدها، ما بين مدرسة الكوفة ومدرسة البصرة، و للفكر توهجه في مناظرات أهل النظر وأصحاب الأثر، بلا تكفير ولا تخوين. تعيش قرية الخصيب، حيث رأى سعدي النور، من أعمال البصرة، في وجدانه، إذ يلتقى النهران، كما تلتقى روافد عدة في تجربة سعدي. وتظل القضايا الوجودية الكبرى التي طرحتها ملحمة جلجاميش حاضرة في شعره، وشَمم المتنبي ساريا في نسغه، والتمرد غالبا على طبعه، كما لو أنه قرمطي قديم، في لبوس شيوعي حديث. لا يستهويه أي شيء في زمن غلبت فيه “الواقعية”، وانهارت الأحلام، فظل الشيوعيَ الأخير في زمن ترنحت فيه الشيوعية. انتكس الحلم العربي، ولم ينتكس إباؤه. كان حيث كان وهجُه، في الجزائر، في الستينيات، بسيدي بلعباس حيث عاش لست سنين، ثم عاد إلى باتنة لثلاث سنوات، وكان في بيروت مع الفدائيين أثناء الحصار. ينطلق من الإنسان، كي يكون العربي كونيا، ومن الكونية التي لا تزري بالثقافة العربية. ينفر من عناصر لم تتآلف كي تدخل حِمى الحداثة فبقيت نشازا. يثور لا عن قِلى، بل عن أسى.