استثنت التصورات الغربية لمفهوم الفنّ الفنونَ البصرية العربية والإسلامية من مصطلحات "الفنون الجميلة" و"الفن الحديث" و"الفن المعاصر"، وغيرها من التسميات التي حاولت نفيَ صفةِ الإبداعِ عن تلك الفنون معتبرةً إياها مجرد فنون "تنميقٍ وتزيين"، وأطلقت عليها بالمقابل مصطلحات مثل "الفنّ الشعبيّ" و"الفن الحِرَفيّ" و"الفن التطبيقي"، وغيرها من التسميات التي تؤكد التمييز الثقافي، والثنائية الحادّة في الفكر الغربي الاستعماري، والتي حاول أن يفرضها ضمن تصوراته عن الشرق وضمن صياغته للعلاقة معه، كعلاقة استعمارية اشتملت على التمييز الاجتماعي والسياسي، والثقافي أيضًا. فكما انطوى الفكر الغربي على ثنائيات التمييز بين "أضداد ثقافية"، مثل الرجل الأبيض "المتحضّر" مقابل الشرقيّ "المتخلّف"، وضع كذلك تصنيفات للفنون على أساس أيديولوجيّ ثنائيّ ـ تقييميّ يميّز بين "الفنّ الهابط" و"الفنّ الراقي"، فالأول يمثّل "الفنّ المتحضّر" مقابل الثاني الذي يُعتبر "فنًّا بدائيًّا".
ذلك مدخلٌ ضروريٌّ للولوج في أعمال ساهر كعبي في اللوحة الخطّية العربية المعاصرة، ذلك أن أية قراءة معاصرة لمفهوم الفن وللأعمال الفنية العربية المعاصرة يجب أن تضع في اعتبارها ضرورة التعريف المستمر للمفاهيم والمصطلحات ونقدها وتفنيدها، من أجل عدم البقاء في أسر تبعيةٍ فكريةٍ لا تجادل فيما يُفرض من أُطر وتصنيفات للإبداع.


