-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

التعديل الحكومي بين تنبؤات الصحافة الفرنسية وتقاليد الدولة المغربية : عبد العالي عبد ربي

 


منذ أن تنبأت مجلة جون أفريك الفرنسية بتعديل وزاري قريب، حددت المستهدفين منه في كل من وزير العدل ووزير التعليم العالي المنتميان لحزب الأصالة والمعاصرة، أصبح الشغل الشاغل الوحيد الأوحد لوسائل الإعلام عندنا، بمختلف تلاوينها وأشكالها وانتماءاتها، مهللة بهذا الصيد الثمين الذي صادته صحافة ماما فرنسا. فأصبح هم المتدخلين والمحللين؛ وما أكثرهم، هو الكشف عن خبايا مزعومة في الخبر، والغوص في تفاصيله، وتفسيره وتأويله، وربما التنبؤ بمزيد من ضحايا هذا التعديل المنتظر. وأصبح الكل لا ينتظر سوى التوقيت الذي سيتم به تنزيله. بل منهم اعتمادا على ما تم نشره، وضع سيناريوهات باحتمال سقوط وجوه أخرى، والأنكى من ذلك في السيناريوهات التي تنبأت بدخول أطراف أخرى الحكومة لم تمنحها صناديق الاقتراع تلك الإمكانية.

وهكذا فقد ربط البعض التعديل بغضبة ملكية محتملة نزلت على رأس الوزيرين المستهدفين. وهو ما جعل معاول التنقيب والبحث تغوص في أعماق التاريخ البعيد للرجلين، متحدثة مرة عن تسريب تسجيل صوتي للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وزير العدل انتقص فيه من قيمة العدالة باحتمال معالجة قضايا بطرق غير تلك المتعارف عليها، كما لم يسلم زميله في الحزب من الإشارة إلى ملفات فساد محتملة سبق أن أثارتها بعض المنابر الإعلامية. لكن الغريب في كل هذا وذاك أن لا أحد من المحللين والمفسرين والمهللين والمتحدثين المفوهين تساءل عن صحة الخبر ومصداقيته، في وقته ردده الجميع على أنه الكلام الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، لم لا؟ والخبر نشرته صحافة ماما فرنسا، دون استحضار لا صيغته التي ورد عليها الخبر في المجلة المذكورة، ولا سوابق الصحافة الفرنسية في إخلافها الموعد في مناسبات مماثلة سابقة، ولا حتى الظرفية المطبوعة بتوتر العلاقات بعد إصرار فرنسا على رفض منح التأشيرات لعدد من المغاربة. هذه الأمور، وغيرها جعلنا نخرج ببعض الملاحظات، نجملها في الآتي:

-         غلب النقل على تناول الصحافة المغربية لهذا الخبر، وذلك بالاكتفاء بما أوردته المجلة من معطيات، دون التساؤل عن صحة ما تم نشره، علما أن من أهم مبادئ العمل الصحفي، التأكد بما وصل الإعلامي من أخبار من مصادرها الطبيعية، وهو أمر إن تم، كان سيغني الخبر بمعطيات لم يوردها المصدر الأول. ولعل ما يدفع إلى هذا الاتجاه، هو الصيغة التي أوردته المجلة الفرنسية من إغفال للإشارة لمصدر الخبر، والاكتفاء بالإشارة إلى "معلوماتنا" وهي صيغة أبعد ما تكون من المهنية، أو على الأقل، تدفع إلى الشك في صحة الخبر.

-         ومما يدفع إلى التشكيك في محتوى الخبر، ربطه باجتماع سري جمع رئيس الحكومة بمستشار الملك. فكيف نتحدث عن اجتماع سري سُربت نتائجه؟ فعن أية سرية تتحدث المجلة؟ إلا إذا كان الأمر يتعلق إما بضرب في مصداقية الرجلين وهما رجلي دولة يحترمان تقاليد التعاطي مع اللقاءات التي تُعقد بعيدا عن أعين الكاميرات، أو بضرب من تحت الحزام؟

-         التجربة أبانت أن مثل هذه القضايا المرتبط بالسيادة الوطنية، لا يتم الإخبار بها إلا عبر وسائل الإعلام الرسمية. فحين تجد غيابا تاما لخبر التعديل المحتمل في قصاصات وكالة المغرب العربي للأنباء، ولا في الإذاعة الوطنية ولا على شاشة الأولى، فلا يمكن التعامل مع الخبر على أنه صحيح. وقد يقول قائل إن وسائل الإعلام الرسمية تقدم الخبر بعد وقوعه، وأن باقي الوسائل اعتماد على وسائلها الخاصة وقربها من مطبخ القرارات يجعلها تتنبأ بالأمر قبل حدوثه، لهؤلاء نشير إلى سوابق نفس المجلة حين تنبأت بتعديلين في عهد حكومة بنكيران، ومن بعده العثماني، فأخلفت موعدها بتحقيق سبق صحفي، وذلك أنها لم تدرك أن "الدولة المغربية لها منطقها وتقاليدها في تدبير التعديلات الحكومية... التي ... قد يتم التراجع عنها حين يتوقع الإعلام حدوثها بالتفاصيل" كما أشار المحلل عمر الشرقاوي في تدوينة له..

            

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا