نعى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق الشاعر القدير ألفريد سمعان،الذي توفي يوم الثلاثاء 5 كانون/الثاني/ يناير 2021 في العاصمة الأردنية عمّان عن عمر ناهز 92 عاما، وقد جاء رحيله بعد مسيرة طويلة كان فيها أحد المساهمين في المشهد الشعري العراقي، إضافة إلى دوره النقابي في اتحاد أدباء وكتّاب العراق، حيث شغل منصب الأمين العام بعد عام 2003 لأكثرمن دورة انتخابية.
من جانبها نعته وزارة الثقافة العراقية بكلمة جاء فيها:“ كان الراحل شاعراً ومناضلاً ومثقفاً، عاش حقبةً مهمةً من تاريخ العراق كما تعرض إلى السجن بسبب مواقفه المبدئية”. سيرته تشير إلى أنه من مواليد مدينة الموصل 1928،نال شهادة البكالوريوس من كلية الحقوق 1961، وحصل على دبلوم عال في التخطيط من معهد الأمم المتحدة في دمشق سنة 1971. أما في ما يتعلق بنتاجه الشعري فقد أصدر أكثر من عشرين مجموعة شعرية، إضافة إلى مجاميع قصصية ومسرحيات، وفي عام 2016 أصدر آخر ديوان شعري حمل عنوان “لائحة اتهام” وكتاب آخر بعنوان “مع المسيرة الثورية.. الخطوات الأولى“.
والمتابع لمسيرته سيجد تلازما امتد لستة عقود ما بين نشاطه كشاعر ودوره كناشط في العمل السياسي ضمن صفوف الحزب الشيوعي العراقي، فكان بذلك شاهدا على فترة طويلة ومهمة من تاريخ العراق، بكل تعقيداتها وتوتراتها وما شهدته من أحداث عاصفة. سبق للكاتب والصحافي توفيق التميمي أن أصدر عام 2014 عن شركة الوفاق للطباعة الفنية المحدودة كتابا بعنوان “قارع النواقيس“، تناول فيه محطات من سيرة الشاعر ألفريد سمعان، حيث عدّحياته حالة خاصة في المشهد الثقافي العراقي، باعتباره قد تفاعل مع الحياة السياسية والأدبية في العراق لأكثر من ستة عقود وبشكل متواصل، وتضمن الكتاب حوارا مطولا كان قد أجراه معه التميمي على فترات متباعدة، وجاء على صيغة فصول بالعناوين الآتية: ما تبقى من طفولتي، البصرة أجمل المحطات وأروع الذكريات، المسار السياسي والحزبي.. والكتاب يرافق مسيرة الشاعر منذ ولادته في مدينة الموصل عام 1928، ومن ثم انتقاله للعيش في مدينة البصرة مع عائلته، وهو لم يزل طفلا صغيرا، مرورا بفترة دراسته هناك ومن ثم الانخراط في النشاط السياسي، والتعرف على عالم الكتابة الشعرية، والانتقالإلى بغداد حيث واجه تجربة الاعتقال ليكون أحد سجناء “قطار الموت” الشهير،حيث تم نقل 520 سجينا سياسيا في عدد من عربات القطار، بعد أن تم غلقها بإحكام في ساعة متأخرة من ليلة 3 على 4 من تموز/يوليو عام 1963 ولينطلقمن المحطة العالمية في بغداد متجها إلى سجن نكرة السلمان في بادية السماوة، فكانت رحلة معبأة بمشاعر الألم والرعب، امتدت لأكثر من عشر ساعات، إلا أن شجاعة سائق القطار عبد عباس المفرجي حالت دون أن يكون مصيرهم الموت اختناقا داخل العربات.
في السنين الأخيرة من حياته كان الراحل قد اختار الإقامة في عمان بعد رحلة دؤوبة ومثمرة في العمل الثقافي والنقابي، طيلة الأعوام الخمسة عشر التي أعقبت عام 2003 ، وفي العام الماضي 2020 شهدت حالته الصحية انتكاسة أقعدته طريح الفراش إلى أن غادر الحياة.
يذكر أن الشاعر بدر شاكر السياب كان قد كتب مقدمة لأولى مجموعاته الشعرية التي أصدرها عام 1952 قبل أن يتغير موقف السياب إلى الضد من الحركة الشيوعية التي ينتمي اليها سمعان، وليفترق الاثنان كل في طريقه الذي لايلتقي فيه مع الآخر.