في سياق الجدل الذي تعرفه الساحة التربوية والسياسية حول الإصلاح التعليمي عامة ولغة التدريس على وجه الخصوص، وفي خضم الحملة ضد اللغة العربية وما تحيل عليه من قيم المشترك الوطني عقديا وسياسيا وهوياتيا، أصدرت نخبة من العلماء والمثقفين والسياسيين والفاعلين الجمعويين "نداء من أجل اللغة العربية" يؤرخ لموقفهم الحضاري ويوجه إلى "أولي الأمر" ومدبري الشأن العام من أجل دق ناقوس الخطر بما يهدد مستقبل المدرسة المغربية والوجود الوطني حين تمس العربية. شهادة للتاريخ، وإدانة للمسؤولين عن التعليم.
فالمبادرة هي استكمال لمسار طويل من النضال من أجل التمكين للغة العربية التي رأى فيها المغاربة، طيلة وجودهم، عنصرا موحدا ومؤسسا لانتمائهم الحضاري ولعمقهم الاستراتيجي. فقد دشن مسار النضال مع الحركة الوطنية، التي آمنت أن التحرر من ربقة الاستعمار لا يمكن أن يتحقق دون تحرر لغوي وهوياتي عماده لغة الضاد، وبتعبير المختار السوسي: "وليت شعري لماذا كنا نحرص على الاستقلال إن لم تكن أهدافنا المحافظة على مثلنا العليا المجموعة في أسس ديننا الحنيف والمحافظة على هذه اللغة التي استمات المغاربة كلهم عربهم وبربرهم في جعلها هي اللغة الوحيدة في البلاد؟"، وتمثلته النخبة المغربية في محطات متنوعة من خلال بيانات ونداءات موجهة لأصحاب القرار من أجل التأكيد على جوهرية العربية في الانتماء الوطني والوحدة المجتمعية من نحو: البيان التاريخي لـ 23 مايو 1970، حول سياسة التعليم والغزو اللغوي والاستعماري للمغرب، ومخطط19 دجنبر 2013 حول إصلاح منظومة التربية والتعليم، و"بيان اللسان".... والقائمة طويلة. لذا كانت المبادرة التي وقعت عليها نخبة المجتمع المغربي بكل أطيافه السياسية والإيديولوجية والحزبية والأكاديمية حلقة من حلقات الممانعة التي تقودها الرموز الوطنية. وهي كذلك تنبيه من الموقعين إلى خطورة المشاريع التي تستهدف العربية والتي لا تتوقف عندها باعتبارها آلية تواصلية، بل هي مقدمة لخلخلة كل الثوابت المؤسسة للدولة المغربية لغة وعقيدة وسياسة. وهذا يبدو في محاولة فرض أنماط قيمية مغايرة بواسطة الفن والإعلام وخلخلة الوحدة السياسية والعقدية للمغرب، في نفس الوقت الذي تشتد الحرب على العربية ووجودها ودورها. الذات واحدة والخصم واحد. فكان النداء نصيحة وتنبيها لأصحاب القرار بخطورة الموضوع.
كما أن المبادرة مساءلة لواقع التعليم المغربي الذي يترنح منذ عقود في اختلالات متتالية وصلت بالمدرسة الوطنية إلى دركات من التهميش والفشل من الإبداع. لكن وبدل أن يهتم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بسبل تنزيل أسلم لمقتضيات النص الدستوري، تفننت أطره في الالتفاف وخرق بنوده بدعوى الانفتاح على اللغات الكونية.
ولذلك نقولها بالصدح اللازم: ان أي تقرير لا يحترم الدستور وراي المغاربة لا يمثل الا واضعيه. انتهى الكلام.
آخر تعديل على الخميس, 28 أيار 2015 14:23