الشاعر مالارمي
العظيم إدريس كثير
إلى
الشاعر محمد بنطلحة
ü استهلال: « كل ما يوجد في الكون هو نتيجة الصدفة والضرورة ».
ديمقريطس.
« رمية
نـرد أبـدا لــن تبطــل الزهـر ».
مالارمي.
********************
-شعرية ستيفان
مالارمي*( 1842/1898 ):
يمكن قراءة قصيدة مالارمي " رمية نرد أبدا لن تبطل
الزهر " إلى ما لا نهاية.وفي كل قراءة تتكون للقارئ أفكار جديدة. ذلك أن
"كل فكرة هي رمية نرد" (ص 187 القصيدة)، هي حظ جديد وصدفة جديدة.
كما أن اللانهائي يخرج من الصدفة، رغم كل محاولات
نكرانها (ص 145 القصيدة) ترى رمية النرد هذه ضرورة أم صدفة ؟
* إذا كانت ضرورية فهي لا تبطل الصدفة أبدا.
* وإذا كانت صدفة فهي لا تبطل الضرورة أبدا.
الشاعر المغربي محمد بنطلحة
ü
القصيدة هذه نُشرت لأول مرة في مجلة "cosmopolis" سنة 1897، ثم أُعيد نشرها
بمجلة "la nouvelle revue française" سنة 1914، وهي من قصائد
الشعر الحر أو من قصائد النثر. وكانت لها ريادة السبق فيما بات يعرف بالقصائد
التيبوغرافية (الطباعية...). وعرفت صياغات عدة كصيغة (Ptyx, Michel
Pierson)
ووضعت في ألواح الألمنيوم من طرف (Marcel Broodthaers)
سنة 1969 بأنفيرس. كما اشتغل هو نفسه على تهيئ نسخة فاخرة كان من المفروض أن تكتب
على ألواح حجرية لـ Odilon Redon ؟ لو لم يفاجئه الموت.(هي الطريقة
نفسها التي اعتمدها محمد بنيس في ترجمته العربية)
يُمكن اعتبار القصيدة وصية أدبية / فلسفية. كما تؤكد على
ذلك السيدة صونيا أسّا (Sonia Assa) *، وصية جديدة لا تلخص عمل الشاعر
وتكثفه. أو الأصح يمكنُ اعتبارها انطلاقة جدية.
أول مستمع
للقصيدة كان بول فاليري (P. Valéry)، حين قال " لقد قرأها عليّ
بصوت خفيظ وكأنه يقرأ لذاته.. ثم بسطها أمامي حتى أرى كتابتها وتصفيف أبياتها".
أول من شَرحَ وعلَق وأَوضح مبتغى القصيدة هو ما لا رمي
نفسه، حيث ركّز في رسالته إلى أندري جيد على الصفة الطباعية (idéographie)
لها. معتبرا إياها كمجموعة ثُريات، منها الأعلى والأسفل، جُملها نجوم تحدّها
الورقة وتحكمها قوانين مضبوطة... وأضاف مفهوم الإيقاع والحركة وإيقاف النفس
واستئنافه ببياض الورقة وبأفضيتها المتعددة وبهامشية الكلمة في الصفحة الواحدة أو
بتمركزها وتعددها في جزء صغير من الصفحة...
في مقدمته
للقصيدة* يطلب مارمي من القارئ أن يتجاوز
المقدمة أو أن ينساها بعد قراءتها، لأنها لا تُضيف شيئاً يذكر لحصافته، لكنها
يُمكن أن تبلبل الساذج الذي لا ينتبه لتصفيفها ولصمت بياضها ولا لمقاماتها القريبة
من الخيط الناظم الخفي للمعنى أو البعيدة منه. إن أهمية تصفيف الكلمات إذا جاز
التعبير أوإيقاف حركة القصيدة أو الزيادة فيها، تجعل الورقة وزنا من أوزان الشعر.
وبهذا تندرج القصيدة في سياق توزيع موسيقي سامفوني للبيت الحر أو قصيدة النثر"
(ص 165).
يبدو أن شروح وتعليقات مالارمي أرادت لنفسها أن تمكث في المستوى الشكلي
والبنائي للقصيدة ولم يهتم بمحتواها، بل ربما يجوز لنا دون أن نضخم من الأمر القول
أنه تحاشى الخوض في مضمون القصيدة وتصورها ووعيها قائلا : "Tout ce passe, par raccourci en hypothèse ; ou évite
le récit », p. 165."، فما هو سر هذه القصيدة وما
هو معناها ؟
تجمع كل الدارسات والأبحاث وهي عديدة*،
على أنها قصيدة في الوجود والصيرورة. يتعلق الأمر بمركب وعاصفة وخطر الغرق، في
ليلة ليلاء اصطدم فيها المركب بصخرة كبيرة. كل المجهود المبذول هو محاولة الخروج
من هذا اليم. الديكور رومانسي، دراما في وسط المحيط. لكن هناك " غائلة أخرى
اندلعت هذه المرة في الدماغ "* : ما هو القرار الحكيم الذي يجب
اتخاذه والحالة هذه ؟ نحن إذن أمام حركتين وعاصفتين وخطرين.
في لغة مكثفة وحادة تحاول القصيدة وصف الهاوية
(البحر، السماء، الليل/ السماء الذهني المشاعر...) وكتابة عمق البحر وزبده،
وكذلك بياض الورقة قبل موجات الكتابة.. ووصف ثريا السماء (النجوم) وثريا
القصيدة (الكلمات/ التركيب / العدد). هناك إذن ثلاثة تيمات في قصيدة "رمية
نرد" : حكاية غرق، عرض للتأمل الفلسفي الميتافيزيقي وتاريخ كتابتهما (ص 122، S. Assa).
حين أفكر في قصيدة مالارمي أجد نفسي أرمي رميات نرد
عديدة،أقامر وأغامر و أتساءل ما معنى "لن تبطل ؟" هذه الصيغة التي كتبت
بمفردها في آخر الصفحة (ص السابعة من القصيدة) : رمية نردٍ/ أبدا / لن تبطل/
الزهر.
حسب (S. Assa) يعود المعنى إلى اختيار
ميفيستوفيلينري : "أنا العقل الذي ينفي دوما"، عقل النفي، واللاموجود،
ذلك الذي يضع العالم دوما موضع شك. جدل ديالكتيكي، ينتهي دوما إلى التأكيد أو
الأصح إلى شبه التأكيد "كما لو" "comme si".
في القصيدة كل ما
قيل يميل إلى النفي لكنّه نفي تأكيدي . "لن تبطل أبدا" الصدفة: أي تؤكد
وجود الصدفة أو وجود الزهر.
ü
هل لي من زهر أو حظ في فهم هذه القصيدة ؟
هذه هي القصيدة برمتها :
1- رمية
نرد
(فراغ الصفحة)
2- أبــدا
(ثلاثة أبيات)
تهديد غائلة الغرق
خمس صفحات .........
3- لن
تبطل (في آخر
الصفحة 7)
--------------
------------
(7 صفحات)
4-
الزهــر في وسط
الصفحة
-----
-----
(4 صفحات).
القصيدة تقوم على أربع وحدات و تنقسم هذه الأخيرة إلى
شقين :
* الأول فلسفي يصف وجودنا بالهاوية والغائلة واليم الذي
يُهدد فيه بالفناء. فهل من زهر لنا في النجاة ؟ لا شيء يمكنه أن يقع إلا الموقع
الذي نحتله،، لا شيء يمكنه أن يحدث إلا في شكل ثريات، ربما... وهي نجوم صغيرة
مضيئة كالكتابة. هذه الأخيرة في قاموس مارمي تشبه الثريات لأنها تحصي وتعد وترسم
شكلا هو شكل سرب الثريات وتضعه في ما يسمى النص : غير المكتمل غير التام طبعا.
أيضا من مقولات النفي لدى مالارمي : لا شيء/ يمكن أن يقع
إلا الموقع. أو استثناءاً/ ربما / الثريات – لا شيء : بمعنى هاوية/ حُطمة
مُدوِّخة. هي سرة العالم. لا شيء في الموقع إلا الموقع، جملة سالبة تفيد التأكيد..
استثناءاً أي تأكيد الصدفة.
مقابل ذلك لا شيء في الكتابة سوى الكتابة،/ سوى ربما
الكتابة كرسم للثريات كدالة أو تعداد يمكنه أن يقع صدفة. هل هذه "المساحة الفارغة
والعالية" توجد في بداية أم نهاية العالم ؟ في بداية الكتابة أم نهاية
القصيدة. نهاية القصيدة ثريات هلامية مضيئة إذن.
عالم " رمية النرد" هو عالم افتراضي عرض حادث –خاضع
للصدفة- يمكنه أن يوجد ولا يوجد في آن
واحد أو أن يوجد أو لا يوجد، عالم شتات وهاوية لا ثبات فيه كالمحيط الهادئ، كالحُطمة
والكاووص الأصلي، فراغ لا يمكن لرمية نرد أن تحكمه (jamais N’Abolira)
أبدا لن تبطل.
مقابل ذلك هل يمكن للفكر أن يحطم الحُطمة، "إن كلّ
فكرة هي رمية نرد كما قال مالارمي، أي هي صدفة جديدة أي عدد محظوظ.
بهذا العدد المحظوظ والمصون في نفس الآن انشغل الفيلسوف
المعاصر كينتان ماياصو* Quentin Meillassoux (من مواليد 1967). لقد وردت
الإشارة إلى العدد (le nombre) والكلمات الحافة به صوتيا كالظل (l’ombre) والحساب والقسمة والعتمة (sombre)
كما جاء في الصفحة : (p. 171)
- L’ombre
enfouie dans la profondeur par cette voile alternative.
- comme on menace.
l’unique Nombre
qui ne peut pas (p. 172).
- hors d’anciens calculs (173).
- dans la tempête.
en reployer la
division et passes fier (ibid)
- celui
son ombre puérile
(174).
- au velours chiffonné pâr un escallement
sombre ;
LE NOMBRE
EXISTAT-il
Commençat –il et cessât-il
Se
chiffrât-il
Illuminât-il
Le HASARD (p. 183).
ü
إن العدد الذي فرض نفسه على ماياصو هو العدد 7، قصيدة "إلى العارية
المحرجة" (A la nue accablante) تتكون من سبعين كلمة وقصيدة
"تحية" (salut) تتكون من سبعة وسبعين. والحديث
أعلاه عن العدد يتكون من سبعة وحدات، وإذا رجعنا إلى الصفحتين 176 و177 فالأولى
تبدأ ب (comme si) والثانية تنتهي بها. وsi،
تحتل المرتبة السابعة في السلم الموسيقي (دو ري مي فا...)
[من هنا لا تجوز ترجمة الكلمة بـ كما لو ...إنما بـمثل النوطة سي...] والقصيدة
" رمية نرد أبدا لن تبطل الزهر"، عدد كلماتها سبع مائة وسبعة (707)، فـ7
(هو الله) رمز تيولوجي و0 (هو الحطمة أو الكاورص) و7 (القيمة الجديدة) : الفن (أو
الشعر على الخصوص) وهو نفس العدد (ميزان) عنوان القصيدة، الذي يكوّن بدن القصيدة
برمتها مثل بطن الطائرة كما أكده مهندسو طائرة البوينغ (707) حين قاسوا الرحلة الهندسية للسماء*(؟).
هل كل هذه
الحسابات والقسمات والأعداد صدفة ؟ ما قيمتها الفلسفية والفنية لدى مالارمي ؟ حسب Eric
Aeschiman
*،
حاول القرن 19 برمته (فلاسفة، وشعراء وأدباء) الانخراط في بناء تصور للعالم يكون
فيه الإنسان أو العقل أو الجمال هو القبلة. لكنه فشل ! وانبرى العلم بالدفاع عن الصدفة كقانون. فساد
اللامعقول واللامعنى في تصور العالم في شكل نفي / فتنة وسحر/ العالم : (désenchantement)
- أيمكن كتابة
"كتاب" يملأ هذا الفراغ وهذا النفي ؟
- أيمكن إبداع
قصيدة تُعيد فتنة العالم وسحره إلى الوجود ؟
لا يمكن لهذه
القصيدة أن تقوم لأن الميزان الشعري المسمى (Alexandrin)،
قد حُطّم تحطيما من طرف "الشعر الحر"، والقصيدة الموزونة قد اختل
ميزانها من طرف "قصيدة النثر". فباتت إشكالية مالارمي هي : أيمكن اختراع
ميزان (métrique) دقيق وضروري مثل
"الاسكندراني" واتفاقي صُدَفي مثل " الشعر الحر "؟ في آن واحد
؟ بعبارة أخرى كيف يمكن قبول إبطال الميزان بدون الإفراط في الشعر الموزون، وقبول
الشعر الحر بالبحث فيه أو له عن ميزان ؟ وما هو ميزانه ؟
الشاعر في
القصيدة كقبطان مَرْكب مهدد بالغرق، قُبيْل الكارثة يرمي (سيد المركب/ سيد
القصيدة) نرده في تحد أخير للخطر : انهيار نظام الأمس المركب وبروز حدث اللايقين
(الهاوية). انهيار " الميزان القديم" إبان أزمة البيت الشعري. أيمكن كشف
العدد (النرد) و"الميزان الجديد" الذي هو في طور التأسيس، هل يظهر ؟ هل يوجد
؟ هل يكشف عن البخت ؟؟ (G/E ص 183)، يبدو أن العدد
"سبعة" مرشح لذلك ؟
- حظوظ مالارمي السبعة :
حظي مالارمي بأكثر من سبع قراءات وتأويلات، نذكر
منها :
1-قراءة ديريدا
في كتاب " التشتت "*، وبالضبط في نص "la double
séance"
(جلستان في 26 فبراير و5 مارس 1969 مع مجموعة طلاب الدراسات النظرية).تعتمد هذه
القراءة على نصين اثنين الأول لأفلاطون من محاورة فيليب (Philèbe)،
والثاني المسمى (Mimique) لمالارمي، وعلى خمس استشهادات
مرقمة ومعلقة على السبورة في قاعة العروض.
لا ندري ما هي
العلاقة فيما بينها لأول وهلة، لكن إشكالية النص هي علاقة الأدب بالحقيقة.. هل
الخيال الأدبي قادر على كشف الحقيقة؟.
إذا انطلقنا من
نص أفلاطون سيغدو السؤال هو ما علاقة المحاكاة (Mimésis)
بالحقيقة ؟ وإذا انطلقنا في نص مالارمي سيكون السؤال هو ما علاقة الميم (Mimique)
بالحقيقة ؟
يستنفر ديريدا
العديد من المفاهيم الجديدة كالكتابة، والاختلاف، والتلقيم، والبكارة، والفُسحة
والبياض والإضافة... للوقوف على كنه إشكاليته : المحاكاة كتابة، الميم كتابة
صامتة، المحاكاة اختلاف مع الأصل / الميم تأجيل (différer)
للأصل، المحاكاة تلقيم (greffe) للمستويات الثلاث الميم تلقيم
للحركة على الصمت. المحاكاة غًلالة (hymen) الميم ذُبالة (flamme)
المحاكاة فضاء وبيضاء وإضافة الميم مسرح ومساحة وإشارة... بهذه المفاهيم يُشتت وينثُر
ويبذُر ديريدا نصوص أفلاطون ومالارمي، إلى أن يصل إلى "أزمة البيت
الشعري" (ص 336 وما يليها)، بالنسبة لمالارمي تخضع الممارسة الأدبية لضرورة
البيت الشعري والقافية ، هذا القانون العام يُمكنه أن يفصح عن الشيء ونقيضه أن
يجمع قافية الكلمة بصوتتها وحظيتها لإبداع مضامين جديدة. هناك دوما رميتان،
سقطتان، حظان.. دون القدرة على تقرير هذا الطرف على الآخر. في كل لحظة هناك
اختيارات، مسارات... لعب نيتشه ... ونار هيراقليطس، لعب الصدقة مع الضرورة، وبخت
الاحتمال مع القانون والحظ مع القاعدة. فما يبدو احتمالا وصدفة في اللغة يغدو
ضرورة في التركيب النصي (مترجم محلف/ مترجم حلوف – أو ثنائيات : سارة – بيصارة..)
(moire – mémoire/ grimoire - armoire)، الصدفة والضرورة في الشعر هي
صدفة الكلمات والصورة وضرورة الإيقاع والوزن، (ص 337) النموذج على ذلك ما يسمى بـ ....؟ Onomatopées (العلاقة الجميلة بين دلالة
الكلمة وشكلها وإيقاعها ونجاحها بالنسبة للعقل والأذن).
"فالشكل
المسمى شعرا هو نفسه بكل بساطة الأدب ؛ حينما " نفخم القول يكون شعرا وحين
يظهر الأسلوب يكون إيقاعا " (مارمي). و"الشعر، مُنظّم ومحدد لعب
الصفحات، هو سيد الكتاب، حيث تظهر كليته يبدو بارزا مرئيا من خلال الهوامش
والبيانات ؛ حتى ولو كان متواريا، آنذاك يمكن تسميته بالنثر، رغم أن الشعر يبقى
ماكثا في تتابع سري للموسيقى في احتياط الخطاب" (مالارمي).
أزمنة الشعر
عند مالارمي، حسب ديريدا هي أيضا أزمة إيقاع (Rythmos)
(ص 340). حين ينْكسر هذا الأخيـر في الوجود نَلِفُ أنفسنا وسط الهدْم واليم، وحين
يتأزم في الشعر يجد الأدب نفسه دون ركيزة ولا سنـد إلا ذاته، انكسار الإيقاع يحيل
على الصبيب، الانزيـاح ، الانحطاط، السقوط... " لقد أحْببت هذه الكلمة : إنه سقوط
أواندحار يتجلى في أواخر الصيف وبداية الخريف في السنة،أما في اليوم فيظهر مع غسق
المساء قُبيل انحدار الشمس وانطفائهـا. في الأدب يبدو مع انحطاط الشعـر في الأيام
الأخيرة لروما "(مالارمـي). كما يحيل على رمية نرد وضربة حظّ وسقوط زهر".
الشتاء هو النثر، مع التلألأ الخريفي يصمت الشعر [...] بمفـرده يُزهر الصمت بعد
القافية و" لا أحد يعرف قبل الرمية أو الضربة، التي تبطلهـا حين وقوعها، أي
وجه من الأوجه الست، سيسقط و من ثمة يظهر "./.
2- "الشعر
الجذري" وليس الشعر الخالص هو – حسب قراءة فرانسوا ليوطار* – ما يمنح للفكر
وجوده ووجهه، هذا ما نعثر عليه في قصيدة " رمية نرد". بألاَعيب جديدة
تسرق للغة وظيفتها النثرية والتواصلية، وتستقر داخل قدرتها على أن تترائى للناس
وتتجسد بدل أن تُقرأ وتُسمع فقط (ص 62).
نص القصيدة يُقرأ
ككل النصوص "فهو لا يتضمن أسرارا ولا بواطن".)*، ولكنه يتضمن خطية خاصة موزعة
بشكل خاص داخل فضاء الورقة. إن النص بهذه الطريقة هو الذي يتكلم لا الشاعر، لأنه
يوجد خارج كل الظروف ؛ أي في بداية الظرفية لذا فهو قادر على إنتاج "المفهوم
الجوهري" كموضوع حقيقي للشعر.
من آليات إنتاج
هذه المفاهيم الفلسفية الشاعرية : الحذف والإقصاء " في شكل هدم خطية الجملة
وتشتيتها، وفقدان الموضوع للغته، ما سماه دوسوسير "الاعتباطية" في علاقة
الدال بالمدلول يمكن نعته بالحذف أو الإقصاء أي التباعد المهول الذي يفصل اللغة عن
موضوعها. ويتركها في طهرانيتها ومثاليتها. لقد وصل مالارمي إلى التصورات الفلسفية
لا بواسطة المفهوم وإنما بمساعدة الحواس، " لقد توصلت إلى فكرة العدم بإحساسي
القوي بالفراغ "، وفي الإحساس لا تتجلى المعرفة بعديا فقط وإنما يظهرأيضا
الامتناع والمؤانسة. بين اللغة والموضوع هناك هذا الحذف أو التباعد أو
البياض أو الفراغ الذي يدل على دلالته من خلال منظوريته وفضائه المحسوس.
قصيدة "
رمية نرد" ترمي في اعتقاد ليوطار إلى القضاء على الاحتمال وعلى التردد وما هو
عرضي افتراضي، ببلورة خطاب مطلق وتأليف كتاب نهائي يشبه العدد الذي سيبطل بل سيحطم
الصدفة. وما الصدفة هنا سوى آخر اللغة أي وقوعها. وهذا أمر مستحيل. لا يمكن فصل
اللغة عن آخرها كما لا يمكن فصل الشيء عن اسمه ولا الفراغ عن محله. حين نملأ فراغ
الورقة البيضاء بالكتابة سيطرز سماؤها مثلما تفعل الثرايا في السماء. الكتابة
الأولى تسود البياض، أما الثانية فتبيضّ السواد. لكن مدادهما واحد هو الصدفة (ص
65)، البياض الأول هو غياب المعنى. ألم يقل مالارمي أن " البيت الشعري هو
الصدفة وقد تم قهرها كلمة كلمة " (ص 69). أي أن الشعر لا ينقل الأشياء
المرئية إنما يجعل الأشياء اللامرئية مرئية ؛ يمنح للخيال شكلا وللصفة ضرورة.
القصيدة في
أعين ليوطار شبيهة بالمرآة، فهي من جهة موضوع دلالة، في تركيب لغوي، يعكس الموضوع
المحسوس في مفهوم نسمعه، ومن جهة أخرى هي موضوع اندلال تشكيلي (بياض، خطوط..) يعكس
المفهوم في حسية نراها.
بهذا يخلص
تحليل ليوطار إلى أن قصيدة الصُّدفة تتكون من ثلاث أشكال: الصورة، البلاغة والخط،
كل صورة يحكمها المعنى والإيقاع.
3- في الفصل
السابع من كتابها*، وتحت عنوان الشعر والسلبية (poésie et
négativité)
(ص 185)، تتطرق جوليا كريستيفان إلى مفهوم "النفي"
كما حدده هيجل : " يشير النفْي إلى التعارض في كليته بما هو تعارض وتقابل
يرتكز على ذاته بمفردها : إنه الاختلاف المطلق بدون أي صلة بشيء آخر. وبما أن
النفي تعارض فهو نفي لكل هوية وبالتالي نفي لهويته ذاتها باعتبارها صلة بذاته.. إن
النفي ذات الهوية التي يسلبها " هذا مايربطه بممارسة دالة خاصة هي اللغة
الشعرية (شعرا كانت أم ونثرا).
بما أن النفي
اختلاف مطلق فهو في أساس كل ممارسة رمزية أو ممارسة سيميائية، انطلقت من نظرية
النفي والتكرار، منذ اليونان ( بارمنيد – الرواقية...) إنها نظرية تهم الخطأ (le faux)
واللاوجود (le non-être).
ما يُميز الخطاب حسب أفلاطون (اللوغوس) هو التعرف على الشيء، هو حضور الشيء
لذا لا يمكنه أن يكون نكرانا أي نفيا للشيء أو غيابا له. إن منطق الخطاب هو
أن يكون صحيحا أو خاطئا هو نفسه أو غيره، ولا يمكنه أن يكون هما معا. فما هو منفي
ومسلوب يكون أصل الخطاب لأنه أصل الاختلاف أي أصل الدلالة، لكنه لا يمكنه أن يكون
جزءا من الخطاب إلا كنفي كإقصاء كخطأ، كموت، كحمق... كثالث مرفوع. إن النفي إعدام
للكلام، لهذا يميز أفلاطون بين الكلام (parole) وبين الملفوظ (énoncer). هذا الأخير فوق الكلام أو خارج الكلام إنه "
سيمولاكر" إنه شبه كلام، إنه توضيب للكلام.
أليس الخطاب
الشعري من هذه الطينة ؟ ألا تكون " قصيدة الصدفة " ضد الكلام وبالتالي
خارج قانون الخطاب المنطقي.
" الخطاب الشعري، هو هذا الفضاء حيث يتشابك
الوجود واللاوجود بطريقة غريبة " (ص 190). حيث الملفوظ الشعري لا يخضع للنظام
النحوي ولا للبناء العباري الخطي للجملة :
Un coup de
dés
jamais
quand bien
même lancé dans de dés
circonstance
éternelles
du fond d’un
naufrage
soit
que
l’abime
blanchi
étale
furieux
sous une inclination
plane
désespérément
d’aide
la sienne…
(Mallarmé, un coup…).
لا يمكن فهم
هذا المقطع (وبالتالي) القصيدة برمتها ووفق منطق المعنى والتركيب والنحو، إن أثرها
ووقعها الشعري يوجد صدفة في سياق آخر، فيما بين الإثبات والنفي لا يمكن قراءته إلا
وفق فضاء محدد، وعلاقات مفاجئة، لا منطقية، لا يعرفها الخطاب العادي.. ربما وفق
سياق مسرحي درامي، يخضع لسينوغرافيا صارمة.. تسميها ج. كريستيفا الكتابة
البراغراماتية (paragrammatique)* (ص 204) أو الخورا السيميائية أو
(la chora sémiotique) "خورا" كلمة يونانية.
نعثر عليها في محاورة تيميوس (Timée) وهي كلمة ملتبسة، تعني الوعاء،
كما تعني الفضاء أو البون والفُرجة، فهي ليست وجودا ولا لاوجودا، إنما هي بين بين،
بين هذا وذاك. الخورا تمنح المكان والفضاء. فهي كبطن الأم (الرحم). " وبما أن
اللغة الشعرية تتراوح بين المنطقي واللامنطقي بين الواقعي واللاواقعي بين الوجود
واللاوجود بين الكلام واللاكلام " فهي لغة " خورية" أي
براغراماتية. تستعمل كريستينا هذه اللفظة أثناء تحليلها للاختلاف بين السيميائيات
والدوائر الرمزية، الخورا وسيلة لتوضيح الطابع الفالوكراطي (المركزية القضيبية)
للرموز في علاقتها باللغة. السيمياء لدى كريستيفا هي الوعاء والفضاء قبل العلاقة
أو الرمز إنه كالرحم الأمومي وعاء إنثوي مباشر في علاقته بالجسد. إنّ تحطيم خطية
الجملة وتشبثها على رحم الورقة يسمح بهذا الوصف الذي تقترحته كريستينا للكتابة لدى
مالارمي.
لقصيدة
"رمية نرد " عنوان فرعي هو : "مشهـد مسرحي، إﯕيثر القديم "*،
وهذا دليل على صلة القصيدة بقصيدة أخرى لمالارمي تدعى : "IGITUR
أو جُنون البَهْنُون"*. تتكون من سبعة أجزاء (رقم سبعة
مرة أخرى).
1- دراسة قديمة
2- أربعة أجزاء
3- منتصف الليل
4- يغادر غرفته
و..
5- حياة إﯕيتر
6- رمية نرد (في
القبر)
7- نيام في القبر*
هذا
الحكي يتوجه إلى ذكاء
القارئ الذي يُشهد الأشياء
في
ذات المشهد. س. م.
إبان
إقامته بأفينيون (1867/1871) بدأ مارمي كتابة هذا النص الغريب
والمعنون بـ "إﯕيتير أوجنون ألَبِهنون"*. إنه سردٌ عجائبي يحاول فيه إﯕتير النائم على
رُفات أجداده، وبعد أن شرب من قطرة العدم أن يحطم الصدفة بواسطة رمية نرد في منتصف
الليل. منتصف الليل وهو داخل العقل الإنساني في عمق الأشياء وفي إطلاقيتها.. يُدرك
بأن اللانهائي ينبثق من بطن الصدفة. ضدا على الرياضيين الذين يرفضونها. المطلق لا
يمكنه أن ينتهي إلا في اللانهائي، انطلاقا من الصدفة ثم بعد ذلك في خضم الضرورة، هنا
صدفة تمَّ الفعل الأول للكون ، كنَفَيٍ لذبالة الوجود، حيث بدأ كل شيء تقريبا بهذا
الشكل.
منتصف الليل هو
الزمان القابل والملائم لقراءة صدفة الالتئامات، هو الزمان الذي تنفصل فيه الثريا
عن البحر كعدمين متقابلين قابلين لكي يتشكل الحضور المطلق للأشياء منهما كجوهر
أصلي.
في قراءة أخرى ، يشكل مارمي في نظر فيليب صوليرس*،
قطيعة مع الأدب والبلاغة الفرنسيين السابقين عليه. قطيعة انطلقت من عمق فلسفي
(ماركس، نيتشه، كيركجارد) واستطيقي (ماني، سيزان...)، وتمركزت حول مفهوم الكتابة
ومحاولة منح فعل الكتابة وظيفته اللازمة حسب قول رولان بارث.
يمكن حصر ملامح
هذه القطيعة فيما يلي :
1- تجربة
مالارمي تجربة إنتاجية ونقدية تهم رمزية الكتاب (أي نهايته) وغياب الكتابة. ولا
يعني صوليرس بالرمزية الاتجاه الأدبي المعروف بالرمزية الملائمة لبعض الشعراء (...)،
إنما يقصد رمزية الكتاب والكتابة من خلال رُموزهما ودوالهما وترقيمهما، دون رسم
حدود بين الأجناس الأدبية.
إن مالارمي
شاعر تجريبي بامتياز.
2- ترتبط هذه
التجريبية بمصادرة مفادها غياب الكاتب من كتابته. أي قدرة المؤلف على الانسحاب من
الكتابة وترك هذه الأخيرة تتحكم في المعنى اللامشخص الذي يشبه ما عرف فيما بعد "بموت
المؤلف". وهو الأمر الذي نعثر عليه في قول مالارمي : "حين حفرت البيت
الشعري عثرت على أمرين، الأول هو العدم والثاني هو الموت. " فهذا العدم وهذا
الموت أو هذا العبث وهذا الجنون، يشكل أصعب ما في نص أﯕيتير. هذا الأخير
يعني في اللاتينية : إذن، وهو رابطة أخرى كتلك الموجودة في كوجيطو ديكارت :
"أنا أفكر إذن أنا موجود ". " أنا أكتب إذن أنا أفكر
في السؤال من أنا ". أﯕيتير هو اللغة النهائية* هو ملخص القول هو مكان للنفي
والغياب المنتج للمعنى. بحيث يتحول السؤال ما معنى هذا ؟ إلى السؤال هذا لا معنى
له إنما هذا يكتب ؟.
هكذا يؤسس
مالارمي شيئا جديدا من خلال الكتابة : نظرية في التأويل تتأسس على الكتابة بدل
اللغة. منتصف الليل هو أيضا زمان إيقاف رعشة الفكر العامة لا في دلالتها إنما في
حضورها، إنها الحلم الخالص لمنتصف الليل كما يبرزه الكتاب المفتوح فوق الطاولة في
كل صمته العتيق أي في ظله لا في كلماته.
في منتصف الليل
يكون المشهد.
s
رمية نرد (في القبر). في هذا المكان (قبر أم كتاب) الصدفة هي دوما ما تحقق فكرتها.
إما نفيا أو تأكيدا. في حضرتها يتساوى النفي والإيجاب، إنها تتضمن في العمق العبث،
تضمره ولا تدعه يظهر : هذا ما يسمح للنهائي بالوجود.
Le cornet est la corne de
licorne d unicorne.
وحينما تتم
الرمية أو الضربة وهما سيان، يغدو أﯕيتير مجنونا. يقبل بالفعل وبالفكرة من حيث هي فكرة، وكما
ينفي الحظ يستنتج بأن الفكرة كانت ضرورية، لكن أليس في هذا الأمر مسا من جنون، وفي
نفس الوقت وبنكران الصدفة، أليس هذا الجنون ضروريا. (لا أحد يعرف ذلك)؟
كان عِرْقُ أﯕيتير خالصا إلى حد
المطلق، ولم يترك من ورائه إلا فكرة تشي
بالضرورة. أما الفعل فكان عبثا، رغم أنه حركة تحولت صدفة إلى لا نهاية، هي بدورها
تم أخيرا تركيزها. في مشهد مسرحي حرك أﯕيتير النرد، قبل أن
يلتحق برفات أجداده، لكن الحركة فيه كانت منعدمة.. لذا ندرك إلتباسه. يغلق الكتاب
ويطفئ الشمعة بصوت / بنفس كان متضمنا للصدفة، وينام. حينها يختفي المطلق في
عِرقه.. في ماضيه لكنه صدفة ينبعث في مستقبله.
إكثير أعلى
تجسيد لعرقه، يُحس أن في ذاته، بعقل المطلق وجود المطلق، وفي عزلته نسي الكلام
الإنساني في طلاسمه والفكر في أنواره. ونور يعلن تكرار الصدفة وآخر يضيء حلمه. إلا
أنه أحس بلا جدوى الرمية : قد يكون ولا يكون الزهر، وحتى إذا ما تم اختزاله في
اللانهائي، فلابد أن يوجد الحظ فيه أو في مكان ما...
3- للغة
والكتابة علم عام هو النحو (ما يسميه ديريدا الكراما طولوجيا) والبلاغة، طي هذا
العلم العام يميز مالارمي بين الكلام والكتابة، بين القيمة الكلامية (وهي كتابة
دون أكسيسـوارات) والقيمية الكتبية. ويمنح لهذه الأخيرة أهمية ثلاثية ترتبط بتأسيس
القول (diction) والموسيقى والرقص، كمـا يبدو ذلك
على صفحات الكتاب أو على ركح المسرح، لأن كل من الكتاب والمسرح يملكان قدرة
التلميح والإشارة بدل قدرة التمثيل . إنها كتابة تتجاور و العالم الخارجي. فالْبقدر
الذي يبدو فيه هذا الأخير كتـابة فهو في حاجة إلى كتابة مجاورة تظهره وتدعه يستمر
كالمرآة.
3- القراءة
بالنسبة لمالارمي ممارسة ميؤوس منها، لأنها غريبة، فبدل البحث فيها عن التمثلات
يجب ولوج لُغة النص مباشرة والبحث فيها عن الذات : أي التواصل مع لغة القارئ. وذلك
لأن الكاتب قد انسحب من كتابه (لهذا يشبه مالارمي الكتاب بالقبر..) وتحول الكلام
إلى كتابة والزمان إلى فضاء. ثم تم تهييئ القارئ الذي سيؤكد الانتصار على الصدفة
والصمت.
5- رمية نرد
أبدا عن تبطل الزهر هي جملة واحدة، لكن القصيدة شتتتها وفتتتها تفتيتا. بهذه
العملية تحولت سطحية الجملة إلى جهاز معقد تتحكم فيه الصدفة والضرورة، اللعب
والقانون.. فلم نعد أمام حوار أو تواصل بقدر ما أصبحنا أمام تقابل وتضاعف الكتابة
والقارئ. الواحد يكمل الآخر والآخر يتزامن مع الأول. فالكتاب ليس شيئا آخر سوى
الانتقال من العالم إلى المسرح، إلى الظهور المسرحي للعالم كنص يقرأ : فبدل تسجيل
المعنى هناك انبثاق له عفويا على سطح الكتابة، وبدل كلام سابق هناك أصوات تشق
طريقها وبدل حقيقة جاهزة أو سر مكنون هناك نزعة أدبية خاضعة للعبة النرد والحظ
والزهر.
ختاما
وإلى حدوث ضرورة ما، ما زالت الصدفة هي القانون، في العلم في الفلسفة وفي
الشعر.
الصدفة هي
اقتران ظروف نجهلها لحدوث ضرورة.
والضرورة هي
اقتران ظروف نعلمها لنفي الصدفة.
الصدفة للكلمات
و الضرورة للوزن.
" الصدفة
ورمية النرد اللذان يفتحان النص الأدبي أو العالم أو الفكر...... لا يتعارضان
والضرورة الصارمة التي تنظم هذه الأفضية شْكلانيا. اللعبة هنا هي وحدة الصدفة
والقاعدة، وحدة البرنامج وبقيته أو فيضه، هذه اللعبة تسمى الأدب أو الفكر أو
الكتاب...
هكذا صدفة جاء
مالارمي وذهب سدى
هكذا لاحظ لي
صد...فة.
* - Mal-armé تعني حسب جان جنيه أن الشاعر لم يكن مسلحا بما فيه
الكفاية.
*- Sonia Assa, « Rien n’aura lieux que le
lieu » : une lecture du coup de dès, in littérature, N° 56, Paul
Valery, pp. 119-128.
* - Stéphane
Mallarmé, Poesie Grands Ecrivains
choisis par l’Academie concourt, 1986, p.164.
*- Préface, op. cite, p. 165.
* - إكثير، ينزل إلى دماغ الإنسان..،
ص 145، نفسه.
*- Quentin Meillassoux.
فيلسوف فرنسي يُدرس الفلسفة بالمدرسة العليا للأساتذة شارع أولم، لا يعتقد
في نهاية الميتافيزيقا بل على العكس يحاول تطوير الأنطولوجيا الرياضية لآلان باديو
A. Badiou واضعا أياها في سياق ما يمكن نعته
بميتافيزيقا الأعراض أو "métaphysique de la contingence".
*- 707
Boeing
*- Le
nouvel observateur, 2011.
*- Jacques Derrida, la dissémination, Ed. du Seuil,
1972.
* - J.F. Lyotard,
Discours, figure. Ed. Klincksieck, 1985.
* - « Mallarmé
n’est pas un auteur hermétique, c’est un auteur difficile ». J.Rancière
*
- Julia Kristeva ; recherche pour une sémanalyse, Ed. du Seuil 1969.
* - J. Kristeva,
op. cit. p. 202.
* - Paragrammatique :
- infinité du code.
- écriture – lecture
-
réseau de connexions.
Kristeva. op. cit. p. 114.
*.
Kristeva. op. cit. p. 114.
* -
Igiture : puis, donc, alors, en conséquence, par conséquent.
* - Philippe
Sollers, l’écriture et l’expérience des limites, Ed. Seuil, 1968.
- الذات هي النتيجة (igitur) الحتمية للغتها، إذن يجب دفع
اللغة إلى أقصاها لمعرفة هذه الذات، صولرس ، ص 42.
* -