بينما يملك الصحفيون والناشطون ضحايا التجسس كل الحق لرفع دعوى ضد انتهاك حرماتهم وسرية مراسلاتهم الخاصة، فإن وزارة الداخلية المغربية – في مفارقة غريبة – هي التي عمدت إلى تقديم شكوى ضد تقرير صادر عن منظمة الخصوصية الدولية وجمعية الحقوق الرقمية، التي تدين ما تمارسه السلطات المحلية من تجسس وتنصت.
في 8 مايو\أيار 2014، أعلنت وزارة الداخلية المغربية أنها “رفعت دعوى قضائية ضد أفراد أنجزوا ووزعوا تقريراً يوجه اتهامات خطيرة بالتجسس لأجهزة المخابرات”.
وجاءت تلك الشكوى في أعقاب التقرير الذي نشرته منظمة الخصوصية الدولية وجمعية الحقوق الرقمية بعنوان “عيون السلطة“، حيث تشير الشهادات المستقاة إلى وسائل التجسس التي تستخدمها الدولة المغربية ضد الصحفيين والناشطين الإعلاميين.
وفي هذا الصدد، قال غريغوري بوجيه، مدير مكتب وسائل الإعلام الجديدة، “بينما تشتد وتيرة القمع ضد الصحفيين في المغرب، فإن هذه الدعوى القضائية لا تنطوي إلا على هدف واحد أوحد: هو ترهيب أولئك الذين مازال التجسس عاجزاً على إخضاعهم للرقابة الذاتية والصمت. ففي بلد يشهد مثل هذه الممارسات، لا يمكن بأي حال من الأحوال ضمان حماية المصادر، التي تُعد من الأسس الضرورية التي تقوم عليها حرية الإعلام. ومن هذا المنطلق، تدعو مراسلون بلا حدود السلطات المغربية إلى سحب هذه الشكوى والكف عن ترهيب الصحفيين“.
من خلال شهادات أربعة من الصحفيين والنشطاء الإعلاميين الذين وقعوا ضحايا لتجسس الدولة المغربية، يُبرز التقرير الآثار السلبية لتلك الممارسات على عملهم الإخباري، حيث يروي علي أنوزلا، الصحفي المخضرم و”البطل الإعلامي“، تجاربه العديدة مع تجسس السلطات بدءاً بالتنصت على المكالمات الهاتفية ووصولاً إلى اختراق حساباته على الفيسبوك. وفي السياق ذاته، تم استهداف هشام الميرات وسامية الرزوقي وياسر كزار – الأعضاء السابقين في المجلة الإلكترونية “مامفاكينش” التي أُنشئت عام 2011 لتغطية أنشطة حركة 20 فبراير في المغرب – من خلال برامج تجسس قامت بتطويره وتسويقه شركة “هاكينغ تيم” المُدرجة في قائمة “أعداء الإنترنت” التي نشرتها منظمة مراسلون بلا حدود عام 2013.
كا يشير التقرير إلى استيراد المغرب لنظام تجسس شامل، على غرار ذلك الذي كان يستخدمه القذافي لمراقبة الشعب الليبي، وهو برنامج قادر على اختراق رسائل البريد الإلكتروني ورصد المعارضين والصحفيين على الشبكات الاجتماعية، علماً أنه من صُنع وتركيب شركة “أميسيس” الفرنسية، المُدرجة بدورها على قائمة “أعداء الإنترنت”.