-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

من سؤال فيلم"الزين اللي فيك" إلى أسئلة السينما :محمد الشغروشني

في البدء أحب أن أؤكد إلى أن الدفاع عن حرية التعبير والإبداع مبدأ وحق لا يمكن الجدال فيه وإن اختلفنا أحزابا وشيعا وفرقا وأفرادا، ذلك لأن هذا المبدأ مكفول بالمواثيق الدولية والدساتير الوطنية بل ومن أولويات الحقوق الإنسانية..ويبقى بعد ذلك التساؤل عن موضوع الاختلاف للنظر النقدي والموضوعي بعيدا عن متاهات الإيديولوجيا .تلك هي الخلفية التي أطرت الحوارات الفسبوكية التي جمعتني حول هذا الموضوع مع الكثير من الأصدقاء الذين يشاركونني نفس الرؤية، في جدل قديم جديد يتأسس على الائتلاف الفكري تارة والاختلاف العقلاني والموضوعي أحيانا أخرى، وحينئذ لانخشى في قول ما هو حقيقي لومة لائم ولو كان من الأقارب والأصلاب . ولأننا لانصادر حق الكلام في أحد، ونصغي السمع قبل أن نثير النقع ونشعل الحرائق، كان ضروريا أن ننتظر خروج هذا العفريت المسمى فيلم " الزين للي فيك " الذي أسفك المداد وأرعب القوم؛ فما موضوع هذا الفيلم، وما قيمته الجمالية والفنية والفكرية، وما القيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها للفيلموغرافيا المغربية..تلك بعض من أسئلة كثيرة يمكن مقاربتها الآن بعد مشاهدة الفيلم كاملا بكل الجرأة والموضوعية .
فيلم "الزين للي فيك" عبارة عن كولاج لجلسات عربدة ومجون وخلاعة مقيتة، من دون فكرة أو حكاية أو حبكة أو سيناريو، لقطات طويلة لحد الاشمئزاز والمقت والغثيان بحوارات مجانية أو هي  هلوسات العربدة، لا شخصيات ولا بناء درامي، وبدون رؤية لا فنية ولا فكرية ولا جمالية ولا تمثيلية ولا تقنية، فقط أراد المخرج أن يوهمنا بأنه يشتغل على شريط يتوسط المسافة بين الوثائقي والتخييلي بكاميرا محمولة كأنها تصور واقع المواخير وبيوت الدعارة،غير أنه أضاع مشيته ومشية الحمامة، وأنتج تمرينا في الرداءة، حيث تبدو الوقائع المصورة حتى لا نقول الأحداث منزلة تنزيلا من خيال مضطرب ومشوش، لا يمتلك أي نسق أو سياق، ذلك أن الأعمال الفنية السمعية البصرية أو الأدبية التي اتخذت اللذة أو الجنس موضوعا لها، غالبا ما تجد لهذه اللقطات أو المشاهد أو الفصول مبررا موضوعيا لها، ينسجم مع سياق العمل موضوعه،وبالتالي فإن أغلى ما في هذا الفيلم هو شريطه الخام . ويبقى السؤال الأساسي حول خلفيات استقبال هذا الفيلم في مهرجان "كان"، فهذا الكم من التلوث السمعي البصري تم عرضه ضمن أسبوع المخرجين في دورة سنة 2015 من مهرجان "كان" وهنا يكمن العجب والسؤال، الذي لا يعرف جوابه إلا القائمون والمنظمون لهذا المهرجان العتيد في السينما العالمية، والذي بدأ يتحول بهذا الصنيع للدعاية وإشهار الرداءة .
 على مستوى التمثيل قد لا نجد لكل العامين في الفيلم عذرا، سوى تلك الفتيات المغرر بهن واللواتي هن في حاجة إلى الشفقة قبل اللوم والسباب، ذلك لأن واقع السينما المغربية يشي بالكثير من الاختلالات، لعل من أبرزها اصطياد فتيات يحببن الشهرة وارتياد عالم الأضواء بدون علم أو معرفة، وتشغيلهن في أدوار تافهة بأبخس الأثمان، وهنا تكمن إحدى معضلات السينما المغربية، بالإضافة إلى اختلالات لجان الدعم بالمركز السينمائي المغربي، فالسيناريو الذي يوضع للدعم ليس هو السيناريو الذي يتم تصويره وإخراجه، والسيناريو الذي يتم توضيبه ليس هو الفيلم الذي سيتم عرضه للجمهور، ومراقبة وافتحاص الإنتاج وما بعده تفتح الباب لألف سؤال وسؤال..فردءاة بهذا المستوى في السينما المغربية ـ بغض النظر عن الأفلام المدعمة من الدولة أو غير المدعمة ـ لها حظ وافر لم يعالج لا نقديا ولا مؤسساتيا بالشكل المطلوب والناجع، والارتجال في إنتاجنا السينمائي المغربي أمر مشاع ومعروف..ومن هنا يكون سؤال المهنية والحرفية في الإنتاج السمعي البصري عموما والسينمائي بوجه خاص مشروعا وملحا .
هبني متلقيا بسيطا أو مهتما أو من دافعي الضرائب أسائل واقعا سينمائيا مغربيا، لازال فيه المخرج كاتبا للسيناريو ومنتجا بدعم أو متصرفا في الدعم على الأصح وممثلا أحيانا، بأي منظور يرى هذه السينما المغربية ولأية أهداف تنتج وبأية رؤية، وما حظ الأدب المغربي منها، وماذا حققت على المستوى الدولي والمحلي، الغريب أن الجواب سيكون بالصمت أو السلب، ما معنى أن يقدم السيناريو للجان الدعم باللغة الفرنسية في بلد بلغتين مدسترتين العربية والأمازيغية، بل والأدهى والأمر بدون حوار، ذاك الحوار الذي سيتم إنتاجة ارتجاليا في مراقع التصوير؛ كل هذه الأسئلة وغيرها تنبع من بياضات هذا الفيلم ولقطات صمته المريب.
وبالعودة إلى الضجة التي أثارها الفيلم على إثر تسريب بعض المقاطع منه، يتبين بأن الضجة مفتعلة ومقصودة إلى حد كبير، ذلك أن عملا من هذا القبيل وبهذه التفاهة التي فصلنا القول فيها، لن ينال من أخلاقيات المغاربة ولا من سلوكياتهم، ولن يزحزحهم عن معتقدهم قيد أنملة، لقد عرضت في القاعات السينمائية أفلام وأفلام ناقشت الجنس والدين وأشياء أخرى، ولم يتغيرالمغاربة كما يدعي البعض ممن يريدون أن يصبحوا أوصياء على الناس، في زمن انتفت فيه الوصاية وغدت المعلومة ملكا مشاعا للجميع، ولكل جريدته أو جداره الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا