الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تندد بالتجاوزات
التي تسود العمليات الانتخابية، والقمع الذي يواجه به المقاطعون للانتخابات، وتطالب
الدولة المغربية بتحمل
مسؤولياتها كاملة، بفتح تحقيق بشأنها وتطبيق القانون
في إطار مهام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وأدوارها
في حماية حقوق الإنسان، والنهوض بها، فإنها حريصة على متابعة مجريات العمليات الانتخابية
التي يشهدها المغرب حاليا، والتي تسجل بشأنها بعض الملاحظات الأولية لإثارة انتباه
المسؤولين، والرأي العام إلى خطورتها في انتظار إنجازها لتقرير شامل عقب الانتهاء منها.
ومن خلال متابعتها للأخبار والمعلومات التي تتوصل
بها، سواء من خلال فروعها أو من خلال ما تنشره وسائل الإعلام المكتوبة والإلكترونية،
فإنها لاحظت ما يلي:
1/ الأجواء المشحونة التي مرت فيها انتخابات
مكاتب الغرف المهنية والتجارية والفلاحية والصناعية، والتي كانت مطبوعة في مجملها ــ
حسب الاتهامات المتبادلة بين الفرقاء السياسيين ــ باستعمال المال، وباللجوء إلى العنف
والتخريب في عدد من الجهات، وهو مؤشر على عدم سلامة ونزاهة هذه الانتخابات، والتي وقفت
عليها وانتقدتها عدد من القوى المشاركة فيها والمقاطعة لها، من حيث الإبقاء على الإشراف
المباشر لوزارة الداخلية على العملية، واعتماد
اللوائح المطعون في سلامتها بدل الاقتصار على البطاقة الوطنية في عملية التصويت،
وكذلك استمرار مظاهر الفساد المتمثل في استعمال المال وتوزيع المؤن والمواد الغذائية
لاستمالة الأصوات، وتدخل بعض رجالات وأعوان السلطة للتأثير في سير العملية الانتخابية؛
2/ الحياد السلبي للسلطات المعنية في تعاطيها
مع هذه الأجواء وعدم تحملها لمسؤولياتها في ضمان حقوق كافة مكونات العملية الانتخابية
على قدم المساواة؛
3/ التوتر الذي يطبع سير الحملة الانتخابية
الجماعية والجهوية التي ستجري يوم 4 شتنبر 2015 والتي انطلقت يوم 22 غشت 2015 ويتميز
بـ:
ــ استغلال بعض الأحزاب لممتلكات الدولة في الحملة الانتخابية في خرق سافر للقانون الانتخابي؛
ــ استعمال المال لشراء أصوات الناخبين واستمالتهم،
وإشراك أطفال ومواطنين مأجورين في الحملة الانتخابية؛
ــ اللجوء إلى العنف والتهديد والاعتداء الجسدي،
في بعض الدوائر الانتخابية بعدد من المدن، إلى حد استعمال الأسلحة البيضاء مما أسفر
عن عدد من الجرحى كما وقع بمدينة الدار البيضاء والناظور وإقليم شفشاون...
ــ الزج بالطفولة في معمعان التنافس الانتخابي،
من طرف العديد من الأحزاب، في اعتداء صارخ على براءتها، وفي مخالفة صريحة للقانون الذي
يوجب سن الرشد للمشاركة السياسية في العمليات الانتخابية؛
ــ التردد الذي يطبع تعاطي الدولة مع الشكايات الموضوعة
ضد بعض أعوان السلطة حيث كشفت اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات من بلوغ عدد الشكايات
128 شكاية، تم حفظ 83 منها، ولازال البحث جاريا بشأن 42 شكاية، ولم يتم تحريك المتابعة
سوى في 3 شكايات، وذلك إلى حدود يوم 25 غشت 2015؛
ــ الكيل بمكيالين في تعاطي مصالح وزارة الداخلية
مع اللوائح الإضافية من حيث أهلية أو عدم أهلية المترشحين وهو ما احتجت عليه عدد من
الهيئات السياسية كما هو الشأن بالنسبة لفدرالية اليسار الديمقراطي والاتحاد الاشتراكي
للقوات الشعبية، وغيرهما؛
كما تابعت الجمعية ومعها الرأي العام، بكثير من
الاستنكار، التعسفات والتضييقات التي طالت حزب النهج الديمقراطي واعتقال عدد من أطره
ومناضليه بكل من مدن صفرو، والدار البيضاء،
والرباط ، وسلا، وبويزكارن، وشيشاوة، وبجعد، والقنيطرة، ومراكش، وتمارة... وإطلاق سراحهم
بعد إنجاز محاضر استماع لبعضهم مما قد يعرضهم للمتابعة القضائية بسبب تعبيرهم عن رأيهم، وممارسة حقهم في إيصال موقف
حزبهم المقاطع للانتخابات من خلال توزيع مناشير وجريدة الحزب، وهو ما يشكل اعتداء صريحا
على حرية التعبير وفرضا للسلطات للرأي الواحد بخصوص المشاركة في الانتخابات؛
والمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان،
أمام هذه التجاوزات التي تعرفها العمليات الانتخابية الجارية، يعبر عن ما يلي:
أولا، استغرابه لسلوك الدولة المغربية في عدم تحمل
مسؤوليتها الكاملة في وقف جميع أشكال التجاوز التي تمس العمليات الانتخابية، وهي بذلك
تظل طرفا متواطئا في افتقاد هذه الانتخابات للسلامة والنزاهة المفروض توفرهما فيها؛
ثانيا، شجبه لكل أشكال العنف المادي والمعنوي الذي
يشوب سير العملية الانتخابية؛
ثالثا، تنديده بالقمع الذي طال أطر وأعضاء حزب النهج
الديموقراطي للحيلولة دون تمكينهم من إيصال موقفهم المقاطع للانتخابات وتعبئة المواطنات
والمواطنين للاقتناع بجدواه؛
رابعا، تأكيده أن الدولة ملزمة باحترام التزاماتها
وتعهداتها الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان، والمفروض أن تمكن جميع مكونات المجتمع
من تبليغ موقفها ليس فقط بالمنشورات وطرق أبواب المنازل بل وكذلك بالاستفادة من الدعم
العمومي، ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية إسوة بالداعين إلى المشاركة؛
خامسا، مطالبة مختلف القوى المدافعة عن حقوق الإنسان
التحرك العاجل للحد من هذه التجاوزات التي لن تكون نتائجها إلا الإبقاء على دولة اللاقانون
التي لا تقيم وزنا لحقوق وكرامة مواطناتها ومواطنيها.
المكتب المركزي
الرباط في 28 غشت 2015