نقاد يناقشون "شيء من حتى" بمدينة وزان
المغرب – وزان
احتضنت قاعة دار الشباب المسيرة بمدينة وزان مساء يوم الثلاثاء 12 يناير،
جلسة نقدية حول مجموعة "شيء من حتى" للقاص محمد لغويبي، التي جاءت في إطار مشروع "القراءة متعة" التي تشرف عليه حركة الطفولة الشعبية بوزان. اللقاء قدمه وسيره الأستاذ والباحث في مجال التربية مصطفى الخراز، الذي أشار في تقديمه إلى أهمية عقد مثل هذه اللقاءات التي تهتم بالكتاب وتحث على أهمية القراءة، خصوصا في ظل عزوف عن القراءة، وما تعرفه المدرسة المغربية من أزم قرائية.
الجلسة النقدية افتتحها الناقد والباحث في التراث العربي الدكتور المعتمد الخراز بورقة موسومة بـ"جمالية القص في مجموعة (شيء من حتى)"، أكد فيها أن قصص المجموعة تقيم فيما بينها نسقا خفيا ويجمعها خيط ناظم، يتمثل أولا في وجود وحدة تجربة الشخوص ومصيرها لأنها تعيش حالة التشذر والشتات وتنتهي إلى العجز والخيبة، وثانيا في رهان القاص على خوض مغامرة التجريب التي تجلت في مستوى اللغة والتصوير والبناء ومحاورة نصوص سردية والتركيز على الهامش. بعدها قام المعتمد الخراز بقراءة تحليلة وسيميائية في قصص المجموعة، راصدا أربعة أشكال بنائية اعتمدها القاص في نصوصه: أولا "البناء المقطعي" الذي وظفه في قصة "قطعة من سكر" وكشف عن دلالة مجموعة من الرموز الموظفة فيها مثل "السكر" و"الجب" كما كشف عن النصوص الفلسفية والدينية الغائبة في القصة . ثانيا "البناء المتوازي" وتحقق في قصة "رأسا على عقب" التي سردت حكايتين متوازيتين، تتفقان في بعض السمات وتختلفان في أخرى. ثالثا "البناء الدائري" الذي اتخذ مظهرين أولهما تكرار نفس العبارة في بداية القصة ونهايتها وقد تحقق في قصة "المؤامرة العاشرة"، وثانيهما تقديم السارد جوابا عن سؤال تستهل به القصة، ومثاله قصة"مقامة بين قوسين". رابعا "البناء التفاعلي" الذي ساهم ت في تشكله تقنية المتاقص، وقد تجلى هذا الشكل البنائي في قصة "بيت من زجاج". وختم الناقد مداخلته بقراءة في عنوان المجموعة القصصية الذي استند على التراث النحوي، مستحضرا عددا من النصوص السردية التي سلكت نفس الاختيار الجمالي في تشكيل العنوان.
المداخلة الثانية تقدم بها الأستاذ لحسن المعروفي، الذي حدد ثلاث مداخل لورقته، المدخل الأول تعلق بعناوين القصص التي قدم فيها قراءة تركيبية شاعرية، والمدخل الثاني قدم فيه قراءة سيميائية دلالية لنصوص المجموعة القصصة، حيث ابتدأ بالغلاف الذي اختفت فيه ملامح الصورة والنظام، أما المدخل الثالث فحاول من خلاله الكشف عن الخفليات الفكرية والإيديولوجية للكاتب، حيث اعتبر أن قصة "قطعة من سكر" تحيل على تجربة نيتشه الفلسفية، وقصة "على مرمى حجر" اعتبرها أقرب إلى تجربة حي بن يقظان، أما قصة "الذهاب مع الريح" فتكشف عن الميول الاشتراكية واليسارية للكاتب، في حين تخفي قصة "الفصل الخامس من الحلم" خلفية سيكولوجية.
وفي ورقة بعنوان "المغامرة" قدم الأستاذ والباحث في مجال الفلسفة هشام بومداسة المداخلة الثالثة، الذي أكد فيها أن هذا العمل يأتي بعد مجموعتين قصصيتين سابقتين للكاتب وكتاب يضم عددا من المقالات. وقد اعتبر المتدخل أن كتابة لغويبي تتسم بالمغامرة، مغامرة النشر على نفقته الخاصة، ومغامرة الكتابة في زمن تهيمن عليه الصورة والتكنولوجيا. وهذا ما يستدعي – حسب الباحث - احترام هذه التجربة التي اتسمت على بتنوع على مستوى الشكل، وقد وسم قصة لغويبي ب"القصة الذرية"، التي اعتمد فيها المشهدية، وإدخال القارئ في العمل الأدبي (كسر الجدار الرابع)، والاهتمام بالأمكنية، كما اتسمت بحضور المرأة الأنثى، والاشتغال على التجريد والرمز والتناص.
وختم اللقاء بكلمة ألقاها القاص المحتفى به، أكد فيها سعادته بعقد هذه الجلسة النقدية التي ساهم فيها نخبة من النقاد، وساهم في إعدادها بعض محبي الثقافة، كما أكد على ضرورة ارتباط الأدب بالمجتمع، ليختم كلمته بقراءة نص "حبر على ورق".