لقاء
ثقافي بسيدي سليمان حول رواية "بيضة العقر" لمحمد الهجابي
ويرصد
هذا العمل الروائي الجديد لمحمد الهجابي فترة مفصلية من تاريخ المغرب الراهن (وفي ذلك
تتصادى هذه التجربة المتميزة مع تجارب أخرى على امتداد الخارطة العربية)، ويهم الأمر
سنوات ما بين 1978 و1983 مروراً بأحداث 1981. فبعد بدايات السبعينات من القرن العشرين
(النصف الأول من عقد السبعينات)، والتي اتسمت بحدة الصراع بين فصائل اليسار المغربي
بعامة واليسار الجديد بخاصة ("منظمة 23 مارس" و"منظمة إلى الأمام"
وحركة "لنخدم الشعب"..)، والتي أدت إلى استفحال مظاهر قمع الحريات العامة
والتضييق على العمل السياسي والنقابي والزج بآلاف المناضلين في السجون والدفع بآخرين
إلى الانتشار بالمنافي خارج البلاد..بعد هذه الفترة الصعبة من تاريخ المغرب على عهد
الملك الحسن الثاني، أفضى الوضع السياسي إلى قدر من الانفراج بسبب مصلحة الطرفين الأساسيين
في إيجاد مخارج تناسب موازين القوى الفعلية والمختلفة على أرض الواقع. والرواية إذ
تعرض لهذه الفترة الدقيقة لم تضع على عاتقها مهمة تأريخية ما، فهي أبعد من ذلك.وكما
ورد في التنبيه الذي ثبته محمد الهجابي فالرواية هذه "ليست محض حكاية شخوص روائية
على ورق، حتى وإن بدا أن الأمر كذلك. هي بالأحرى تجربة في الحياة والسياسة والحب. أبطالها
رفاق شباب التقوا، ذات تاريخ، ضمن مسار مشترك عمدته الرغبة في تحقيق أحلام بسعة جموح
أفراس البراري والنجود. والحكاية لا تنقل الوقائع كما حصلت تماماً في فترة مفصلية من
تاريخ المغرب الراهن؛ نهاية سبعينات القرن العشرين. إنها ليست تأريخاً. لا تدعي ذلك
بالمرة. كما أنها، وهي تعرض لحيوات شخوصها الروائية، فإنها لا تزعم أنها لم تستخدم
بعضاً من أدوات الجراحة والتشريح الطبيين من مبزغ ومشرط ومبضع ومبط، وما شابه، في جسم
هذه الحيوات لغايات النأي بها، قدر الإمكان، عما قد يماثلها في التجربة العيانية. الأدوات
هاته فعلت فعلها تعديلاً وتحويراً ومداورةً وتطبيباً، لا مشاحة في الأمر. وفي كل الأحوال،
يكون خاطئاً من يُخرج إطار الحكاية عن إطار التخييل. هذا التنبيه ضروري كي لا يجري
تحميل الحكاية ما لا تستطيع تحمله، ما يتجاوزها بكثير. إنها، قبل هذا وذاك، مجرد سرد
تخييلي، أو تخييل سردي إن شئتم، حتى وإن قام معماره على وقائع جرت."